الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٨ - الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٩ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

التحقيقات


تمديد الدوام المدرسي فترة ذهبية .. أم عبء؟





قررت وزارة التربية والتعليم تمديد اليوم الدراسي في المدارس الثانوية مدة ساعة مع بداية الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري، لينتهي الدوام المدرسي عند الساعة ١٥٢ ظهرا. ويأتي ذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزارء الموقر بهذا الخصوص، في سياق متطلبات برامج التطوير التي تنفذها الوزارة واستكمالاً لمتطلبات برنامج تحسين أداء المدارس الذي حقق نتائج إيجابية في المدارس التي تطبقه حالياً والتي يبلغ عددها مائة مدرسة، بما يساعد على توفير مجال أوسع لتنفيذ المنهج الدراسي وزيادة فرص التعلم، وإتاحة الفرصة لممارسة المزيد من الأنشطة الصفية واللاصفية.

وقد ابدى كثير من الطلبة والمدرسين وأولياء الأمور انزعاجهم من القرار ووصفوه بأنه مرهق لجميع الأطراف وخاصة مع عدم توافر المرافق التي تساعد على التطبيق، مثل الكافتيريات والأماكن المظللة والاستراحات وغيرها، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية من الناحية الاقتصادية والتربوية والاجتماعية.

وطالبوا بعدم تطبيقه لأنه سيعمل على تدني مستوى الطلبة في المستقبل حيث إنهم لن يجدوا الوقت الكافي للدراسة والترفيه عن أنفسهم، بينما أكد التربويون انه يجب أن يكون هناك تجديد في المناهج والخطط التربوية قبل التنفيذ، حتى يكون له مردود إيجابي على الطلبة.

جاء ذلك خلال التحقيق التالي:

نظام فاشل

أبدى الطلبة اعتراضهم على تمديد الدوام المدرسي حيث يقول علي حسن (تجاري): إن تمديد الدوام المدرسي نظام فاشل، فمع دخول الحصة الخامسة يبدأ التعب على وجوهنا ولا نستطيع التركيز ونرغب في النوم، وتقل قدرة الاستيعاب وخاصة بعد الفسحة مباشرة فما بال تمديد الدوام إلى الساعة الثانية والربع، لذلك اعتقد أن الوقت الحالي كاف جدا ولا يحتاج إلى تمديد الوقت وخاصة بالنسبة إلى مواد التجاري فالمدرس يشرح في ربع ساعة ويحل في ربع ساعة ويجلس في الربع الأخير، أما بالنسبة إلى الحصص الطويلة مثل اللغة الانجليزية فتجد من ينام ومن يلعب بالهاتف ومن يتحدث إلى زميله في الحصة، ثم يطلب منا في الامتحان كتابة فقرتين فقط من دون تمارين في الامتحانات مما يجعل كثيرا من الطلبة لا يهتمون بالشرح.

كذلك المدرسة غير مهيأة لتمديد الدوام مثل استراحات الطلبة، والكافتيريا المجهزة.

وأضاف: اعتقد أن تمديد الدوام سيكون له مردود سلبي على الطلبة مثل زيادة التعب على الطلبة لرجوعهم في وقت متأخر الى المنزل، ولا يمكنهم أن يؤدوا واجباتهم ويدرسوا او يذهبوا إلى المعاهد أو النوادي لممارسة هواياتهم وهذا سيؤثر بالسلب على الدرجات، في الوقت الذي نحن فيه متخوفون من جدول الامتحانات لأنه بشكل يومي على عكس السنوات السابقة التي كان الجدول فيها منظما على أساس ان يكون بواقع ثلاثة امتحانات في الأسبوع تقريبا.

ولقد كتبنا عريضة من ألف طالب تقريبا نطالب فيها برفض هذا القرار ولكن من دون جدوى.

ارهاق الطلبة

مريم الدوسري (توحيد مسارات) تقول: إن تمديد الدوام المدرسي مرهق بالنسبة إلى الطلبة كثيرا وخاصة أن الأجواء في المدرسة لا تشجع على ذلك فلا يوجد وقت للغذاء. بالإضافة إلى تشتت الأسرة وعدم جلوسهم على الوجبات الغذائية. وعدم استيعاب الطلبة للدروس وشعورهم بالملل، ولكن في حالة تطبيق القرار يجب زيادة الحمامات، وتوفير استراحات للطلبة.

عدم توافر كافتيريا

وأكدت الطالبة جواهر طلال ان فهم الدروس لا يرتبط بزيادة الوقت ولكن بالتركيز وإن تطبيق القرار سيجعل الطلبة يشعرون بالملل، كذلك سيضطر الطلبة إلى الرجوع في وقت متأخر إلى المنزل وبالتالي لن يكون هناك متسع من الوقت للدراسة والجلوس مع الأهل وحل الواجبات وستكون درجاتنا سيئة، كذلك لا يوجد ممرضة في المدرسة والحمامات غير كافية بالإضافة إلى انه لا وجود لكافتيريا.

أما الطالبة إلهام عباس بدت منزعجة للغاية من تمديد الدوام وعلقت: لن اجلس في المدرسة إلى الساعة الثانية والربع سأغادر المدرسة في الواحدة والنصف، لأننا نتعب كثيرا من الدوام الحالي فما بال الدوام الجديد، بالإضافة إلى اننا لن نتناول وجبة الغداء، ولا توجد استراحات للطلبة وتمديد الدوام سيحرمنا من الجلوس مع عائلاتنا ولن يكون هناك وقت كاف للدراسة.

وأتمنى أن تكون هناك وجبة يومية تصرف للطلبة بشكل مجاني على ان تكون من مطاعم الوجبات السريعة.

التفكك الأسري

بينما تقول جواهر خالد (أول ثانوي أدبي): تمديد الدوام المدرسي قرار ليس سيئا للغاية لكنه سيؤدي إلى تأخيرنا عن الوصول إلى المنزل وخاصة انه يتزامن مع خروج الوزارات وبالتالي سنصل إلى المنزل الساعة في الثالثة والنصف، ولن يكون هناك وقت للترفيه والدراسة وحل الواجبات وسوف يجعلنا ننام مبكرا. كذلك لن يكون هناك وقت لتناول وجبة الغذاء، مما يجعلنا نبتعد عن الأسرة لأنه الوقت الذي نلتقي فيه معهم.

وتقول دانة اسكندر (توحيد مسارات): إن قرار تمديد الدوام المدرسي جيد للغاية ولكنه يتعبنا في ضوء عدم توافر المرافق مثل الحمامات الكافية والاستراحات ومصلى ولكنه متعب بالنسبة لنا لأننا بعد عودتنا سنضطر الى النوم حتى اليوم التالي.

التمديد غير مناسب

وعلق حسن عبدالله (الصف الثاني ثانوي): التمديد غير مناسب لأنه مرهق ولا يوجد فرصة للمذاكرة ولا تناول وجبة الغداء وخاصة أن الحصة طويلة، والمدرسون غير مقتنعين بالفكرة لان لهم عوائل يريدون أن يجلسوا معهم، كذلك المرافق في المدرسة غير كافية وتحتاج إلى اهتمام أكثر، كذلك لا يوجد مصلى، ورجوعنا متأخرين سيمنعنا من الدراسة والتحضير وسيؤثر على مستوانا. ولقد كتبنا عريضة من جميع الأقسام في المدرسة ولكنهم رفضوا ذلك.

قلة المستوى

وديعة علي (ثانوية عامة ) تقول: رغم انني في السنة الأخيرة فإن تطبيق هذا القرار في الفصل الثاني سيؤدي إلى تدني نتائجنا وخاصة أن وقت ٤٥ دقيقة للحصة جيد وتقوم المعلمات فيه بحل التمارين والأنشطة العلاجية ولا يمكننا أن نستوعب إذا كان الوقت اكبر وخاصة ان المواد سهلة لأنها تجارية وبالتالي زيادة الوقت سيؤدي إلى الهروب من الحصص والتسرب من المدرسة، وخاصة أن الحصص متتابعة ولا يوجد وقت لراحة الطلبة، وبالتالي يمكن أن يؤثر على درجات الطلبة بالسلب وهذه آخر سنة بالنسبة إلينا، ولقد سمعت انه عند التمديد سيتم فصل الطلبة على حسب المستويات وهذا لا يناسب بعض الطالبات لانه في كثير من الأحيان لا تفهم بعض الطالبات إلا عن طريق شرح الطالبات المتفوقات وفصلهن عنهن سيلحق الضرر بهم.

كذلك لا توجد مرافق للطلبة مثل الاستراحات والأماكن المظللة فأنا أعاني من نزف الأنف في الشمس (الرعاف) ولا يوجد استراحات خاصة وكافتريات للطلبة لقضاء وقت استراحتهم.

إيجابيات التمديد

وقد اتفق المدرسون مع الطلبة والطالبات حول رفضهم تمديد الدوام المدرسي فقالوا:

محمد احمد (مدرس رياضيات) يقول: إن تمديد الدوام المدرسي له ايجابيات كثيرة وقد أقرته وزارة التربية والتعليم للقسم الثانوي بناء على دراسة واخذ استبانة وتجربته على مدرسة المحرق وبعد ظهور النتائج الايجابية سعت الوزارة إلى تطبيقه على جميع المراحل الثانوية في الفصل القادم. والتمديد المدرسي مهم جدا للمواد العلمية وخاصة بالنسبة إلى مادة الرياضيات لان الطالب يحتاج إلى وقت أكثر للتدريب على حل المسائل الرياضية بعد شرح المسائل والوقت الحالي لا يكفي لذلك وخاصة ان مادة الرياضيات مادة أساسية وتحتاج إلى اهتمام كبير من الطلبة والمدرسين فبدلا من أن تكون الحصة ٤٥ دقيقة تكون ساعة كاملة كذلك يمكن للمدرس أن يأخذ راحته في الوقت من خلال متابعة الحل مع عدد اكبر من الطلبة، أما بالنسبة إلى الملل الذي يشعر به الطلبة مع زيادة الوقت فأعتقد أن ذلك يعتمد على المدرس نفسه في طريقة عرضه للمادة وتوصيله المعلومة إلى الطلبة من خلال الأنشطة التي يستخدمها وتشجيع الطلبة على المشاركة والتعزيز للطلبة، وبذلك لن يشعر الطالب بالملل إذا كانت الحصة متنوعة.

بل على العكس لن يشعر الطلبة بالوقت وخاصة أن هناك بعض الطلبة يطالبون أن تكون حصة الرياضيات أطول ليفهموا ويحلوا المسائل. إما بالنسبة إلى موضوع تعب الطلبة فنحن لا نتحكم به فحتى لو اتبعت أفضل الأساليب فكل شخص عنده مقدار معين من الطاقة. أما بالنسبة إلى الواجبات قد يكون هناك وقت لحل الواجبات في المدرسة.

عدم توافر مرافق تعليمية

ومحمد عبدالله (مدرس تربية رياضية) يقول: ان زيادة الحصة الواحدة إلى ساعة واحدة متعب وخاصة بالنسبة إلى حصتي فالعملي ممتع بالنسبة لهم ولكن المادة النظرية تسبب الملل للطلبة في ٤٥ دقيقة فما بال ساعة واحدة فاعتقد ان ذلك كثير على الطلبة، كذلك لا نعرف شيئا عن مخصصات المدرسين وكيف ستحسب لهم فأعتقد أن كل شخص ستحسب له بحسب الساعات الإضافية له، كذلك قدم الطلبة كثيرا من الاستفسارات إلى مدير المدرسة عن عدم توافر مكان للصلاة وكافتيريا، وأماكن مظللة للطلبة فماذا سيكون حالهم في فصل الصيف، فالطلبة والمدرسون لم يخيروا في القرار ولم يأخذ احد رأيهم وهم الجانب الرئيسي في الموضوع.

كذلك القرار سيؤثر على الجانب الاجتماعي على الطلبة وسيحرمون من تناول وجبة الغذاء مع أهلهم وكذلك الحال بالنسبة لنا سنحرم من الجلوس مع عائلاتنا وتدريس أبنائنا.

ازدحام الشوارع

ويقول الأستاذ محمد احمد (مواد تجارية): نحن غير راضين عن التمديد وخاصة أن الطلبة لا يستوعبون من الحصة السادسة فما بال تمديد الحصة إلى الساعة الثانية والربع.

كذلك تطبيق الدوام الجديد يتعارض مع دوام الوزارات وبالتالي سيسبب ازدحاما كبيرا في الشوارع، كذلك المدارس غير مجهزة لوجبة الغذاء للطلبة مما سيؤدي إلى انهاكهم وعدم استيعابهم قبل الوصول إلى الساعة الثانية.

وأضاف: الاختصاصيون لم يعيشوا الواقع فالطالب لا يمكنه الصمود فترة طويلة في الفصل مما يجعلنا نضطر إلى إخراجهم إلى الخارج، وخاصة في ظل عدم توافر السبورة الالكترونية. كذلك بعض المواد لا تحتاج إلى ساعة كاملة.

واعتبر الأستاذ محمد أن تمديد الدوام المدرسي سيؤثر سلبا على الطلبة من خلال عدم قدرتهم على الذهاب إلى معاهد التقوية أو النوادي الرياضية بسبب الدوام الجديد، وكذلك الحال بالنسبة لنا لا يمكننا أن نجلس مع أبنائنا، ولم يأخذوا رأينا في الموضوع، مع فقدان الطلبة لأهم المرافق مثل الكافتيريا مع الشكوى من عدم توافر الوجبة المناسبة وناد لممارسة الهوايات المختلفة.

أعباء اقتصادية

وعلق محمود يوسف (مواد اقتصادية): التمديد لا يصلح نهائيا ولا أرى فائدة من ذلك فالحسابات الاقتصادية والتربوية تدل على ذلك، فمن الناحية الاقتصادية تمديد الوقت يضيف أعباء مالية على وزارة التربية والتعليم، ولابد أن تدفع التعويضات بدل الوقت الإضافي للمعلمين والطواقم الأخرى، وكلفة تشغيل المباني وخاصة في فصل الصيف ومعدل استهلاك الكهرباء مما يقلل العمر الزمني للمباني. كذلك كلفة الازدحام المروري وضغط الشوارع، وكلفة احتراق الوقود والوقت الضائع، وكلفة الحوادث، وقد تكون هذه القرارات غير المدروسة نتائجها لا تظهر في الوقت القريب ولكنها ستظهر في المستقبل.

كذلك على النطاق الاجتماعي نجد أن تمديد الوقت سينشر الضعف الأسري نتيجة عدم تجمع الأسرة وقت الغذاء مما سيسبب عدم الاستقرار النفسي.

وأكد ان المستوى التعليم لا يقاس بالكم ولكن بالكيف ويمكن أن نعدل مستوى التعليم من خلال تغيير المناهج ومحتواها والنظام التعليمي، واستخدام القدرات الذهنية وليست المعتمدة على الحفظ، والتنجيح الآلي.

قرار قاسٍ

وكان لأولياء الأمور رأي حول التمديد المدرسي:

أم علي تقول: إن قرار تمديد الوقت قاسٍ على الطلبة فكيف لهم أن يصمدوا إلى الساعة الثانية والربع فمنذ وصولهم المنزل لا يمكنهم حتى الراحة فالواجبات كثيرة بالإضافة إلى الذهاب إلى المعاهد للتقوية، وهذا بخد ذاته يمنعهم من ممارسة حتى وسائل الترفيه، أو القيام بالزيارات العائلية فما بال الآن وخروجهم في ذلك الوقت فاعتقد أن الطلبة سيرجعون ليناموا فقط، ولن يستطيعوا فعل أي شيء آخر.

تسرب الطلبة

بينما بدت أم حسن غاضبة وقالت: كيف ذلك كيف يمكن للطلبة تحمل الجلوس على مقاعد الدراسة من الساعة السابعة إلى الثانية والربع ظهرا والاستماع إلى الدروس كل هذه المدة، مما سيجعلهم لا يستوعبون الدروس ويمكن أن يؤدي إلى كرههم المدرسة وتسربهم وهذا سيؤدي إلى انتشار ظاهرة التسرب في المدارس.

أم احمد تقول: رفقا بأبنائنا الطلبة فنحن نتعب معهم ليدرسوا ونحاول أن نشجعهم رغم المناهج الطويلة وغير المشجعة المعتمدة على الحفظ وهي بعيدة عن جانب المتعة في طريقة الشرح وتوصيل المعلومة فماذا بعد زيادة الوقت فاعتقد أن ذلك يؤثر سلبيا على التعليم والعملية التعليمية لذلك أرجو من وزارة التربية والتعليم التروي في الموضوع، وعدم تطبيق القرار في الفصل القادم حتى لا يؤثر على الطلبة ويمكن تطبيقه العام القادم إذا استدعى الأمر.

انخفاض الزمن المدرسي

وعن التأثير التربوي على تمديد الدوام المدرسي على الطلبة يقول الأستاذ الدكتور خليل شبر (جامعة البحرين): يجب أن نعلم أن الزمن المدرسي الحالي لمدارس المرحلة الثانوية المعتمد في مملكة البحرين وفقا لما أشارت إليه وزارة التربية والتعليم هو في حدود ٦٣٥ ساعة في السنة، بينما متوسط الزمن المدرسي في الولايات المتحدة الأمريكية هو في حدود ١١٧٠ ساعة، وفي استراليا ١٠٨٠ ساعة، وفي أيرلندا واليابان ١١٧٠ ساعة، وهذا يؤشر إلى انخفاض كبير في الزمن المدرسي في العام في مملكة البحرين مقارنة بالدول الأخرى، وهذا الانخفاض يؤشر إلى ضرورة الحاجة لإعادة النظر بموضوعية لهذا التدني ومعالجته من أجل الارتقاء بالمستوى التعليمي في بلدنا البحرين.

التخطيط لاستراتيجيات التعليم

وأضاف شبر: ومن هذا المنطلق فإنني أرى ضرورة إعادة النظر في الزمن المدرسي المعتمد حاليا بحيث يكون هذا الزمن مقاربا للمتوسط المتعارف عليه عالميا في المرحلة الثانوية والمعتمد من منظمة اليونسكو، وهو في حدود ١٠٠٠ ساعة سنويا، ما يتطلب بطبيعة الحال إعادة النظر في مجمل عناصر العملية التعليمية/التعلمية والمتمثلة في التخطيط للتدريس واستراتيجياته، بيئة التعلم، مهارات التقييم والتقويم والمهارات الأخرى المرتبطة بالعملية التعليمية. بحيث ينصب التأكيد على خلق بيئة تعليمية حقيقية وليست مصطنعة تدفع المتعلمين نحو التعلم الحقيقي الذي يدفعهم نحو التعلم بهدف التعلم وليس بهدف الحصول على درجات عليا، أي التعلم من أجل العلم وليس من أجل هدف آخر، إن التعلم الحقيقي هو هدف كبير تسعى إليه المجتمعات المتقدمة في الوقت الحاضر وهو ما يجب أن نسعى إليه كذلك.

ويقول شبر: إذا ما أردنا التطور والتقدم العلمي المنشود لنضع أيدينا على الطريق الصحيح للنهوض بمجتمعنا علميا كما نهض أجدادنا العرب الأوائل قديما في المجالات العلمية وأضافوا إلى العلم و العلوم الأخرى بكل مهنية واحتراف حتى بقت علومهم قرونا كثيرة تصدح في المحافل العلمية العالمية وبقت أسمائهم خالدة خلود التاريخ، إن التعلم الحقيقي يتطلب منا مزيدا من الوقت في التعليم وهو هدف هام جدا يجب أن نسعى إلى تحقيقه على الأرض. لان التعلم بقصد العلم والمعرفة هو الهدف الأساسي في العملية التعليمية/التعلمية من وجهة نظري، والذي يجب أن يعتمد إذا ما أردنا النهوض بمجتمعاتنا نحو أفق التطور ومواكبة كل جديد في شتى العلوم المختلفة؛ كي يمكن لنا أن نضع بصماتنا وبصمات أجدادنا في التطور العلمي والإنساني.

تطوير المناهج

وأكد شبر أن زيادة متوسط الزمن المدرسي المقترح في مدارسنا هو في الحقيقة جزء بسيط جدا مما هو مطلوب بشرط ان يواكب ذلك إعادة النظر في المناهج المدرسية المعتمدة حاليا لتواكب بصورة جدية التجديدات والتطويرات المعتمدة في الدول المتقدمة الآخرى، ومن هذا المنطلق أعتقد أن المناهج المدرسية يجب أن تأخذ طابع العمق وليس التسطيح المعتمد حاليا في الكثير من مدارسنا العربية أي أن يكون هناك توسع في تناول الموضوعات المدرسية المقررة والابتعاد عن التسطيح واقصد به زيادة الموضوعات المدرسية المقررة وتناولها بشكل سطحي لا فائدة منه إطلاقا، بل على العكس من ذلك يرهق الطلبة والمدرسين في علوم لا جدوى من تعليمها وتعلمها. ثم ان هناك أمرا آخر هو توفير بيئة تعليمية/تعلمية حقيقية في مدارسنا تدفع المتعلمين والمعلمين نحو التعلم الحقيقي الذي هو الهدف المنشود نحو التطور والتقدم. وإذا ما اعتمد هذا فإن المتعلم والمعلم وأولياء الأمور وكل أطراف العملية التعليمة/التعلمية سوف يشعرون بأن زيادة الزمن المدرسي هو حاجة ضرورية مطلوبة لمصلحة الجميع من أجل النهوض بالمستوى العلمي لأبنائنا الطلبة وتفوقهم في المجال التعليمي.

وان تطوير وتطبيق استراتيجيات التعليم والتعلم التي تعتمد على المتعلم كمحور للعملية التعليمة إذا ما طبقت عمليا في مدارسنا فسوف تحتاج إلى إضعاف الزيادة المقترحة للزمن المدرسي الذي هو في حدود (٤٥) دقيقة في اليوم، لان اعتماد تلك الاستراتيجيات في المدارس يحتاج الى زمن يكفي لتناول الموضوعات المدرسية الكثيرة المقررة بالنظر الى التفاعل الإيجابي الذي ينتج بين المتعلم ومادة التعلم أثناء التدريس مما يخلق بدوره نوعا من الابتهاج العقلي للمتعلمين أثناء التعلم يجعلهم يستمتعون بتعلمهم المدرسي ويؤدي إلى زيادة تحصيلهم العلمي وبالتالي تطور مجتمعنا نحو الأفضل وزيادة تقدمه العلمي، الاجتماعي، الثقافي، والإنساني.

رأي وزارة التربية والتعليم

وعن أسباب تمديد الدوام المدرسي للمرحلة الثانوية علقت إدارة العلاقات العامة والإعلام في وزارة التربية والتعليم:

قررت وزارة التربية والتعليم تمديد اليوم الدراسي في المدارس الثانوية مع بداية الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري، بحيث ينتهي الدوام في هذه المدارس عند الساعة ١٥٢ ظهرا بدلاً من ٣٠١ ظهراً بزيادة قدرها ٤٥ دقيقة من زمن اليوم المدرسي. ويأتي ذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزارء الموقر بهذا الخصوص، في سياق متطلبات برامج التطوير التي تنفذها الوزارة واستكمالاً لمتطلبات برنامج تحسين أداء المدارس الذي حقق نتائج إيجابية في المدارس التي تطبقه حالياً، ويبلغ عددها حالياً مائة مدرسة، بما يساعد على توفير مجال أوسع لتنفيذ المنهج الدراسي وزيادة فرص التعلم، إذ يتيح ذلك ممارسة المزيد من الأنشطة الصفية واللاصفية، وتخفيف الأعباء والواجبات المدرسية المطلوبة من الطلبة بعد الدوام المدرسي بفضل ما يمنحه التمديد من مساحة زمنية إضافية لزيادة الحصة الدراسية في المواد الرئيسية.

أهداف التمديد

وقد جاءت الحاجة إلى التمديد لمشاريع تحسين أداء المدرسة التي تتوافق مع مبدأ الاستثمار الأمثل لزمن التعلم والتركيز على المواد الأساسية. فمع تطبيق مشاريع التحسين والتركيز على عمليات التعليم والتعلم أصبح من الضروري توافر شروط ومواصفات للدرس الجيد، وما يتطلبه من تطبيق استراتيجيات حديثة حيث يكون الطالب هو محور العملية التعليمية، إلى جانب تطبيق التعليم المتمايز الذي يراعي كل فئات الطلبة (ضعاف ومتوسطي التحصيل والطلبة المتفوقين).

ولكن عملية التطوير المستمر تحتاج إلى مواكبة حيث أن العديد من الصعوبات تواجه عملية التدريس لا يمكن حلها، إلا من خلال إعادة النظر في مدة الحصة الدراسية وخاصة في المواد الرئيسية لتكون مدتها ساعة، لإتاحة الفرصة لتنفيذ طرائق التدريس وطرائق التعلم الحديثة. الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة اليوم الدراسي في صورته الحالية من خلال تمديده، إلى جانب تفهم جميع الأطراف المعنية بالعملية التربوية التعليمية وتعاون الهيئات الإدارية والتعليمية في المدرسة وتفهم أولياء الأمور بوجه خاص.

إن الوقت الإضافي في زمن الحصة الدراسية من ٤٥ إلى ٦٠ دقيقة، سيتيح للمعلم إكمال شرح الدرس وتمكنه من الإدارة الجيدة لوقت الحصة بحيث يتم توظيف الأنشطة الاستهلالية في بداية الحصة لتشجيع الطلبة على المشاركة والمناقشة وإبداء الرأي، وما يتخلل الحصة من وقفات تقويمية للطالب والتركيز على الخاتمة التي من شأنها تثبيت مفاهيم الدرس لدى الطالب وتكوين صورة واضحة لديه حول الأمور التي أتقنها في الدرس.

ضمان النجاح

وقد اتخذت الوزارة خطوات تمهيدية في الفصل الدراسي الأول لضمان نجاح هذه العملية، اشتملت على توفير البيئة المدرسية الصحية الآمنة وتزويد المعلمين بمواد الدعم للمناهج الدراسية والالتزام بتدريبهم على كيفية استخدامها بشكل أكثر فاعلية، كما يتم تدريب جميع المعلمين على التدريس بهذه الكيفية، تمهيداً لتطبيقها اعتبارا من الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري.

وتقوم الوزارة حالياً بتنفيذ خطة تهدف إلى الارتقاء بالبيئة المدرسية سواء من ناحية توفير المظلات وتحسين التكييف وزيادة نقاط الشرب أو القاعات المكيفة وتأمين المواصلات اللازمة للطلبة الى جانب العمل على استيفاء جميع الجوانب التي يحتاج إليها الطالب على ضوء هذا المشروع.

الساعة الذهبية

وقد جاءت تقارير هيئة ضمان الجودة لتؤكد حاجة المدارس إلى تحسين طرائق التدريس وتوظيف مهارات التفكير العليا وتعليم كل الفئات الطلابية مما يعزز التوجه نحو إعطاء التدريس والتعليم الوقت الكافي لإحداثه، وبحسب الدراسة المسحية التي قامت بها إدارة مدرسة المحرق الثانوية للبنات على فئة المعلمات والطلبة وأولياء الأمور والتي بينت أن نسبة الرضا مرتفعة جداً حيث تتراوح بين ٨٢% - ٩١%، كما أطلقوا على الوقت المضاف (الساعة الذهبية) التي يتم من خلالها تكثيف الأنشطة الصفية والإبداعية لإشراك الطالب في العملية التعليمية فلا يكون الطالب مجرد مستمع، حيث ان مشاركة الطالب أثناء الحصة الدراسية تؤثر بشكل كبير على فهمه واستيعابه للدرس أكثر ويخرجه من الشعور بالرتابة والملل.

تجربة التمديد

يتم توزيع اليوم الدراسي على ٦ حصص دراسية بالإضافة إلى الطابور وفسحتين إحداهما للصلاة، والتركيز على زيادة وقت الحصص بحسب الأولويات (اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات والعلوم) كما ستستفيد معظم المواد الأخرى من التمديد أيضا.

إن أول تجربة لتمديد اليوم الدراسي كانت في مدرسة المحرق الثانوية للبنات وهي إحدى المدارس التي يشهد لها التاريخ التربوي بالعديد من الانجازات المرموقة في سبيل تطوير العملية التعليمية ورفع التحصيل الدراسي للطالبات. فقد طبقت المدرسة التمديد وزيادة زمن التعلم داخل الصفوف على سبيل التجربة والتي أثمرت نتائج طيبة، وهو ما يتوافق مع توجهات الوزارة وقد تم اتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الشأن، وقد كانت بالتشاور والمشاركة مع جميع أعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية في المدرسة إلى جانب عدد من المختصين في الوزارة. وبعد تطبيق هذه التجربة في المدرسة جاءت نتائجها بنسب عالية من الانجاز سواء كان على مستوى أداء الطالبات أو المعلمات وحتى مشاركة أولياء الأمور وتشجيعهم. وحققت المدرسة نتائج متميزة في مستوى أدائها فمثلا ارتفع مستوى تحصيل الطالبات ومستوى الإتقان والتفوق مقارنة بنفس النتائج عبر السنوات التي تم تطبيق التمديد فيها من جهة ومقارنتها بنتائج المدارس الأخرى من جهة ثانية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة