الجريدة اليومية الأولى في البحرين


حديث القلب

ساعة الصفر

تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢

حامد عزة الصياد



السوريون مهددون بالأسلحة الكيماوية.
فيما أشعل الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الضوء الأحمر في نقل «الأسد» للأسلحة الكيماوية إلى مطارات عسكرية صحراوية تقع على الحدود الإسرائيلية، أعلن «جهاد مقدسي» المتحدث باسم خارجية النظام أن نظام دمشق لن يستعملها إلا إذا تعرض لهجوم من خارج القطر السوري.
تصريحات الجانب الأمريكي تأرجحت بين الصمت الطويل على ظلم طاغية الشام للشعب السوري، واعلان تحذيره ورحيله وحق هذا الشعب في الغد الواعد بديموقراطية أفضل، وإلا أصبح كلام «أوباما» ان لم يؤت أكله، مجرد ورقة مهملة كما حدث بالنسبة إلى كثير من مقترحات بعثات المراقبين للجامعة العربية والقبعات الزرق للأمم المتحدة.
هذه التصريحات تفتقد التحليل المطلق لخلوها من الجدية في تحديد ساعة الصفر بزوال نظام «الأسد»، وهي في الأساس تترك للدلالة على أن يخرج منها شبه من تصريحات الغربيين الشخصية، حيث سئمنا تكرارها على مدار 18 شهرا، ولم تسبب حرجا لأصحابها، بل ألحقت العار بهم لأنهم اقدر الناس من غيرهم على إيقاف هذه المجازر البشعة، والإبادات الجماعية، والتهجير القسري لـ3 ملايين سوري في الداخل والخارج.
ظاهر كلام «أوباما»، هو إعطاء مزيد من الوقت للنظام كي يستمتع الغرب والأمريكان بالفرجة على الدماء التي تسيل أنهارا من الشعب السوري، وهو يذبح كالنعاج بسكاكين أحفاد «عبدالله بن سبأ» وتوابعه، بينما يظهر سيد البيت الأبيض قدرا من التعاطف أو الخوف من حماقات ربما يقدم عليها نظام «الأسد».
باطن كلام الأمريكان، هو دعوة صريحة لإسرائيل كي تتدخل عسكريا تحت ستار تأمين مخزون الأسلحة الاستراتيجية بما فيها السلاحان الكيميائي والبيولوجي بذريعة عدم وقوعها في يد عصابات الإرهاب في لبنان، لكن واقع التدخل الإسرائيلي على الأرض في سوريا إن حدث، هو بلا شك حماية للأسد ونظامه من السقوط.
كان لابد من إعادة النظر في الأدوات التي يستعملها أطراف الصراع في سوريا، لكن ساعة الخلاص باتت ثوابت راسخة على بوابة الصراع العربي الإسرائيلي، وشعارات زائفة أطلقتها عائلة صفوية مصاصة للدماء قدمت من فارس تسمى «الوحش» لتستوطن سوريا كما تقول عشرات الروايات على الشبكة العنكبوتية ثم تقوم بتغيير اسمها لـ «الأسد» لتحكم الناس على مدى 50 عاما بالفتوحات الوهمية، وتصدرهم المشهد بريادة دول الممانعة والصمود والتصدي، ولم نشهد منهم موقفا عروبيا ملموسا ضد الكيان الصهيوني يبرهن على أنهم عرب أو رواد لهذه الممانعة، وقد باعوا لإسرائيل أرضا عربية في الجولان لا تقدر بثمن، فكيف يمكن لـ«جهاد مقدسي» المتحدث الرسمي باسم خارجية «الأسد» أن يشير إلى إمكانية استعمال هذه الأسلحة في حال تعرض النظام للتدخل الخارجي؟
تلاسن سخيف، ومؤامرات، وخيانات، الغرض منه إفساح المجال لإسرائيل باحتلال سوريا، أو دفعها إلى حرب أهلية، أو لإحداث فوضى عارمة فيها لا يستفيد منها الثوار بعد رحيل « الأسد».
لكن ما هي المنجزات التي سيحققها المجتمع الدولي من الأزمة السورية؟
سؤال يطرح نفسه بقوة بعد نقل «الأسد» للأسلحة الكيماوية، لكن في حلبة السباق فيمن يسيطر على معابر الحدود السورية مع الجيران، تنشط المقايضات والمساومات والمؤامرات على حدود العراق ولبنان، ولاسيما بعد احتدام الصراع بين الجيش السوري الحر وشبيحة الأسد في معارك كر وفر في شوارع دمشق والسيطرة شبه الكاملة على مدينة حلب.