التطوع الإلكتروني
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢
بقلم: عبدالعزيز راشد السندي*
حرصت المجتمعات الإيجابية والمتحضرة والواعية على العيش بمدنية في كل مفاصل حياتها بنظام طموح يكفل لها سموا خاصا من خلال التعاون المثمر بينها، إذ جعلت هناك مساحة واستراتيجية ملحتين بإنشاء مؤسساتها الاجتماعية الخاصة والمدنية.
ومن هنا أخذت هذه المجتمعات الايجابية في طرح ثقافة الخدمة التطوعية وتقديم كل ما يخدم العمل التطوعي وما ينتج عنه من استفادة أكبر شريحة من المجتمع، إضافة إلى استثمار حقيقي لتلك الكفاءات المغمورة وإبرازها على المستوى الجماعي، ويعد مفهوم التطوع بشكل مبسط جهوداً إنسانية، تبذل من أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي لا يهدف المتطوع تحقيق مقابل مادي أو ربح خاص بل اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعانيها المجتمع، وهو دافع أساسي من دوافع التنمية ودليل ساطع على حيوية المجتمع وترجمة مشاعر الولاء والانتماء للوطن إلى واقع ملموس واستثمار وقت الشباب في أعمال نبيلة، إضافة إلى تعزيز الروابط الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع.
التطوع الالكتروني هو احد مجالات العمل التطوعي المتعددة وتعريف التطوع الإلكتروني هو القيام بالمهام التطوعية سواء بصورة كلية أو جزئية من خلال شبكة الإنترنت وباستخدام الحاسب الآلي، والتطوع الالكتروني ليس بديلا عن التطوع المتعارف عليه، وإنما يتوازى معه في بعض الأحيان، ويكمل أحدهما الآخر في أحيان أخرى، وهناك من يقوم بالعمل التطوعي الالكتروني من دون أن يشعر الآخرون بذلك، ومن المهم كذلك أن ندرك أن هذا النوع من التطوع قد أتاح لنا الكثير من المميزات باستخدامه تقنيات الإنترنت المختلفة، فالتطوع الإلكتروني يوفر فرصة الوصول إلى قدر أكبر من المجتمع لم نكن لنصل إليه من خلال الوسائل التقليدية للتطوع، فبالنسبة إلى فئة من الناس هو بوابة التطوع الوحيدة، بينما إلى آخرين هو وسيلة إضافية تساعدهم على برنامجهم التطوعي الموجود أصلا، وفي كلتا الحالتين هو وسيلة جيدة لصقل المواهب استغلال الوقت.
وتتمثل أهمية التطوع الالكتروني في نقاط عدة هي:
} بعض المتطوعين الفعَّالين لا تستطيع الوصول إليهم بالوسائل التقليدية؛ فيوفر الإنترنت وسيلة التواصل معهم.
} يوجد بين الناس من لا يحب العمل على أرض الواقع؛ لما يشمله ذلك من الكثير من التحرك أو المجهود العضلي الذي لا يحبه؛ فيكون الإنترنت وسيلة مثالية لتوظيف هؤلاء.
} يتيح «الأون لاين» فرصة لمن يريد الاشتراك لكي يعيد تقييم نفسه ومهاراته قبل التقدم لعمل تطوعي ما، أو جهة تطوعية ما، بما يوفر الكثير من الوقت اللازم لتصنيف مهارات المتطوع وتوظيفها في الاتجاه الصحيح.
} بعض المتطوعين كذلك يحبون التواصل على الأون لاين، أو إرسال بريد إلكتروني، أو ملء استمارة تسجيل عن هواياتهم المفضلة.
} هناك بعض الحالات الإنسانية التي تمنع محبي التطوع من التطوع التقليدي، مثل الإعاقات الجسمية،أو ساعات العمل الكثيرة التي لا تتيح لمن يعملها الوقت الكافي للتطوع على أرض الواقع، أو حتى أن تكون لدى الفرد مشاكل في التنقل بصفة عامة.
} المتطوعون عبر الإنترنت هم أصدقاء أكثر للبيئة، فهم لا يستهلكون الوقود، وليس لديهم أي فضلات من الورق ناتجة عن عملهم.
ما هو مدى تفاعل الناس مع التطوع الالكتروني؟
هناك تفاعل وتقبل من المجتمع للتطوع الالكتروني، وخاصة أنه وسيلة سريعة وسهلة ومؤثرة لنشر الفكرة والترويج لها، من دون كُلَيف مادية أو جسدية، فالبعض يجده طريقة للعمل على مساعدة الفقراء والمحتاجين فيقوم بإرسال شرح للحالات المحتاجة وأرقام هواتفها وأسماء الجهات التطوعية التي تشرف عليها حتى يتم جمع التبرعات المادية للحالات المطلوبة، والبعض لإعلان ندوة أو محاضرة، والآخر لإعلان مقالة أو موضوع أو نشر قيم ومبادئ لخدمة المجتمع او نشر التعليمات والنصائح في مختلف الانشطة والاوقات.
جدد شبابك بالتطوع
نظرا إلى عوامل عدة لعل أهمها عدم توافر الوقت بالنسبة إلى بعض الناس ظهرت فكرة التطوع الإلكتروني أو الافتراضي، ولايزال هذا المصطلح غريبا على مجتمعاتنا العربية، وإن كان هناك من يقوم به من دون أن يدري، وإن كان بشكل غير ناضج تماما، فمثلا تجد أحدهم يقوم بالترويج لموقع يحبه بإرسال جديد هذا الموقع بالبريد لأصدقائه باستمرار، والحملات التي تنادي للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم او إرسال بعض الموضوعات والمقالات او البحوث التي تخدم المجتمع
* رئيس اللجنة الإعلامية ـ الاتحاد العربي للعمل التطوعي
والمشرف العام ـ برنامج سمو الشيخ عيسى بن علي للعمل التطوعي
.