الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الاسلامي

الصلاة في الشرائع القديمة

تاريخ النشر : الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢






من أجمل ما قرأت هذه الدراسة التي بين دفتي هذا الكتاب الماتع الصلاة في الشرائع القديمة والرسالات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام للأستاذة الدكتورة هدى درويش عميد معهد البحوث والدراسات الآسيوية، ولما تصفحت مقدمة هذا الكتاب حمدت الله على أن هناك من البشر من يحاول أن يؤكد عظمة الدين الإسلامي من خلال مقارنته ببعض الأديان الأخرى وخاصة في موضوع عَقَدي هام كالصلاة، ومن أجمل ما قرأت في مقدمة هذا الكتاب: فبعد الصلاة يتلقى الرب عبده بالقبول فيشاهد الأنوار وفيض الأسرار ويتلقى تجليات صفات الجمال ويتذوق لذة المحبة والقرب من صاحب الكمال المطلق وهذه الدراسة تقع في تمهيد وخمسة فصول وخاتمة.
ونقلت هذه الدراسة بعضاً من مظاهر الصلاة وما يرتبط بها وما يتعلق بها في اليهودية والمسيحية والإسلام بحيادية تامة، وهذا ما ينبغي ان يكون عليه الباحث عند مقارنته العادية وغيرها، فما بالنا والدراسة التي بين أيدينا يتناول فيها المؤلف أشهر ما في الأديان وهو الصلاة؟ وما شدني في هذا الكتاب هو تأثر بعض علماء اليهود وأحبارهم بالتأثيرات الإسلامية في صلاتهم وكيف أن موسى بن ميمون ومن بعده ابنه الحبر إبراهيم تأثرا تأثرا بالغا بالشريعة الإسلامية، فعادة غسل القدمين قبل الصلاة ليس لها أساس في الشريعة التلمودية وإنما ذكر غسل القدمين قبل صلاة الصبح فقط أما غسل القدمين فقد انتشرت بين يهود الشرق مما يدل على ان هذه العادة اتخذها اليهود من الإسلام.
وقد حاول الحبر إبراهيم الميموني أن يظهر الجانب الروحي في الصلاة عندهم بمعنى إظهار الجانب الصوفي في الصلاة واهتم بالصلاة في الليل والإكثار من الركوع والسجود وممارسة الذكر في أي مكان وزمان.
وأنا أتجول بين دفتي هذا الكتاب أحسست بسعادة بالغة أن الإسلام العظيم نصوصه ثابتة وقرآنه واحد لا يتغير، حفظه رب العالمين وزاد اليقين في قلبي ان الدين عند الله الإسلام.
ثم انتقلت في تصفحي إلى الفصل الرابع من الكتاب وهو الصلاة في المسيحية وركزت الدراسة في صدر هذا الفصل على أنه تم التركيز فقط على الصلاة التي صلاها السيد المسيح وعلمها قومه والتي وردت في نصوص العهد الجديد. ثم بعد فراغي من تصفح أبواب وفصل هذا الكتاب بداية من أوله ومرورا بالصلاة في اليهودية، فالمسيحية وجدت نفسي أمام الصلاة في الإسلام، فاقشعر بدني وارتعدت فرائصي خشية ان أكون مقصرا في جنب الله، ولكنني لما واصلت القراءة عاد لي الهدوء بل السكينة وأنا اتنقل بين هذه الرياحين، وهزني بعض كلمات الكتاب منها ان الصلاة هي معراج المؤمنين الخاشعين الى الجنات وأيضا انا بطبعي أحب الكلمات الروحية بل الروحانية التي تلمس القلب، فلما قرأت فالصلاة تجمع بين الجمال والجلال جمال الأنس والقرب لله وجلال الخشية والخوف من البعد عنه اهتز قلبي شوقا إلى أن أكمل ما بدأت، فوجدت دمعا ينحدرعلى مقلتي لما قرأت عن الصلاة وهي راحة الروح ونزهة القلب وعروج النفس إلى الرب والحديث مع صاحب العزة في حضرة ملك الملوك.
ومن عجيب ما قرأت في الخشوع وكان بعض الصحابة وهو أبو الدرداء يقول تعوذوا بالله من خشوع النفاق فقيل له وما خشوع النفاق؟ قال ان ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع؟ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، ولما وصلت إلى نهاية المطاف دعوت الله ان يجعل هذا الكتاب وهذه الدراسة في حسنات وميزان مؤلفه وكفى بها من نعمة ان يختتم الانسان حياته وقد سطرت يمينه أجمل الكتب لينتفع بها الدارسون بل المتشوقون الى المقارنات لعلهم ينشدون ما يطلبون، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.