الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٣ - الأحد ٨ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


كل عام وإخواني المسيحيون بخير





أنا مسلمة، فخور بديني الإسلامي الذي يدعو إلى السلام أولا وإلى الحب والتسامح والرأفة وجميع الصفات والعادات الحسنة وينهانا عن البغض والحقد والنميمة وإيذاء البشر، والأهم من كل ذلك يدعونا إلى احترام الإنسانية، هذا هو الدين الإسلامي الذي افتخر بانتمائي إليه، دين الخير والعطاء.

بالأمس يصادف عيد طائفة أو ملة معينة من إخواني المسيحيين ولهذا أبارك لهم عيدهم وأتمنى لهم السعادة والتوفيق دائما، كما لا أنسى أن أهنئ جميع الإخوة المسيحيين بعيد الكريسمس الذي مضى منذ فترة قصيرة.

تعرفت منذ سنوات إلى مجموعة من الأصدقاء المسيحيين، لم أندم يوما على صداقتهم بل فرضوا علي وعلى عائلتي حبهم واحترامهم برقي أخلاقهم وتعاملهم الإنساني الجميل، كما جعلونا نقدر تمسكهم بدينهم وتأدية واجباتهم تجاه ربي وربهم (لهم دينهم ولي دين)، محافظين على صلواتهم وصيامهم أكثر من بعض المسلمين الذين نعرفهم، لم يخطئوا في حقنا يوما ولم يقصروا في أي واجب تجاهنا، يحرصون على زيارتنا في أعيادنا في الوقت الذي يكتفي معظم أصدقائنا المسلمين بـ(المسجات)، يحترمون عاداتنا وصيامنا في رمضان، بل يحرصون على مشاركتنا الإفطار الرمضاني والسحور وغيرهما من الشعائر.

هؤلاء هم أصدقاؤنا المسيحيون، أنصار نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام، فهل بعد كل ذلك يحرم علينا تهنئتهم في أعيادهم؟ هل يحق لنا نحن المسلمين المنتمين إلى دين التسامح والسلام والمودة والرحمة أن نكفر أي طائفة أو ملة ونقاطع أعيادهم؟ هل سيلقى الله العظيم، الغفور الرحيم بهذه النوعية من البشر في النار وينعتهم بالكفار؟ إذا كنت أنا عبدته أرى حبهم وتمسكهم بعبادة الله وعدم الشرك به فهل خالقنا والعالم بكل الأمور لا يراها؟

هنأت إخواني المسيحيين عبر الفيس بوك فلامنى أحد الاخوة (الذي يزعم في كل جملة بأنه فقيه في الشرع والدين) طلب إلي التوبة واخذ يسرد علي الآيات القرآنية التي تثبت أن النصارى كفار و...و... حاولت أن ادخل معه في نقاش انه من المستحيل أن يكفر الله كل النصارى إلا أن النقاش كان عقيما فطلبت إليه أن يحترم اختياري وغيري علاقتنا مع ربنا لأنه الوحيد صاحب الحق في التكفير والعقاب والثواب، لكن للأسف الشديد بدل أن يحاول إقناعي بالحسنى (ليعطيني ويعطي كل أنصار الديانات الأخرى صورة جميلة ومتسامحة لرجل الدين الإسلامي) أخذ يسفه رأيي ورأي كل من وافقني في الرأي (حجته القرآن الكريم الذي يفسره كل مسلم حسب معتقداته).

أسئلة بسيطة واحتمال تكون للبعض ساذجة ولكنني سأجهر بها علني أحصل على إجابات مقنعة ولكن بطريقة راقية: لو كان مذكورا في القرآن أن كل النصارى كفار فلماذا الإيمان بالكتب والرسل من أركان الإيمان الخمسة؟ ولو كانت الإجابة أننا يجب أن نؤمن بالكتب والرسل وليس أنصارهم (أي المسيحيين) فلماذا ذكر في القرآن أن الكتب محرفة؟ (كيف يذكر في القرآن أن نؤمن بالكتب ثم يذكر أنها محرفة)؟ لماذا توجد آيات أخرى وجدتها بعد البحث والتقصي عبر الانترنيت تنفي تكفير كل النصارى إلا من أعطى النبي عيسى عليه السلام صفة الالوهية ووصفه بابن الله؟ هل كتاب الله متناقض؟ أسئلة اعلم بأنها ستخرب عقلي (وبتوديني في ستين داهية) ولكنني أريد أن أفهم وأنا صادقة بقلب مفتوح.

هناك الكثير من الأسئلة تدور في ذهني لن أخاف من الجهر بها ليس تشكيكا في ديني العظيم أو في كتاب الله (القرآن الكريم) أبدا بل حبا في التعمق بالاقتناع وليس بترديد ما يمليه علي غيري من دون اقتناع.

لو كان تعاملي مع البشر بحب ونقاء واحترام اختياراتهم الدينية والمذهبية من دون إضرار بالطرف الآخر خطيئة فليعاقبني الله العظيم فقط لا غير فهو الوحيد العالم بنياتي وأعمالي الحقيقية من دون زيف وخداع .

وقبل أن تشتموني عبر الانترنيت وتكفروني يجب أن تعلموا بأن ربي وربكم خالقي وخالقكم يعلم بكل الأسئلة التي تدور في ذهني وهو الوحيد صاحب الحق في عقابي أو ثوابي.

كل عام وجميع البشر الطيبين النقيين المخلصين لله الصادقين بخير.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة