الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٩ - الأربعاء ٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


إرهاب أمريكي ماذا وراءه؟





في الايام القليلة الماضية، أصيب المسئولون الأمريكيون بحالة من الجنون، ومارسوا ارهابا سياسيا بالمعنى الحرفي للكلمة ضد المجلس العسكري والسلطات المسئولة في مصر.

ارهابهم السياسي اتخذ شكل الهجوم العنيف وكيل الاتهامات الشنيعة للسلطات المصرية بأنها تمارس القمع وتستهدف القوى الديمقراطية. واتخذ ما هو أبعد من هذا شكل التهديد باتخاذ اجراءات عقابية صارمة. ووصل الأمر الى حد التهديد الصريح بوقف كل المعونات الامريكية لمصر.

هذه الحملة شارك فيها كبار المسئولين الامريكيين وصل الأمر الى حد تدخل وزير الدفاع الامريكي نفسه.

سبب كل هذا أن السلطات المصرية المسئولة قامت وبشكل قانوني تماما، بتفتيش مقار ١٧ منظمة غير حكومية. واكثر ما أثار جنون الامريكيين ان هذا التفتيش شمل مقار ثلاث مؤسسات امريكية هي: المعهد الديمقراطي الامريكي والمعهد الوطني الديمقراطي وبيت الحرية، فريدوم هاوس.

المسئولون الأمريكيون ومن خلفهم - كما الببغاوات - المسئولون في الاتحاد الاوروبي وفي كندا، في حملتهم على السلطات المصرية رددوا ان هذا الاجراء هو قمع للحريات وللديمقراطية، ومسعى لاستهداف من يقولون انهم مدافعون عن الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان في المنظمات غير الحكومية.. وما شابه ذلك من اتهامات.

يقولون هذا مع انهم يعلمون تماما ان القضية برمتها لا علاقة لها في حقيقة الامر لا بالحريات ولا بالديمقراطية او بمدافعين مزعومين عن الديمقراطية. القضية لها علاقة بتجاوزات جنائية وبممارسات اجرامية، بمعنى ان القانون يجرمها، ولها علاقة بتهديدات للأمن الوطني المصري.

بداية، قبل ان نتطرق لأبعاد القضية، لنا ان نعرف ان عدد المنظمات والمؤسسات التي جرى تفتيش مقارها ١٧، في حين ان في مصر ٣٥ الف مؤسسة ومنظمة غير حكومية. أي ان الامر لا يتعلق من قريب أو بعيد باستهداف عام للمنظمات غير الحكومية، وإنما يتعلق بعدد محدود من المنظمات والمؤسسات المشبوهة.

سبق لي ان تحدثت عن هذه القضية تحديدا في اكثر من مقال في هذا المكان. لكن للتوضيح، هذه القضية يجري التحقيق فيها منذ شهر يوليو الماضي.

القضية تتلخص انه في مطلع شهر يوليو الماضي، وبناء على معلومات تلقتها وزارة العدل عن تلقي عشرات من المنظمات اموالا طائلة من الخارج وقيامها بأدوار مشبوهة، قرر وزير العدل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في هذه القضية.

اللجنة انهت اعمالها مؤخرا وقدمت تقريرها، وبناء على ما جاء فيه تم اتخاذ الاجراءات القضائية لتفتيش مقار هذه المؤسسات.

التقرير خلص باختصار الى امرين اساسيين:

الأول: ان عشرات من المنظمات والمؤسسات غير الحكومية تلقت اموالا اجنبية تقدر في مجملها بمئات الملايين من الجنيهات، وتحديدا، ما يقرب من ٢ مليار جنيه من جهات حكومية وغير حكومية اجنبية. والجانب الاكبر من هذا التمويل تم خصوصا في فترة ما بعد الثورة.

المهم هنا ان هذه المؤسسات والمنظمات والجمعيات حصلت على هذه الاموال الاجنبية بشكل غير قانوني، أي من دون موافقة السلطات او حتى علمها في اغلب الاحوال.

والثاني: ان هذه الأموال الأجنبية المهولة تم تقديمها الى هذه المؤسسات والجمعيات غير الحكومية تحت ستار ودعاوى من قبيل تشجيع التحول الديمقراطي أو تعزيز حقوق الانسان أو القيام بأعمال خيرية. لكن اتضح ان هذه الاموال يتم استخدامها في اعمال لا علاقة لها من قريب او بعيد بهذه الغايات، وانما في اعمال وممارسات تهدد الأمن الوطني وتشجع على نشر الفوضى في البلاد.

إذن، الذي حدث انه بناء على تقرير لجنة تقصي الحقائق وما ورد به من معلومات والتوصيات التي طرحها، تم هذا الاجراء بتفتيش مقر هذه المؤسسات.

بتحديد اكثر، كما قال وزير العدل المصري ان السلطات «تصرفت بموجب القانون وفي اطار التحقيق الخاص بالتمويل الاجنبي للأنشطة السياسية» وان «اجراء التفتيش على تلك المقار تم تنفيذا لقرار قضائي وكل الاجراءات تمت في اطارها االقانوني السليم ووفقا للشرعية المستمدة من القانون».

يضاف الى هذا ما ذكرته الدكتورة فايزة ابوالنجا وزيرة التعاون الدولي من ان «كل دول العالم بلا استثناء بما في ذلك الولايات المتحدة تحظر التمويل السياسي الاجنبي الذي يمول انشطة سياسية او اهداف سياسية او انشطة تتعلق بعمل الاحزاب».

إذن هذا الاجراء الذي اقدمت عليه السلطات المصرية لا ينطوي على شئ يدعو الى الاستهجان، وتم بعد تحقيق امتد لأشهر ووفقا للإجراءات القانونية المرعية.

اذن، لماذ كل جنون تصريحات المسئولين الامريكيين على هذا النحو؟، وماذا وراء ارهابهم السياسي السافر الذي مارسوه؟

لا بد ان وراء ذلك سرا.

غدا نوضح بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة