أخبار البحرين
في خطبة الجمعة:
الشيخ صلاح الجودر يدعو خطباء المنابر الدينية والسياسية إلى التوقف عن التحريض
تاريخ النشر : السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
قال الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير بقلالي في خطبة الجمعة أمس:
ما أحوج العبد في شهر رمضان الكريم إلى وقفة تأمل ومراجعة ومحاسبة، من أجل التغيير والتصحيح، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين) أخرجه الترمذي، وفي رواية أخرى: (وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار).
من أجلِ مزيد من التأمل، هل تأملتم في دعاء يردده المسلمون في صلواتهم، دعاء يؤثر في القلوب الحية «اللهم اجعله شاهدا لنا، لا شاهدا علينا»، هل تأملتم هذا الدعاء جيداً وتساءلتم هل سيشهد لنا أو علينا؟!، فإذا كانت الأيام ستشهد، والليالي ستشهد، والجوارح ستشهد، والأماكن ستشهد، فإن رمضان شهر الشهادة، فشهادة شهر رمضان غير مجروحة، فهو يشهد على ما استودعه الناس من الأعمال.
شهر رمضان هو شهر الصوم والصبر، ومن أجل مزيد من التأمل والنظر في الشهادةِ الرمضانية فلتتأملوا في بعض خصائص الصيام وأحوال الصائمين، فالصوم عبادة بين العبد وربه، وقد اختصه الله لنفسه كما جاء في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزِي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي).
إن منهج التغيير وبرنامج الإصلاح يتمثل في قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد:11)، ليس التغير والإصلاح بالاكتفاء بنقد الآخرين، على المسلم الذي ينشد التغير والإصلاح أن يبدأ بنقد نفسه، فيحفظ وقته وشريف أيامه، ويستغل هذا الشهر من أجل التغير، فنبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم) هو قائد التغير والإصلاح، فقد جعل شهر رمضان فرصة للتغير والاجتهاد، تقول عائشة (رضي الله عنها): كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره.
ولم يقف الشارع الحكيم عند الصوم وتحريم تناول المباحات والطيبات فحسب، بل حرم كل ما ينافي مقاصد الصيام وغاياته، فقد أحاطه بسياج منيع من عفَة اللسان والجوارِح، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، وإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم)، ويقول: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أخرجه البخاري وغيره.
ونحن في شهر رمضان الفضيل فإن من أولويات الشهر هو استغلاله بما يعزز القيم الإنسانية، تسامح وتعايش وتراحم، فما تعرض له هذا الوطن خلال عام واحد من دعوات التحريض والتأجيج كان كافياً لهدم العلاقات الاجتماعية بين الناس وتأجيج الفتن بينهم، فحري بخطباء ودعاة المنابر الدينية ورؤساء الجمعيات السياسية التوقف عن خطابات التحريض والتأجيج، والدعوة إلى تصفية النفوس، وتجريم دعاة العنف والتخريب في الشوارع، فإن التجربة أثبتت أنه لا حلول سياسية دون حوار، ولا حوار دون مصالحة، ولا مصالحة دون نبذ العنف وإدانة الإرهابيين.
إن شعارات الوحدة والمصلحة الوطنية في ظل تزايد أعمال العنف والتخريب أصبحت شعارات جوفاء، لا تسمن ولا تغني من جوع، يجب احترام النظام والدولة ومكونات المجتمع، يجب إيقاف الاعتصامات التي تختتم بأعمال العنف والتخريب والتعدي على الممتلكات. في هذا اليوم ومن هذا المنبر فإنا نحذر من خطورة الخطابات التحريضية التي يطلقها البعض من خلال المنابر الدينية والجمعيات السياسية، فإنها خطابات تزيد من الحقد والكراهية والعداء بين الناس.