الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ الحسيني يتحدث عن رمضان ووسائل التأثر بالقرآن
ويقول: قارئه يحظى بمرافقة الملائكة يوم القيامة

تاريخ النشر : السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢



في خطبته ليوم الجمعة بجامع العدلية أمس تحدث فضيلة الشيخ عبدالله الحسيني عن «رمضان ووسائل التأثر بالقرآن» فقال: أيها المسلمون المباركون: إن من يدرك قيمة هذا الشهر الكريم, وعظمة أيامه ولياليه, فإنه يعمره بالطاعة, ويقضيه في التقرب والعبادة, ويكثر من الأعمال الصالحة التي تزيده رفعة وقرباً من الله تعالى.
ومن أجلّ العبادات المهمة التي تتأكد في شهر رمضان, تلاوة القرآن الكريم, فإن له خاصية في هذا الشهر, كيف لا, وهو قد أُنزل في رمضان, قال الله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ), ولا أدل من تأكيد الاهتمام به في هذا الشهر من قول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان جبريل عليه السلام يلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة من رمضان, فيدارسه القرآن».
فهذا يدل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في هذه الأيام والليالي المباركة, حتى ينال القارئ الأجر الذي أعده الله تعالى للتالين كلامه، والمتعلقين بكتابه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله, فله به حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ألم حرف, ولكن ألف حرف, ولام حرف, وميم حرف).
بل إن القارئ لكتاب الله يحظى بمرافقة الملائكة يوم القيامة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران).
ولنا أن نتأمل هذا المشهد العجيب, ونتمنى تلك الحفاوة العظيمة التي يتلقاها من يتعاهد القرآن ووالديه معه يوم القيامة, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب, فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك, فيقول: أنا صاحبك القرآنُ الذي أظمأْتك في الهواجر, وأسهرْتُ ليلك, وإن كلَّ تاجر من وراء تجارته, وإنك اليوم من وراء كلِّ تجارة, فيُعطى المُلْك بيمينه, والخلْد بشماله, ويوضع على رأسه تاجُ الوقار, ويُكسى والداه حُلتين لا يُقوَّم لهما أهل الدنيا, فيقولان: بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها, فهو في صعود ما دام يقرأ, هذًّا كان, أو ترتيلاً).
والمهتم بكتاب الله تعلماً وتعليماً من خير الناس بشهادة سيد البشر حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه), وهو أولى الناس بشفاعة القرآن, لأنه من أكثر الناس تلاوة له, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اقرؤوا القرآن, فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه), فكيف لو اجتمع الصيام مع القرآن كما في شهرنا الفضيل, قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد, يقول الصيام: أي رب, إني منعته الطعام والشهوات بالنهار, فشفّعني فيه, ويقول القرآن: منعته النوم بالليل, فشفّعني فيه, فيشفَّعان), ويكفي صاحب القرآن الكريم شرفاً ورفعة أنه من أهل الله وخاصته, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لله أهلين من الناس), فقيل: من هم يا رسول الله؟ قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته).
ولذلك كان السلف الصالح يعتنون بكتاب الله تعالى أبلغ عناية ولا سيما في شهر رمضان المبارك, فيتلونه ليلاً ونهاراً في الصلاة وغيرها، فكان الأسود يختم القرآن في كل ليلتين من رمضان, وكذلك النخعي يفعل مثل ذلك في العشر الأواخر وفي بقية الشهر يختم في ثلاث, وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائماً, وفي رمضان كل ثلاث, وفي العشر الأواخر كل ليلة, وكان لأبي حنيفة والشافعي في رمضان ستون ختمة في غير الصلاة, وكان مالك إذا دخل رمضان، ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم, وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
ربما أشكل على البعض ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث, وقد أجاب عن ذلك ابن رجب فقال: (إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك, فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها, فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن, اغتناماً للزمان والمكان, وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة, وعليه يدل عمل غيرهم)ا.هـ
أيها المسلمون المباركون: تلاوة القرآن الكريم حقَّ تلاوته تكون باشتراك اللسان والعقل والقلب, فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل, وحظ العقل تفسير المعاني, وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار, فاللسان يرتل, والعقل يترجم, والقلب يتعظ.