قضايا و آراء
الحل يبدأ بعودة المعارضة إلى الصف الوطني
تاريخ النشر : الاثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢
عندما تكلم الشيخ عبداللطيف المحمود عن خريطة طريق للخروج من الأزمة التي تعيشها البحرين لخص تقريبا ما يجمع عليه ضمير البحرينيين من مختلف المشارب والمذاهب كمواطنين عاديين ينشدون الهدوء والاستقرار والتنمية والعدالة والمساواة والوحدة الوطنية، ولكن من الواضح أن هذه الخريطة التي يجمع عليها الضمير الحي النظيف السليم يبدو أنها لا تعجب ولا تريح أصحاب الأجندات المريضة الذين مازالوا يحلمون ويطمحون ويتخيلون أنه بالابتزاز والمولوتوف والحرائق والقتل والعداوات بإمكانهم أن يخضعوا الدولة والمجتمع ويجبروهما على القبول بخريطة طريق مضللة المسماة وثيقة المنامة وما فيها من سم ومن خلاف وتغطية على الحقائق.
إن الذين ينشدون الحل الوطني الحقيقي لا يحتاجون إلى الكثير من الجهد والذكاء أو المعرفة لأن الطريق إلى الحل سهل وواضح وبسيط ويمكن تلخيصه في النقاط الثلاث التالية:
الأولى: التوقف عن ممارسة العنف جملة وتفصيلا وإدانته في مصادره الأساسية ومراجعه المعروفة، ومن أكبر رأس للمعارضة لأن ذلك سوف يوفر الأجواء السليمة لإطلاق الحوار الوطني.
الثانية: موافقة الجميع على المشاركة في مؤتمر وطني للحوار والمصالحة تشارك فيه القوى الوطنية بمشاربها وتوجهاتها وأطيافها كافة على أساس مبادئ ميثاق العمل الوطني الذي أجمع عليه البحرينيون وذلك لوضع خريطة طريق وطنية مشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع أولوياتها وتقسيمها إلى مراحل تنفيذية محددة تتولى القوى الوطنية كلها إصدارها في بيان شامل وموحد يكون محل توافق وإجماع بين هذه القوى وتصبح هذه الوثيقة بمثابة ميثاق وطني جديد يؤسس لمرحلة متقدمة من العمل السياسي الديمقراطي.
الثالثة: إذا ما تم النجاح في تحقيق هذا اللقاء الوطني بعيدا عن العنف فسوف يتسنى رأب الصدع وإجراء مصالحة وطنية والاتفاق على ميثاق أخلاقي وإعلامي تلتزم به الأحزاب والجمعيات بلغة وطنية وتتجنب فيه أمرين اثنين:
الأول: التحريض على الطوائف والكراهية وإدانته.
الثاني: الالتزام بخطاب وطني متسامح وحضاري بعيدا عن التدخل الأجنبي بجميع أطيافه.
وبذلك يمكن تشكيل عدد من اللجان المتخصصة من الأحزاب السياسية تقوم كل لجنة بإعداد تفاصيل جانب معين من الاتفاق أو من الخريطة المشار إليها، ويتم بعد ذلك الحوار مع السلطة على أن يراعى في ذلك أمران:
الأول: ضرورة إشراك البرلمان في هذه الحوارات وأن يكون هذا الاشتراك فاعلا وجادا لأنه لا يعقل تجاهل البرلمان من هذه العملية وهو المؤسسة الدستورية الأكثر أهمية في البلاد.
الثاني: أن يتم إشراك شخصيات وطنية مستقلة معروفة بالنزاهة والكفاءة والعلم ولا يكون هذا مقصورا على السياسيين فقط.
ذلك هو تصورنا لإنجاح أي مشروع للحوار الوطني والمصالحة، ولكن هل القوى المعارضة التي تعتاش على الفوضى والتحريض وتعتمد على التمويل الخارجي وعلى الدعم الإيراني الإعلامي والسياسي والمالي قادرة على أن تتحرر من أطماعها ومن غيبوبتها ومن تبعيتها وتقديم المصلحة الوطنية على كل شيء؟ هذا هو السؤال اليوم وهذا هو التحدي الرئيسي اللذان سوف تظهر الأيام القادمة الاجابة عنهما.
إن الفرصة المتاحة اليوم لمعالجة هذه الأزمة فيجب أن يتم استغلالها على نحو سريع، وقبل أن تتفاقم الأمور أكثر، وإذا كان هنالك من وطنيين صادقين مؤمنين بأن لا مستقبل للبحرين وشعبها إلا بالعيش المشترك والتضامن والقطع مع الخارج هذا الخارج الذي يستغل بعض البحرينيين ضد البعض الآخر، ولكنه في النهاية يستغل البحرينيين جميعا لأن هدفه الرئيسي هو الهيمنة على هذا البلد وانتهاك استقلاله وحريته، فإذا كان أبناء البحرين المنخرطون اليوم في المعارضة قد تورطوا في السابق في أجواء الفوضى والانقلاب على الدولة والمجتمع في أفعال شنيعة لا تليق بوطنيتهم فإننا ندعو اليوم إلى الخروج من مظلة الوهم الذي قادهم إلى تلك الأحداث المدمرة التي أدت في النهاية إلى ما أدت إليه من نتائج خطرة لعل أسوأها وأكثرها هذا الضرر بالمصلحة الوطنية والاصطفاف الطائفي الذي بدأنا نعيشه واقعا حيا، وهذا الانفصال بين السنة والشيعة الذي لا يتمناه أي بحريني وطني يحب وطنه ويؤمن بقدرنا في التعايش السلمي الوطني.