الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

بعد تراجع الطلب في المتقدمة
أسواق الدول الناشئة.. هل تكون طوق نجاة للاقتصاد العالمي؟

تاريخ النشر : الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢




يراهن أرباب صناعة الاستثمار في العالم على الطبقة الوسطى في الأسواق الناشئة لضمان زيادة عوائدهم وإنقاذ الاقتصاد العالمي من حالة الركود، وكذا يأملون في أن تسهم الأعداد الضخمة من المستهلكين في بلدان مثل البرازيل والصين وقارة إفريقيا، في تحفيز النمو الاقتصادي وتعويض ما تتكبده محافظهم من خسائر في دول العالم المتقدم التي تعاني ارتفاع مستويات المديونية والركود الاقتصادي.



وذكرت وكالة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الطبقة الوسطى العالمية ستتزايد بحلول عام 2030 ليصل تعدادها إلى ما يقرب من 5 مليارات نسمة وأن النسبة الكبرى من النمو السكاني ستجيء من قارة آسيا.
وقال محللون: إن انتعاش النمو الاقتصادي نسبيا في الدول الناشئة قد أسهم في انتشال عدد كبير من السكان في تلك الدول من براثن الفقر ودفعهم الى الانتقال إلى الطبقة الوسطى، وهو ما يحفز المستثمرين على اقتناص فرص تصاعد الطلب وتشكيل قاعدة استهلاكية كبرى لدى تلك الطبقة وأهم الشركات المتبوع استفادتها من تضخم الطبقة الوسطى شركات التجزئة والبنوك وشركات المواصلات وحتى الشركات المتخصصة في تسويق الأغذية الطبيعية.
وأوضح باولو فال رئيس ومدير محافظ صندوق فيدريتيد انفيستورزأن الطلب المحلي هو المحرك الأساسي للنمو في البلدان الناشئة، مشيرا إلى أن العقد السابق قد شهد تحقيق ملحوظة في معدلات نمو الطبقة الوسطى.
وشهدت البرازيل على سبيل المثال صعود الطبقة الوسطى مما أدى إلى إضافة ما يقرب من 40مليون مستهلك جديد إلى السوق خلال العقد الماضي.
ويسعى ستيفو لاتيني مؤسس وعضو منتدب لدى صندوق لاتين أمريكا أولترنتف للاستثمار المباشر إلى الاستفادة من تزايد أعداد المستهلكين في البرازيل عن طريق الاستثمار في عدد متنوع من الشركات متوسطة الحجم في مجالات مثل خدمات الأغذية والتعليم والزراعة.
ويتوقع لاتيني عدم توقف هؤلاء الأعضاء من الطبقة الوسطى عن الاستهلاك ما أن يتم تزويدهم بالمنتجات التي يحتاجونها للمرة الأولى.
ويحرص الصندوق على ضخ استثمارات في مجالات متنوعة مثل شراء شركة تجزئة مختصة بتقديم الأغذية العضوية في البرازيل وشركة أخرى مختصة بتزويد مصانع معالجة اللحوم والدواجن بخطوط تجميع، ويتوقع لايتني أن تحقق هذه الشركات مكاسبا كبيرة جراء تحسن الدخول وتراجع معدلات البطالة في البرازيل.
أما شركات الاستثمار في السندات والأسهم فتحاول بدورها الاستفادة من التنامي المستمر للطبقة الوسطي في تلك البلدان وتزايد عدد السكان فيها.
وتري بيني فولي المختصة بإدارة استثمارات بقيمة 3,8 مليارات دولار مودعة لدى صندوق TCW أنها مع الرأي القائل إن البنية السكانية في الأسواق الناشئة تعد مغرية للغاية، وكشف تقرير نشرته الأمم المتحدة مؤخرا عن أن الفئة العمرية التي تمتد من سن 15 إلى 64 عاما في الدول الناشئة، تزيد بنحو ثلاث مرات على الفئة العمرية نفسها في أسواق الدول المتقدمة، ومن المتوقع كذلك زيادتها بنسبة20% ليصل عددها إلى أكثر من أربعة مليارات نسمة بحلول عام 2025م.
وأوضحت أن القطاع المصرفي هو الطريقة المثلى للوصول إلى قاعدة المستهلكين الضخمة التي تتسم بها الأسواق الناشئة، حيث تتوقع أن تقوم البنوك الموجودة هناك بزيادة حجم قروضها المقدمة للشركات والمستهلكين على حد سواء، وتتولى حاليا ديون قطاع الخدمات المالية شغل نسبة 20% من قيمة محفظة الصندوق الواقعة تحت بند ديون شركات.
وأكد خبراء في الاقتصاد أن الطبقة الوسطى في دول العالم الثالث ليست رغما عن هذا بمنأى عن تأثر بالتداعيات الناتجة عن التباطؤ العالمي، فقد لحقت أضرارا أكبر بالاقتصادات الناشئة الأكثر اعتمادا على الصادرات جراء تراجع معدلات النمو في الاقتصاد العالمي، وليس المستهلكين في هذه الاقتصادات بمنأى عن هذه التطورات، حيث تعرضوا لتآكل قدر كبير من الدخول لكن محللين يؤكدون أن واضعي السياسات في الكثير من هذه الاقتصادات يمتلكون القدرة على تفعيل العديد من الأدوات التي تسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي.
وتندرج الصين ضمن هذه الاقتصاد، فعلى الرغم من أن العديد من الاقتصادات الآسيوية قد اكتسبت سمعة ميلسكانها للادخار فإن الاقتصاد الصيني الذي يحتل المرتبة الثانية في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم قد اتخذ من جانبه العديد من الخطوات التي تستهدف تشجيع الاستهلاك المحلي وتخفيف حدة الاعتماد على الصادرات.
وربما يكون هذا هو السبب وراء سعي اودري كابلن مديرة صندوق فيدريتيد انفسترز الى الاستثمار لشراء المزيد من أسهم الشركات الصينية لتصل الى نسبة 9% في الربع الأول من العام الحالي من إجمالي أصول بيمة 520 مليون دولار، بعد أن كانت أسهم الشركات الصينية لا تشكل سوى نسبة ضئيلة للغاية من محفظة الصندوق في السابق، وتندرج أسهم شركة اير تشينا واحدة ضمن الأسهم الأكثر تفضيلا للصندوق، حيث تتوقع كابلن أن يسهم تنامي قاعدة المستهلكين في الصين في تحسين أرباح الشركة جراء تزايد إقبال الناس على السفر الى الخارج بسبب تحسن دخول الكثير من أبناء الطبقة الوسطى.
وهناك العديد من الصناديق الأخرى التي تحاول الاستفادة من نمو الطبقة الوسطى حيث يسعى صندوق بلاكروك الأمريكي لافتتاح فروع جديدة كولومبيا في يوليو المقبل، بهدف زيادة قدرة الصندوق على الوصول إلى مستثمري المؤسسات والأفراد على حد سواء.
ويميل ارماندو سينرا رئيس قسم أمريكا اللاتينية ومنطقة ايبريا لدى الصندوق إلى إبراز مدى اتسام منطقة أمريكا اللاتينية بخصال مثل تراجع معدلات التضخم وتدني أسعار الفائدة، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة محرك أساسي للرخاء الاقتصادي الذي تتمتع به المنطقة، علاوة على اتسامها بتزايد عدد السكان وخصوصا من الفئة - العمرية الأكثر ميلا للاستهلاك.