بالشمع الاحمر
هل تجرؤ أن تقول (لا) للإصلاح؟!
تاريخ النشر : الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
الإصلاح هي الكلمة المفتاحية التي يرددها كل من له شأن في السياسة. ليس هذا فقط، بل أصبحت كلمة مغلفة بمعنى جميل، يرسم في مجمله صورة وردية. وهي الكلمة التي لا يستطيع أحد أن يقول لها (لا) مهما كانت تعني. على سبيل المثال، لو كان معنى الإصلاح «في قلب» زعيم سياسي هو أن يقوم بـ«قتل» خصومه فإنه لا يستطيع أحد أن يقول في العلن: لا للإصلاح. تماماً كما تفعل «جمعية الوفاق» في البحرين، فهي ترفع شعار «الإصلاح» ولو كان معناه أن تقوم بتزوير انتخابات اتحاد العمال وتزوير أي شيء آخر، لأن هذا التزوير في نظرها يخدم مشروع «الإصلاح» الذي تريده وبالتالي فهو تزوير (لا يخالف شرع الله). وهو أيضاً لا يختلف عما تفعله نفس الجمعية حينما يكون هدفها من رفع شعار «الإصلاح» هو إقامة نظام يخدم الولي الفقيه في طهران مثلاً، أو أن تتحول حكومة البحرين إلى حكومة دينية طائفية. بشكل ظاهري كلمة الإصلاح لا يستطيع أن يعترض عليها أحد، ولا يجرؤ أن يقول لها (لا).
المطلوب هو أن نفهم ما يدور في عقول من يطالبون بالإصلاح. في دول الخليج العربي، ترتفع نبرة الحديث عن الإصلاح، ولكل جماعة تفسيرها الخاص لهذا المصطلح، في البحرين مثلاً، «الإصلاح» في نظر «جمعية الوفاق» هو أن تصل هي إلى الحكم ثم «تلعن أبو» من سواها عبر حراك طائفي، وهناك جماعات أخرى ترى أن الإصلاح لا معنى له إن لم تصل هي أيضاً إلى الحكم وتقيم نظاماً دينياًّ يتحد مع أنظمة أخرى في المنطقة العربية. في الكويت مثلاً، تريد الأغلبية النيابية أن تصل هي إلى الحكم مع تهميش دور الأمير، وما دون ذلك لا يعتبر إصلاحاً في نظرها. في الإمارات، هذه الدولة الكريمة المعطاءة، يرى بعض من يرددون مصطلح الإصلاح فيها أن تنفيذه لا يكون إلا من خلال إسقاط حكم آل نهيان وأن يصير الأمر إلى جماعة واحدة ترى الإصلاح في نفسها وما دونها خراب.
الأمر يسير هكذا، الكل يقول «إصلاح»، ولهذا الإصلاح في تصوره شكل محدد، فإما أن يكون كما أريد وكما أرى وإلا فلا، ولتحترق الأرض.. فأنا ومن بعدي الطوفان.