الاسلامي
أخلاق منجية:
الرجولة ترهب المفسدين وتردع المرجفين
تاريخ النشر : السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
الرجولة خلق عظيم يتصف به الإنسان بغض النظر عن كونه ذكرا أو أنثى، فهي تدل على اتصاف المرء بما يتصف به الرجل من أخلاق وسلوك عادة.
وذكر بعض المفسرين أن الرجال في القرآن الكريم على عشرة أوجه (كما ورد في الأعين النواظر لابن الجوزي):
أحدها: الرسل (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) الأنبياء .7
الثاني: الصابرون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) الأحزاب .23
الثالث: أهل مسجد قباء ومنه قوله تعالى: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) براءة .108
الرابع: المحافظون على أوقات الصلاة ومنه قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) النور .37
الخامس: المقهورون من مؤمني أهل مكة ومنه قوله تعالى: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) الفتح .25
السادس: فقراء المسلمين ومنه قوله تعالى: (قالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) ص.62
السابع: المشاة ومنه قوله تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) البقرة 239، وقوله تعالى: (يأتوك رجالا) الحج .27
الثامن: الأزواج ومنه قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) البقرة 228، وقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء) النساء .34
التاسع: الذكورة ومنه قوله تعالى: (وبث منهما رجالا كثيرا) النساء 1، وقوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) الأحزاب .40
العاشر: الكفار ومنه قوله تعالى: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم) الأعراف .48
وقد ورد في القرآن الكريم أكثر من 32 آية في الرجولة في مجالات القوامة وإثبات الحقوق والميراث وصفات المؤمنين وأهل الانتشار في الأرض وانها من صفات النبيين وانها تنافي فعل فاعلي قوم لوط وغير ذلك من الصفات الواردة في موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (ج5) (ص2045).
كما وردت أحاديث نبوية كثيرة في الرجولة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم والمراد بالقوة في الحديث عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة فيكون صاحب هذا الوصف أشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في ذلك وأرغب في الصلاة والصوم وسائر العبادات، كما أن المؤمن القوي يسخر نواميس الله في الكون لتعمير الكون واستغلال خيرات الله في الأرض لصالح العباد فالقوة هنا صفة جامعة لأمور الدنيا الصالحة والآخرة النافعة وهي قوة تشمل الذكر والأنثى.
وعن أبي برزة الاسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال: لأصحابه: (هل تفقدون من أحد؟) قالوا: نعم فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال: (هل تفقدون من أحد؟) قالوا: نعم فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال: (هل تفقدون من أحد؟) قالوا: لا. قال: (ولكني أفقد جليبيبا فاطلبوه، فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه فقال: قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه، قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له ووضع في قبره ولم يذكر غسلا) رواه أبوداود وأحمد وصححه الألباني.
وفي السنة النبوية أيضا أمثلة تطبيقية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الرجولة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته) رواه البخاري.
وعن البراء رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول: (لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزل السكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا) رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرس وقال: (وجدناه بحرا)، أي وجدنا الفرس واسع الجري.
سأل رجل البراء رضي الله عنه قال: يا أباعمارة أوليتم يوم حنين؟ قال البراء: وأنا أسمع أما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يول يومئذ، كان أبوسفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب) قال: فما رئي من الناس يومئذ أشد منه، رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عيينة وحماد بن زيد: لا تتم الرئاسة للرجال إلا بأربع: علم جامع وورع تام وحلم كامل وحسن التدبير، فإن لم تكن هذه الأربع فمائدة منصوبة وكف مبسوطة وبذل مبذول وحسن المعاشرة مع الناس، فإن لم تكن هذه الأربع فبضرب السيف وطعن الرمح وشجاعة القلب وتدبير العساكر، فإن لم تكن فيه من هذه الخصال شيء فلا ينبغي له أن يطلب الرئاسة.
ومن فوائد الرجولة أنها تنشر الفضيلة وتدحض الرذيلة وتصون الأعراض وتحفظ المال وتورث الحب وتثمر الصدق وترهب المفسدين وتردع المرجفين وتبث الأمان من الغدر.
فما أحوجنا هذه الأيام إلى الرجولة وتربية الرجولة عند أبنائنا لتعود صفات الشهامة والكرم والرجولة واحترام الكبير والعطف على الصغير وحماية الضعيف وردع الظالمين ونصرة المظلومين وغير ذلك من صفات وآثار الرجولة التي بدأت ترحل عن تربيتنا لأجيالنا مقابل الوظيفة والوجاهة الكاذبة والجاهلية التي بدأت ترد إلينا مع التربية الغربية والمناهج الدراسية المتنافية مع الرجولة المؤكدة على البندقية والقنبلة الذرية والنذالة وغياب الرجولة!
المصدر: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (مرجع سابق)، (ج5)، (ص2041).