راصد
الخاسرون من الربيع العربي
تاريخ النشر : الخميس ٢ أغسطس ٢٠١٢
جمال زويد
أفرزت ثورات الربيع العربي التي جرت فصولها في تونس وتكررت مشاهدها في ليبيا واليمن ومصر ونأمل تتويجها بسوريا تغييرات ناجحة, قد يكون أهمها إسقاط أنظمة حكم مستبدة تجذرت في طغيانها وفسادها عقودا من الزمن, أسقطت شعوبها من حساباتها ووارد اهتماماتها, دمّرت تطلعاتهم وزوّرت إرادتهم واختياراتهم واستبدّت بحرياتهم وعبثت بمدّخراتهم حتى بلغ الجليد قمته فانفجر بركاناً غاضباً أزاح أمامه من كانوا يظنون شعوبهم مجموعات كبيرة من «العيال» الذين لن يكبروا, ولن يفهموا مايدور حولهم .
كما أن ثورات الربيع العربي قد أنشأت أيضاً من ناحية أخرى ما يشبه الطوفان في الوعي الجمعي في عموم البلدان العربية عنوانه أن هذه الشعوب قد استيقظت وقررت أن حياتها ليست كما الخرفان؛ تعلف وتأكل وتشرب وتنام وفقط وإنما انفتحت لها آفاق لا تسمح فيها بامتهان كرامتهم أو انتهاك حرياتهم أو التعدّي على أموالهم ومدّخراتهم والعبث بثرواتهم, وأنهم شركاء في إدارة شؤونهم وليسوا عالة على غيرهم. ولذلك غالب أنظمة الحكم الآن تسابق الزمن في مراجعة حساباتها وطريقة إدارتها من أجل أن تتأقلم مع تلك التغييرات قبل أن يمرّ عليها قطار هذا الطوفان ويدوسها بعجلاته.
غير أن ثورات الربيع العربي تمخض عنها أيضاً خاسرون كُثر, تفتت ملْكهم, وضاع سلطانهم, وتبددت أحلامهم, وفشلت أطماعهم. ولعل إيران بحركتها واتباعها وأجندتها الطائفية, هي من كبار الخاسرين مما أفرزته الثورات العربية . حيث عمِلت لسنوات وعقود سابقة على تصدير ثورتها وحمْلت لواء مساندة الثورات والحركات الإسلامية, واستغلّت الإعلام لإبرازها بصورة الداعم والراعي لحقوق الشعوب ضد ما كانوا يُطلقون عليه قوى «الاستكبار» حتى إذا ما جاءت ساعة الحقيقة انكشفت تلك الدعاوى وسقطت دعايات النظام الإيراني وتهتّكت أقنعته وتعرّت حقيقته فانصرف عنه من كان يظنهم أو يتوقعهم تحت (أباطيه) ورفضه من كان يريدهم سلّماً لنشر امبراطوريته أو المتاجرة بمذهبه, فلا يرى من العواصم العربية الجديدة إلاّ الرفض والصدود والاعتذار عن الالتقاء بسفرائه وممثليه وأتباعه،وخاصة بعد أن سقطت ورقة التوت الأخيرة عن نظام ولاية الفقيه بوقوفه ودعمه لجزار بلاد الشام في مذابحه ضد إخواننا السوريين الذين يخوضون في هذه الأيام المباركة ملحمة جهاد عظيمة تخلى عنهم فيها العالم بأسره فيما اصطفّ ضدهم مع النظام السوري كلّ من الروس والكيان الصهيوني وإيران باعتبارها الخاسر الأكبر من ثورات الربيع العربي.
سانحة:
أمس اعتذر الرئيس اليمني عن استقبال المبعوث الإيراني وقبله رفض الرئيس المصري لقاء القائم بأعمال السفير الإيراني واشترط لمقابلته أولاً تغيير موقف بلاده من دعم النظام السوري وبينهما اعتذار حركة النهضة التونسية عن خطأ استضافتها لحزب الله اللبناني في أحد مؤتمراتها..