الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٨ - الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٩ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


الإصلاح قضية الجميع وهو مستمر





{ أولئك الذين اعتادوا فضائيات الفتنة ابهار أنفسهم بالحديث عن الارادة التي يسمونها «شعبية» وانها ستقوى في الايام القادمة، والحديث مربوط دائما بالتحريض الواضح على العنف والتخريب والارهاب باعتبارها معا «نضالا سلميا»، وتعبيرا مشروعا عن المطالب التي أولها اسقاط النظام، وآخرها الحكم الطائفي الاستبدادي كالنموذج العراقي الذي يعجبهم كثيرا، ويعتبر مثالا لهم للديمقراطية والاصلاح، لهؤلاء نقول أخطأتم الطريق وأخطأتم القراءة السياسية وأخطأتم التعبير، فالارادة الشعبية لم تصب قط وطوال التاريخ البشري في فعل العنف والتخريب والارهاب، والمطالب لم تتحقق قط عبر تلك الوسائل خاصة اذا جاءت من فئة واحدة من الشعب، والاصلاح هو قضية الجميع حكومة وشعبا، وليس بحاجة الى مزايدات من أي فئة، وغير قابل للاحتكار عبر العنف والتسلط، مثلما الديمقراطية تمثلها الارادة الشعبية الحقيقية في كامل مكوناتها بما فيها الطائفة التي تختطفون إرادتها وتمثيلها، وهذه الارادة الشعبية ستزداد صلابة في مواجهة ورقتكم الوحيدة التي هي العنف والتخريب، وخاصة بعد دروس العام الذي مضى، لن يسمح أحد في هذا الشعب خارج فئتكم بأن يعيد السيناريو الذي مضى، حتى لو اجتمعت قوى الارض كلها دعما لكم ودفعا لأجندتكم المكشوفة.

{ هذا العام الجديد، سيكون شعبنا وبارادته التوافقية الكاملة، أكثر صلابة وحسما في مواجهة عنفكم في اعادتكم الى حجمكم الطبيعي، المنتفخ اليوم خلف متاريس الدعم الخارجي للفوضى، لأن الارادة الشعبية الحقيقية في البحرين هي ضد كل ذلك، وضد الاجندات التخريبية، وضد الولاءات اللاوطنية، وضد السمسرة بقضايا الوطن، وضد الدعم الخارجي المشبوه، وضد استنساخ النموذج العراقي، وضد الزيف في الكلام والتقية في الاهداف، وضد الابتزاز السياسي، وضد التسلط الفكري الفئوي، وضد من يضرب في أمن الوطن واستقراره.

الارادة الشعبية البحرينية الحقيقية هي ضد كل ذلك، وبالتالي من حيث تعلمون أو لا تعلمون هي ضدكم، لأنكم تفسدون في الوطن باسم اصلاحه، وتحتكرون تمثيل شعبه باسم دمقرطته، وتحرضون على العنف باسم السلمية، وتوالون الخارج وتدّعون الوطنية.

{ الاصلاح قبل خروجكم على الملأ هو قضية الجميع في البحرين، حكومة وشعبا، ملكا وقيادة، وليس حزب الولي الفقيه (الوفاق) وأتباعه الشرعيون وغير الشرعيين، من ابتكر هذا المطلب أو هذا المفهوم. و(الوفاق) التي تعمل اليوم بدأب مريب على تضليل الرأي العالمي، بعد انفضاحها في الداخل، بأنها ومن معها فقط هم الاصلاحيون والبقية مفسدون، وانها هي ومن معها فقط الديمقراطيون والبقية ضد الديمقراطية، فإنها بهذا الكذب الذي استنفد غاياته منذ زمن طويل تلعب بأوراق المفلسين: العنف في الشارع والورقة السياسية القائمة على ذلك العنف، والمدموجة في كل الافكار والاقصائية والديكتاتورية والتسلطية باسم الاصلاح والديمقراطية.

{ الاصلاح بدأ منذ عشرة أعوام وأكثر، وهو مستمر بالارادة الملكية والارادة الشعبية، رغم عرقلة أحزاب العنف له، والتمثيل الصاخب الذي تمارسه هذه الاحزاب، باعتبار ان البحرين (رواندا) أو (البوسنة والهرسك) أو (جنوب افريقيا) أثبت فشل الممثلين فيه، لأن التمثيلية كلها باتت مكشوفة، ليس للداخل فقط وانما لكل المحيط الخارجي ايضا، ولم يعد امام قيادات تلك الاحزاب التخريبية، الا العودة الى مدارس التمثيل مجددا، أو الى معاهد التدريب الامريكية لمعالجة المأزق في الفشل المكشوف والبحث عن خطابات فبركة جديدة.

{ ومهما تكاثر مهندسو الفتنة للبحرين، وتكاثرت غربان الخراب، فإن وعي هذا الشعب قادر على إفشال كل المخططات، بما فيها مخطط اثارة الفرقة وتوظيف التذمر وتفتيت صفوف «أهل الفاتح»، التذمر الراهن هو بسبب تراخي الدولة في تعاملها مع عنف الشارع من جهة، ومع المخالفين والجناة والمجرمين من جهة ثانية، ومع عدم تطبيق القانون كما يجب من جهة ثالثة، ومن الضغوط الدولية التي تدعم الارهاب والفوضى في البحرين من جهة أخرى، وجميعها تعبر عن دفعها إلى بزوغ ارادة شعبية لاتخاذ موقف حاسم من كل ذلك، ومن أحزاب التحريض على العنف وتبنيه، وبالتالي فهي في مجملها الارادة التي لن تصب قط، في المستنقع القذر الذي يعيش فيه التخريب، ولا لمن يحرض عليه.

{ الارادة الشعبية في البحرين تريد الاصلاح وتريد الديمقراطية، ولكن بشرط التوافق عليهما، وعلى حيثيات تطويرهما، وبعيدا تماما عن الطأفنة أو المحاصصة الطائفية، او التسلط الفكري الفئوي باسمهما او تغيير هوية الوطن.

لقد جربتم هذا الشعب مرارا، ويبدو انكم ستضطرون إلى تجربته من جديد، لتدركوا اي فشل هو لكم، واي مأزق انتم فيه، وكما حمل العام المنصرم من مفاجآت هذا الشعب لقيادات العنف والتقسيم والمحاصصة، فالعام الجديد سيحمل المزيد من مفاجآت الصلابة الشعبية في مواجهة كل اشكال التسلط السياسي من أحزاب التخريب، مثلما مواجهة العنف والارهاب في الشارع.

لن تنفع بعد اليوم المزايدة على الاصلاح او على الديمقراطية فالمسألة فيهما تم تبنيها من النظام نفسه، والملك قد بادر إليهما منذ زمن، ولن ينفع الحديث عن (الحل الامني) وفشله، فالذي يطلب الحل السياسي، الذي لطالما كان موجودا، يجب ان يدرك ان شرط ايقاف المعالجة الامنية هو ايقاف العنف والتخريب في الشارع والاضرار بمصالح الناس.

أوقفوا عنفكم وتخريبكم تختف تماما المعالجة الامنية، وفي هذا فإن الامر واضح ولا يحتمل اي مزايدة جديدة، ولن ينفع ادارة الارهاب والعنف بلغة السياسة والمطالب لأنهما متناقضان تماما، رغم انهما مدموجان اليوم في عمل أحزاب التخريب.ئ



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة