الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٢ - السبت ٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


التكنولوجيا والجاهل الذي عدو نفسه





ها هو عام ٢٠١١ قد أعطانا ظهره وعرض قفاه ولملم أشياءه وغادرنا نهائيا، وها هي وسائل الإعلام العالمية تحصي انجازات العرب المبهرة خلال العام الوشيك الانقضاء: عالم سوداني يخترع عمامة ذاتية اللف.. مصنع خليجي ينجح في صنع كبسة على هيئة كبسولات وأخرى بودرة... خبراء عرب يتوجهون إلى واشنطن لتقديم النصح للحزبين الجمهوري والديمقراطي حول وسائل الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة (يرجح ان تكون النصيحة: انقلاب عسكري).. ومن ناحيتي أدركت ان العرب دخلوا عصر التكنولوجيا قبل سنوات رغم بعض الحاقدين الذين يقولون إنهم دخلوا على التو عصر البخار، عندما قام رجل تكنولوجي في دبي قبل نحو ستة أعوام، باستخدام التقنيات الحديثة لحل مشكلة مستعصية، وهي «كيف يعاقب زوجته التي تأخرت في العودة إلى البيت، بعد زيارتها لأقاربها»؟ وبعد تقليب الأمر في دماغه قرر إنهاء خدمات زوجته بطريقة عولمية، وما كان منه الا ان استفاد من خاصية ارسال الرسائل المكتوبة عبر الهاتف النقال وبعث إليها برسالة جاء فيها ما معناه: زوجتي العزيزة،.. حضرت ولم أجدك.. روحي انت طالق.. خلِّي اهلك ينفعوكِ!!.. المهم ان الزوجة المفنشة لجأت إلى القاضي حاملة هاتفها، فأمر القاضي باستدعاء الزوج الذي أكد انه بعث بالرسالة وانه قصد منها فعلا طلاق زوجته فثبت الطلاق التكنولوجي، وانتهت علاقة تم توثيقها قبل سنوات قليلة بقلم يستخدم الحبر المصنوع محليا، برسالة مكتوبة على جهاز نوكيا صنع في فنلندا!! (وبما أنني أمر الآن بطفرة تكنولوجية ضخمة بسبب اقتنائي لجهاز آيفون فور إس، الذي يملك الوليد بن طلال واحدا مثله، فإنني سأفاجئ أصدقائي وأقاربي بقرارات فيسبوكية غوغلية مستخدما تقنيات لم يسمع بها ٩٩,٩% من القراء مثل فايبر وفيستوك، وهذه الأخيرة تسمح للمتصلين بي برؤية وجهي نظير رسم رمزي لا يزيد على ٩ دولارات للمكالمة الواحدة.. وبالمناسبة فإنني أنصح الثرثارين على وجه خاص بالسعي للحاق بأبي الجعافر تكنولوجيا واقتناء آيفونن لأنك تستطيع ان تكلم أي شخص لديه نظام فايبر في هاتفه بلا مقابل في أي ركن من أركان الدنيا وخلّي شركات الاتصالات تاكل هوا).

ثم جاءت حادثة العائلة المصرية المتخلفة من مدينة بنها لتؤكد مجددا اننا دخلنا عصر العولمة والعوالم مع بداية القرن الـ٢١، ففي النادي الرياضي بالمدينة جلس المأذون وعقد قران عروسين، وزغردت النساء وتمخطرت الحلوة الزينة الوردة جوه جنينة، وجلست وسط المدعوين ودواخلها تزغرد لأنها تزوجت بمن تحب، ثم جاءت إحدى فرق العولمة الموسيقية وعزفت «فالسا» بطيئا، و«الفالس» أيها القراء المتخلفون هو ضرب من الموسيقى الهادئة التي تتطلّب ان يقف كل رجل وامراة واضعين الأيدي حول الخصور والأرداف، ليبدأ التحرك والتمايل الرزين رزانة رزان المغربي، مع تسبيل العيون وإرخاء الجفون، ويقضي فقه العولمة ان يكون العروسان البادئين بالتخاصر والترادف، ولكن ما ان طلب العريس من عروسه ان تراقصه حتى نظرت إلى ذويها فأشار عليها والدها بعدم الرقص امام جمهور الحاضرين، ولأن العريس شهم ومتحضر فانه اكتشف في تلك اللحظة انه اخطأ اختيار العروس فحملها وهي على الكرسي وأجلسها في منتصف حلبة الرقص واعلن بصوت جهوري: انت طالق، فانطلقت الأيدي «باللكمات.. بالرفسات.. بالضرب الرهيب»، وانتهت زيجة لم تدم اكثر من ٩٠ دقيقة.

وهذه الحكاية درس لكل البنات وآبائهن بأن الشباب المعاصر لا يقبل المسخرة والمهانة او التفريط في ثوابت الحضارة، وعلى كل فتاة راغبة في إسعاد زوجها ان تتعلم التانجو والفالس ويستحسن ايضا ان تلمّ بقليل من الراب وهو ضرب من الغناء يشبه شعر الحداثة عند عديمي الموهبة حيث لا ضابط ولا رابط ولا موسيقى مدوزنة!





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة