الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٩ - السبت ١٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


مرضٌ غامض يضرب جنود أمريكا





أكثر من ٢٥٠ ألف جندي أمريكي يُعانون مرضا غريبا وغامضا جدا يلاحقهم في منامهم ويقظتهم منذ أكثر من عشرين عاماً، فلا يعرف الطب الحديث له اسماً، ولا يعرف الطب له علاجاً، فقد حار الأطباء والباحثون في أمر هذا المرض، وأعلنوا عجزهم وضعف حيلتهم أمامه بالرغم من أجهزتهم المتطورة والحديثة، وأبحاثهم المعمقة، ودراساتهم المستفيضة التي استمرت منذ مطلع عام ١٩٩١، أي بعد حرب الخليج بأشهرٍ قليلة.

فمنذ ذلك الوقت وآلاف الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج يترددون على المراكز الصحية والمستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية، فيشْكُوا حالهم ووضعهم الصحي المتدهور للأطباء، فهم يشكون من مجموعة من الأعراض كالصداع المزمن، والألم المستمر والشديد في كل أعضاء الجسم، ومشكلات في الذاكرة والتركيز، والشعور المستدام بالتعب والإرهاق، إضافة إلى مشكلاتٍ في الجلد والجهاز الهضمي، وتقلباتٍ في المزاج.

وفي كل حالة من هذه الحالات المرضية يظن الأطباء بأنها الأعراض النفسية المألوفة التي تصيب الجنود أثناء الحرب وبعدها بسبب الضغوط والإرهاق الشديدين اللذين يتعرضون لهما من النواحي الجسمية والعقلية والنفسية، ولكن مع الوقت ارتفعت أعداد الجنود الذين يشكون من هذه الأعراض حتى بلغت مئات الآلاف، وشملت حتى غير الجنود الأمريكيين الذين كانوا في ساحات القتال أثناء حرب الخليج، كالبريطانيين والاستراليين والدنماركيين.

وبالرغم من ذلك، رَفضَ المجتمع الطبي الأمريكي الاعتراف بهذه الأعراض كمرض عضوي جديد مستقل في حد ذاته، ولكن نظراً إلى الضغوط التي مارستها جمعيات ومؤسسات المحاربين القدماء على الحكومة الأمريكية، وتحول القضية من صحية إلى سياسية، اضطرت الحكومة إلى صرف نحو ٤٤٠ مليون دولار على الأبحاث المتعلقة بسبر غور هذا المرض، كما كلَّف الكونجرس الجهات المعنية في عام ٢٠٠٢ بإجراء دراسة مستفيضة ومعمقة لكشف أسباب هذه الحالات المرضية المستدامة، حيث نشرت اللجنة المختصة تقريرها في ١٧ نوفمبر .٢٠٠٨

ومع ذلك فإن الدراسات لم تتوقف، والأبحاث مازالت مستمرة، منها الدراسة المنشورة في ١ يناير ٢٠١٢ في مجلة شئون صحة البيئة الأمريكية. وقد كشفت هذه الدراسات والتقارير عن العديد من النظريات لتفسير هذه الأعراض المرضية التي أُطلق عليها مرض حرب الخلي )IWG(

)ssenlli raW fluG(،

أو ظاهرة حرب الخليج

)emordnyS raW fluG(، وهذه النظريات أُلخصها في مصادر التلوث التي تعرض لها هؤلاء الجنود أثناء الحرب، والتي كانت من أسباب ظهور هذه الأعراض الغامضة.

أولاً: حبوب بروميد البيردوستجمين )edimorb enimgitsodiryp sllip( التي أعطيت للجنود لتَقِيهم من غازات الأعصاب.

ثانياً: التعرض للملوثات التي انبعثت بعد إطلاق صواريخ سكود )selissim ducS(.

ثالثاً: التعرض للمبيدات الحشرية وطاردات الحشرات التي استخدمت لتعقيم الخيام والملابس والأدوات والمعدات التي يستخدمها الجنود.

رابعاً: التعرض للملوثات التي انبعثت من أكثر من ٧٠٠ بئرٍ نفطية محترقة في الكويت.

خامساً: الحُقن التي أعطيت للجنود ضد الأنثركس أو الجمرة الخبيثة )eniccav xarhtna(.

سادساً: التعرض لغبار اليورانيوم المستنفد أو الناضب )muinaru detelped(.

ولذلك في تقديري، فإن الملوثات التي كانت موجودة في كل هذه المصادر، والتي دخلت في أجسام الجنود بشكلٍ يومي ومباشر، تَكُون قد عملت بطريقة مجموعية تعاونية وتراكمية مع الزمن، وأدت إلى ظهورها على شكل أعراضٍ مرضية لم يَعرفها الإنسان من قبل، ونَجم عنها هذا المرض الجديد الذي لم يعترف به المجتمع الطبي الأمريكي فترة تزيد على ١٧ عاماً.

فالأبحاث العلمية الطبية لن تتوقف، فمازالت هناك الكثير من الألغاز التي تحتاج إلى تفسير، وستظل هناك أسئلة غامضة بحاجة إلى من يجيب عنها.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة