الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة:
علينا أن نبحث عن الفقراء ونوصل إليهم زكاتنا وصدقاتنا

تاريخ النشر : السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق: في رمضان تقبل قلوب العباد على الله تعالى رب العباد، يفرون إليه، ويرجون رحمته، ويرجعون إلى عبادته منيبين تائبين مستغفرين، نادمين مقلعين عن الذنوب، ورمضان فرصة لمضاعفة الجهد في العبادة والطاعة، وفرصة لإثقال الموازين بالحسنات وثواب الأعمال الصالحات، فهنيئاً لمن وفق للاستزادة من عطاء الله وفضله.
قال الله عز وجل: «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ».
وقال سبحانه: «فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ».
فمن رجحت حسناته على سيئاته، فهو في عيشة راضية، أي في الجنة. وأما من رجحت سيئاته على حسناته، ولم تكن له حسنات تقاوم سيئاته، فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم والعياذ بالله. وكل ذلك وفق منهج العدل الإلهي.
قال الله تعالى: «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ».
وقال سبحانه: «ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل:
«يَاعِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ».
ومن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين وفضله عليهم ولطفه بهم أنه سبحانه يضاعف لهم الحسنة وأما السيئة فتكتب واحدة:
قال تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً».
فالله جل في علاه يعامل حسنات العباد على قاعدة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء.
كما في قوله سبحانه: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ».
إلا أن هناك ثلاث طاعات لا تدخل في هذه القاعدة لعظمها، فأجرها وثوابها من الله تعالى من غير حساب ولا ميزان ولا حدود:
أولها: الصيام لقوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل:
«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
ثانيها: الصبر، لقوله تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
قال المفسرون وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها، فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، قال الإمام الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفا.
ثالثها: العفو عن الناس لقول الله تعالى: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه». فيجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا بلا حدود، فضل الله يؤتيه من يشاء.
فصوموا لله تعالى إيمانا واحتسابا، واصبروا على أقدار الله المحزنة والمصائب وتقلبات الأحوال والصبر على طاعة الله وعن معصيته، واعفوا واصفحوا عمن ظلمكم أو أساء إليكم أو أخطأ في حقكم بعمد أو بغير عمد، لكي تحظوا بهذا الفضل والعطاء.?
ونحن في شهر الجود والبذل والعطاء علينا أن نبحث عن الفقراء والمحتاجين والأسر المتعففة، ونوصل إليهم زكاتنا وصدقاتنا، وألا ننتظر سؤالهم ومجيئهم إلينا.
وعلى سائر الجمعيات الخيرية أن تفتش وتبحث عن هؤلاء المحتاجين وتقديم المساعدات لهم، وحفظ ماء وجوههم، لكي لا يضطروا الى ذل السؤال والطلب، وإعطاء الجميع من دون تمييز ولا محاباة، فالأموال التي عند الجمعيات هي أموال المحسنين والمتصدقين وأنتم أمناء عليها، لأن هناك من يشتكي بأنهم يذلون على أبواب الجمعيات وأن هناك وساطات ومحسوبيات، فاتقوا الله في هؤلاء.
وعلى الدولة بمؤسساتها كوزارة التنمية وغيرها أن يتحروا ويبحثوا عن المحتاجين وتقديم المساعدات لهم وحفظ كرامتهم، فكرامة المواطن من كرامة الدولة، فكل معلومات المواطنين وحساباتهم ومعاشاتهم وأماكن سكنهم وتواجدهم معلومة وموجودة عند الدولة، فهي عملية سهلة، وألا تتكرر الأخطاء كما حصل في صرف علاوة الغلاء، فمع كونها علاوة بسيطة إلا أنها لم تصرف لجميع المواطنين، وكانت هنا استثناءات والأصل أن تصرف للجميع هذا هو العدل، وحصل في إجراءات صرفها شيء من الإذلال والإحراج للناس.
هنا يجب على جميع المسئولين من وزراء وغيرهم التسهيل على المواطنين وقضاء حوائجهم وانجاز معاملاتهم بكل دقة وسرعة، وليعلم كل مسئول أنه خادم للوطن والمواطنين، ولم يكلف بهذا المنصب إلا لخدمة الناس والتسهيل عليهم.