الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٥ - الجمعة ٢٠ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


اقتراح بإنشاء مجلس للسياسات الاستراتيجية





إننا نؤمن بأن التنمية والإصلاح، يتحققان فقط بتوافر الإرادة السياسية والعزيمة والتخطيط السليم والرؤية الاستراتيجية الهادفة، وان ذلك كله لا يتأتى إلا من خلال تشخيص الأخطاء والنواقص والمشاكل السياسية ومن ثم تقديم مقترحات وحلول ضمن إطار المسئولية الوطنية.

لقد اتضح للجميع، ان منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما رافقها من تغيير بعض النظم العربية، وهي جميعا من الأهمية بحيث تتطلب مواجهتها إعادة صوغ السياسة الخارجية بأبعاد استراتيجية جديدة ورفع مستوى كفاءة أداء الدولة في أطرها الهيكلية والتنظيمية.

على المستوى الوطني، فإن مواجهة هذه التحديات والأزمات المركبة بأبعادها الداخلية والإقليمية تتطلب إدارة حكومية أكثر فاعلية وجهودا تنموية أكثر انجازا وحضورا إقليميا ودوليا أكثر قوة وديناميكية، وهو ما يستدعي تطوير مؤسسات الدولة لزيادة كفاءتها وفاعليتها على أسس ونماذج مبتكرة لتحمل المسئولية الوطنية وتؤمن مستقبل الأجيال القادمة وتعزز السيادة الوطنية. إن مثل هذين التطوير والأداء هما الأساس الذي يشكل المنظومة الحامية والداعمة للعمل السياسي ورفع كفاءة إدارة المؤسسات الدستورية والحكومية والعمل العام في المرحلة المقبلة.

إن الإدراك الواقعي لحقيقة التحديات على المستوى الإقليمي وما تشكله من أزمات على المستوى الوطني يستدعي النظر في إيجاد الصيغ والنماذج التي يمكن من خلالها أن تتمكن الدولة من إدارة الأزمات وقيادة التنمية والتطوير وفقا لمعايير تؤدي إلى تعزيز أركان الدولة ورفاهية الشعب وحماية المصالح القومية، ومن هذا المنطلق فانه من الأهمية في هذه المرحلة التفكير في العمل على إنشاء مجلس للسياسات الاستراتيجية يؤدي عمله ويحقق أهدافه بمشاركة السلطات الثلاث في الدولة، تكون من اختصاصاته وضع واقتراح السياسات التي تهم المصلحة العليا للدولة في مختلف المجالات ومتابعة تنفيذ هذه السياسات مع الجهات المعنية وذات الصلة بالموضوع.

ويمكن للمجلس في أدائه لواجباته ووضعه للأطر الاستراتيجية وآليات تنفيذها أن يتبنى عددا من المسائل الجوهرية الأساسية لمستقبل المملكة ومنها:

١- وضع الأطر والمبادئ العامة المتعلقة بالمصلحة العليا للمملكة.

٢- وضع الأطر والبرامج والمساهمة الفعالة في حل المشاكل وإدارة الأزمات والمخاطر ووضع الأطر الوقائية اللازمة لها، بما في ذلك اقتراح وضع الخطوط العامة للسياسات العليا للدولة وتقديم الاقتراحات والتوصيات بشأن عمليات الإصلاح والتطوير والتنمية في مختلف الميادين والقطاعات.

٣- وضع الإطار التنظيمي والقانوني للمصالحة الوطنية مع تحديد الأهداف التي بموجبها تتحقق هذه المصالحة.

٤- وضع الأطر والبرامج اللازمة للوحدة الوطنية وتعزيز صلابة الجبهة الداخلية في إطار حيوي من الاندماج السياسي والمساواة والعدالة الاجتماعية.

٥- وضع الأطر والاستراتيجيات اللازمة للعمل على تحقيق منظومة الاتحاد الخليجي لدول مجلس التعاون، وإنشاء البرلمان الخليجي على غرار البرلمان الأوروبي لتحقيق رفاهية الشعوب في المنطقة وذلك في إطار من احترام السيادة الوطنية والثوابت الدستورية والقانونية.

٦- وضع واقتراح الاستراتيجيات العليا والسياسات اللازمة لتنفيذ الأهداف، بما في ذلك إيجاد الأطر والبرامج المتعلقة بالتنمية المستدامة وحماية الأجيال القادمة والثروات الطبيعية غير المتجددة والاستثمار المحلي والأجنبي.

٧- تشكيل الرؤى في مجال السياسة الخارجية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتنموية.

٨- اقتراح التعديلات الدستورية بما يضمن تعزيز كفاءة النظام السياسي ومتطلبات الاستقرار الاجتماعي والوطني.

إن قدرة المجلس على تحقيق أهدافه وأداء دوره بكفاءة تتوقف بدرجة عالية على معايير اختيار أعضائه الذين يجب أن يكونوا من خبراء ومتخصصين وذوي كفاءات وخبرات عالية، ومن دون إعمال هذه المعايير في اختيار الأعضاء لا يمكن لهذا المجلس النوعي تحقيق أهدافه على المستوى الوطني، حيث يمكن للمجلس أن يقدم اقتراحاته وتوصياته للسلطات الثلاث في الدولة التي تشاركه في العمل والتنسيق المتكامل لبناء الدولة وتوظيف قدراتها وطاقاتها لتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والجاهزية للتعامل مع الأزمات.

إن مثل هذا النموذج يمكن تعميمه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، إذ أصبح الوضع الإقليمي تتغير التوجهات الدولية في الشرق الأوسط يتطلبان إعادة هيكلة المؤسسات الدستورية والإدارية في الدولة لرفع كفاءتها بما يتماشى مع معطيات المرحلة المقبلة، ومنها أهمية إنشاء مجلس للسياسات الاستراتيجية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة