الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

سيـر الزمن من دفتر الماضي
شهر رمضان في ماضي الزمان وشهر رمضان في زماننا اليوم

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٢




كلما هل وقدم علينا هذا الشهر الكريم ا ذكرنا بالأشهر الماضية في سنيه الفائتة وعادات أهله وجلاسه التي جبلوا عليها منذ عشرات السنين لا تتغير ولا تتبدل خذوا مثلا على تلك: مدفع الإفطار (الوارده)، المسحر - المسكين الذي ما أحد يسمعه اليوم لأن الناس معلقة في بيوتها ثم زيارته منتصف رمضان ويوم العيد لتسلم المكسوم، الكركاعون ولو أنه تغير في الشكل والتنوع ؟ إلا أنه ظل كما كان ؟ كركاعون - صلاة التراويح كلها سمات من شهر رمضان. خذوا مثلا آخر حتى أغانيه وأناشيده التي اختص بها لا تسمعها إلا في شهر رمضان يرددها الأطفال على مسامعنا منها ؟ حياك الله يا رمضان ابو الكرع والبيديان هل هل هل اهلاله - كلمات بسيطة والحان خفيفة تتناسب وهذا الشهر يريددها أطفال الفريج بكل براءة وعفوية والفرحة تغمر قلوبهم بمقدم هذا الشهر الكريم، بل هناك من الأغاني الأخرى التي اعتدنا سماعها والتي يترنم بها الكبار والصغار كل تلك علشان هذا الضيف العظيم، كل ما كنا نسمعه من أغان أو أناشيد خفيفة كلها تعني تمجيدا وتعظيما وفرحا لهذا الشهر الكريم إلا أنني شخصيا مازلت اعتقد ان أغنية المطرب سيد مكاوي التي تتردد علينا كل ما حل وقدم شهر رمضان والتي مطلعها يقول: رمضان جانا وافرحنا به، أهلا رمضان الخ ؟ أغنية جميلة مازالت تتجدد على مسامعنا في السنة مرة، تلك عن عادات رمضان وأغانيه التي تنهال علينا.
أحاديث دينية وقرآن
أما إذا تحدثنا من الناحية الدينية فإن شهر رمضان له فضائل ربانية كثيرة لا يمكن أن أحصيها في هذه الأسطر القليلة لكن يكفي أن أشير هنا إلى أن المولى عز وجل خصه وكرمه بنزول القرآن فيه وهو القائل: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
كما خصه سبحانه وتعالى بمكرمة كبيرة أخرى وهي: ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر والتي تعتبر فرصة العمر كله ثم انه الشهر الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. أليس هذه قمة الفضائل والنعم والخيرات التي أسبغها المولى جلت قدرته على عباده رحمة منه وبركات وعطايا كثيرة من رب العالمين؟ وبالمناسبة فإن شهر رمضان جاء ذكره في القرآن الكريم مرة واحدة فقط.
الزيارات الليلية للمجالس
نصل الآن لنتحدث عن الزيارات الليلية المتبادلة في ذلك الزمن الماضي البعيد لم تكن هناك زيارات للمجالس منتظمة ومبرمجة كما هو متبع وحاصل اليوم حيث العشرات من المجالس الدائمة المفتوحة طوال العام ومنها الموسمية لشهر رمضان فقط، أما عن مجالس أول فهي تختلف كثيراً عن مجالس اليوم بسبب ظروف الحياة آنذاك منها صعوبة التنقل الخ فلا سيارات ولا حتى سياكل، وإذا شاهدت شخصا راكبا حماره فاعلم انه من كبار العائلات أو التجار. تعالوا نسمع ولو شيئا بسيطا وقليلا عن مجالسهم، شكل المجالس مثلا: تتكون محتوياتهم من دواشك ومساند وزل (سجاد) مفروشة في الوسط مع ترك زاوية أو دفعة من المجلس للدراريس (تلاوة القرآن) حيث يستمرون لتأدية صلاة الفجر، يتكون عدد الدارسين من 3 إلى 4 أشخاص وأحيانا أكثر. كانت البساطة هي السائدة في تلك المجالس وهي تختلف كليا في الشكل والحجم عن مجالس اليوم، كانت أغلبها صغيرة الحجم نوعاً ما بينما بعضها كانت متوسطة فيها عدد من الرواشن التي تحفظ فيها عادة مرشات ماء الورد أو المصاحف مع بعض قناني العطر والعود، كما تثبت في بعض من زوايا المجلس قطعة صغيرة من الخشب تسمى (عود) لتعليق البشوت عليها.
أما مجالس اليوم فبعضها (فرشه) من مقاعد وطاولات وسجاد وستائر فاخرة وزينة في الإنارة وصور ومناظر معلقة بينما مجالس (الأوليين) ربما تجد فيها ليتات من نوع (بوكبوس) لا يزيدون على 5 إلى 6 في المجلس الواحد. هذا بعد دخول عصر الكهرباء أما قبل ذلك فكانت الإنارة (لفنارة) الكبيرة المعلقة في بعض زوايا المجلس، طبعاً لا ننسى انه بجانب تلك المجالس كان هناك عدد محدود من مجالس أخرى قد تجد فيها بعض الكراسي أو المقاعد الكبيرة وعدد من الطاولات إضافة إلى بعض المحتويات الأخرى. من يدري، ربما تلك مجالس لكبار التجار أو العائلات. وبحسب ما سمعت من بعض من عاصروا ذلك الزمن ومجالسه أن عدد الزوار كان قليلا جدا بل محدود العدد ربما هم من المنطقة نفسها، حتى بقاؤهم في المجلس لا يطول أو يتعدى 45 دقيقة ذلك خلال شهر رمضان ثم لا ننسى أن أغلب الناس كانوا ينامون مبكرين من الليل.
ترتيبات وتحضيرات المجلس
طبعاً تلك الترتيبات تختلف كثيراً عما موجود اليوم بل دائما تجد ؟ كما ذكرت ؟ البساطة في كل شيء من محتويات المجلس علما بأن أغلب الزيارات تتم مباشرة بعد صلاة التراويح.
سوالفهم وحكاياتهم
تعالوا نسمع بعضا من نوعية السوالف كان أغلبها يدور عن مبيعات اللؤلؤ أو أسعاره وتقلبات تداوله ومن اشترى ومن باع ومن نجح في استخراج اللؤلؤ ومن مني بخسارة ثم يصلون إلى من سافر من الناس أو من السفن الكبيرة (أبوام فخرو) التي كانوا يصلون بها إلى بعض بلدان آسيا مثل كراتشي وبومبي ودول إفريقيا محملين بمختلف البضائع الخ... ثم لا ننسى ان أغلب زوار هذه المجالس هم نواخذة وطواويش الغوص واللؤلؤ وتجار أو بعض الأفراد من بحارة السفن لأن زمانهم كان بالفعل زمن الغوص واللؤلؤ، إذًا ماذا نتوقع ان تكون سوالفهم غير تلك المواضيع؟
بينما هناك بعض المجالس البلدية المحدودة العدد التي تدور سوالفهم أو أحاديثهم عن الشئون الثقافية والأدبية وعن المؤلفات وأصحابها الخ.. هذه نبذة مختصرة عن مجالس أيام زمان. بصراحة كانوا (مفتكين) عن أخبار السياسة ووجع الرأس الذي وصل إلى وجع القلب اليوم.
الغبقات والكدوع
لقد اعتاد بعض تلك المجالس أن تقدم إلى زائريها القهوة وشاي الدارسين أما الغبكة فكانت تتألف من عيش المحمر مرشوش بدهن بقر أو دهن خالدي أو عداني ثم يضعون ملة الدهن في وسط الصينية. طبعا بجانب ذلك بعض المجالس كانت تبالغ في الكرم وتزيد السفرة بعدد من صحون الساكو، الهريس، كرص الطابي، الزلابية ولكيمات وغيرها من صحون الحلاوة مثل البلاليط.
ليلة الوداع
وتمر أيام وليالي رمضان مسرعة وتصل إلينا ليالي الوداع ليظهر الناس كبيرهم وصغيرهم وهم يجوبون طرقات ودواعيس المحرق وطبولهم على أكتافهم بينما "الطوس" تسمع رنينها من بعيد مودعين هذا الشهر الكريم ولسان حالهم يقول ؟ ربنا أعده علينا سالمين غانمين ؟ يا سبحان الله، حتى احتفالات الوداع كانت تقربك إلى هذا الشهر أكثر وأكثر كنت تشعر بروحانيات رمضان وفراقه وكيف مضى وانقضى، لقد شاهدت بنفسي بعض النسوة وكبار الرجال يبكون وهم يسمعون كلمات الوداع وهي ترن في اذانهم (يالوداع يالوداع) تتبعها كلمات كلها ابتهالات وأدعية وليست أغنيات اليوم.
هذه بعض من مظاهر رمضان الماضي أو رمضان أول اختصرناها لكم بينما مازال هناك الكثير الذي لم نتطرق إليه ولم يقل.