الاسلامي
أخلاق منجية:
الرضا الدواء الناجع للأزمات القلبية وتجنب العقد النفسية
تاريخ النشر : الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢
- بنظرة إلى عيادات القلب والطوارئ والمصحات النفسية نعلم أن عدم الرضا هو السبب الرئيس لما نحن فيه من أزمات قلبية وعقد نفسية وقلق وضنك والعياذ بالله فما الرضا وكيف نحققه؟
قال المناوي: الرضا طيب نفسي للإنسان بما يصيبه أو يفوته. وقالوا: هو نظر القلب إلى قديم اختبار الله للعبد وأنه اختار له الأفضل وقيل هو ترك السخط.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: من لزم ما يرضى الله من امتثال أوامره واجتناب نواهيه لاسيما إذا قام بواجبها ومستحبها فإن الله يرضى عنه، كما أن من لزم محبوبات الحق أحبه الله كما قال في الحديث الصحيح الذي في البخاري: (من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه.... الحديث وذلك أن الرضا نوعان:
- أحدهما: بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه ويتناول ما أباحه الله من غير تعد محظور (وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إليه راغبون) التوبة (59)، والنوع الثاني: الرضا بالمصائب كالفقر والمرض والذل فهذا رضى مستحب في أحد قولي العلماء، وليس بواجب، وقد قيل انه واجب والصحيح أن بواجب هو الصبر كما قال الحسن: الرضا غريزة ولكن الصبر معول المؤمن وقد روى في حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن استعطت ان تستطيع فاني في الصبر على ما تكره خير كثيرا وأما الرضا بالكفر والفسوق والعصيان، فالذي عليه أئمة الدين انه لا يرضى بذلك فان الله لا يرضاه كما قال "ولا يرضى لعباده الكفر"(الزمر)، وقال: "والله لا يحب الفساد" (البقرة/205)، وقال تعالى "فإن ترضوا عنهم فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين"، (التوبة/96).
- وحوى القرآن الكريم العديد من الآيات في الرضا فقال تعالى: "ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد" (القرة/205)، وقال تعالى: "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما يعملون بصير" (البقرة/265).
- وقال تعالى في حق الصحابة وأهل البيت: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم" (التوبة/100).
- وقال تعالى: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا" (الفتح/18)، وقال تعالى: "إن الذين امنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية × جزاؤهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه" (البينة/7-8).
وحوت السنة النبوية المطهرة العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة عن الرضا.
فعن أنس - رضي الله عنه ؟ قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أني اشتهي الجهاد ولا أقدر عليه. قال: "هل بقي من والديك احد؟" قال أمي. قال: "قابل الله في برها، فان فعلت ذلك كان لك أجر حاج ومعتمر ومجاهد، فإذا رضيت عنك أمك فاتق وبرها" رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك ؟ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها) رواه مسلم.
- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه ؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه لا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جمعيا ولا تفرقوا ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
- وعن أم مسلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها) رواه مسلم.
- وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - عجبت من قضاء الله عز وجل - للمؤمن إن أصابه خير حمد ربه وشكر، وان إصابته مصيبة حمد ربه وصبر المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته رواه أحمد وإسناده حسن وعن صهيب - رضي الله عنه ؟ قال رسول الله صلى الله لعيه وسلم عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم.
بقلم / ا. د. أمين عبد اللطيف المليجي
الشباب هم دعائم المستقبل الذي يجب ان يتم الاهتمام به، وتزويده بالعلم النافع، حتى يكون قادر على التصدي للتحديات التي تواجه أمته. ودائما ما يحب الشباب ان يتطلع الى قدوة تكون له نبراسا وهدى في طريق الحياة. ما أحوجنا اليوم الى ابراز القدوة للشباب. فإذا كانت القدوة التي يقتدى بها الشباب صالحه ولها بصمات وانجازات تقود الى التقدم والأزدهار، فسوف تقود الشباب الى الطريق الصحيح. وعلى النقيض إذا كانت القدوة غير مجديه ستقود الشباب الى الطرق غير الصالحة وبالتالي يكون مصير الأمة التخلف عن ركب التقدم. وقد إمتلأ التاريخ العربي والإسلامي على مر العصور بالعديد من الشخصيات التي ملأت الدنيا علما وأضاءت للبشرية بالعلم عقولا حملت بعد ذلك أفكارهم وانجازاتهم فتقدمت وازدهرت بها الحياة. سوف نعيش معا خلال الشهر الكريم مع لمحات من حياة هؤلاء العلماء، لنجعلهم نبراسا وقدوة، آملين أن يحذوا الشباب حذوهم ويقتفوا أثرهم حتى يجتهدوا في طلب العلم، فتعلوا به هممهم ويكونوا عزا لأمتهم.
أعزائي القراء الكرام اليوم سوف نسلط الضوء على عالم من العلماء المسلمين الذين أسهمت أفكارهم العلمية في تقدم البشرية. هذا العالم هو محمد بن موسى الخوارزمي وهو من علماء القرن الثالث الهجري اشتهر بنبوغه في علوم الرياضيات والفلك والهندسة.
نشأته ونبوغه العلمي:
ولد محمد بن موسى الخوارزمي في مدينة خوارزم في خراسان، ثم انتقلت عائلته الى بغداد في العراق. أنجز معظم أبحاثه بين عامي 813 و833 م في دار الحكمة التي أسسها المأمون ببغداد. ونشر الخوارزمي أعماله باللغة العربية، وكانت اللغة العربية هي لغة العلم في ذلك العصر. كان الخوارزمي دائما مشغول الفكر بأشكال الأشياء والمسافات بينها، وتقدير ارتفاعاتها وقضي عامين في دراسته للرياضيات ولنبوغ الخوارزمي في علم الرياضيات أرسل الخليفة هارون الرشيد في طلبه ليعينه عالما بين علماء الرياضيات في مكتبة بيت الحكمة ببغداد ويضمه إلى صفوة العلماء.
وتفرغ الخوارزمي للإشراف علي ترجمه كتب الرياضيات إلى العربية في بيت الحكمة الذي ألحق بها وعندما تولي المأمون الخلافة بعد وفاة أبيه الرشيد وكان المأمون أكثر من أبيه حبا للعلم .اختار المأمون الخوارزمي ليكون أمينا لخزانة الكتب بمكتبة قصر الخلافة في بغداد.
انجازاته العلمية
نبغ الخوارزمي في علوم الرياضيات وابتكر الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات وعلم حساب المثلثات، (مما أعطاه لقب أبي علم حساب المثلثات عند البعض)، حتى ان كلمة خوارزمية في العديد من اللغات (ومنها بالانكليزية )mihteroglA( اشتقت من اسمه، بالإضافة لذلك، قام الخوارزمي بأعمال هامة في علم الجبر والمثلثات وقد أدت أعماله المنهجية والمنطقية في حل المعادلات من الدرجة الثانية إلى نشوء علم الجبر وانتقلت كلمة الجبر الى العديد من اللغات ومازالت تستخدم حتى اليوم وسميت بالإنجليزية الجبرا )arbeglA(، وهو العلم المعروف اليوم والذي اخذ اسمه من كتابه الذي ألفه بعنوان "حساب الجبر والفلك والجغرافية و رسم الخرائط". الذي نشره عام 830 م،
وقد قام الخوارزمي بأعمال متميزة في مجال الرياضيات كانت نتيجة للأبحاث التي قام بها، الا انه قد أنجز الكثير في تجميع وتطوير المعلومات التي كانت موجودة قديما عند الإغريق وفي الهند، فأعطاها وأضاف إليها من طابعه الخاص من الالتزام بالمنطق. بفضل الخوارزمي، يستخدم العالم الإعداد العربية التي غيرت وبشكل جذري مفهومنا عن الإعداد، كما انه قد ادخل مفهوم العدد صفر، الذي بدأت فكرته في الهند.
ومن المهم ان نشير هنا إلى ان الأعداد التي نستخدمها ونقول خطأ انها انجليزية هي الإعداد العربية والأجانب أنفسهم يذكرون ذلك في كتبهم.
- وقال لقمان لابنه: أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك عن سخطه: أن تعبد الله لا تشرك به شيئا، وأن ترضى لقدر الله فيما أحببت وكرهت، وقال المتنبي:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدى المساويا
ومن فوائد الرضا:
- يثمر محبه الله ورضاه وتجنب سخطه
- الفوز بالجنة والنجاة من النار
- دليل حسن ظن العبد بربه
- يضفى على الإنسان راحة نفسه وروحيه
- يجنب الإنسان الأزمات النفسي من قلق زائد وتوتر وخوف مرضى وهو طريق هو في تحقيق السلام الاجتماعي فعلينا أن نربي أنفسنا وأهلينا على الرضا بقضاء الله وقدره، وبما قسم الله لنا ونحمده في السراء والضراء لنفوز برضى الله والراحة النفسية ونتجنب الأمراض القلبية والعصبية والنفسية.
المصدر: موسوعة نضره النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (مرجع سابق) (ج6) (ص2103).