بحسب دراسة حديثة لـ «ستاندرد تشارترد»
توقعات بارتفاع الناتج المحلي للبحرين إلى ٣و٥% هذا العام
 تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢
يتوقع بنك «ستاندر تشارترد» (Standard Chartered) أن يشهد العام الجديد اقتصاداً عالمياً يعمل بسرعتين. ويرى البنك، الذي تصدر مؤخراً تصنيفاً شمل ٣٥٤ شركة عالمية فيما يتعلق بدقة توقعاته الاقتصادية خلال العامين الماضيين، تباطؤاً في الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري، حيث سيبدو ذلك أكثر وضوحاً في الدول الغربية في حين تشهد أسواق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وضعاً أكثر مرونة.
ومن المتوقع أن تتسبب الأزمة المتصاعدة في الاقتصادات المتطورة في تراجع منطقة اليورو (-١,٥%) والمملكة المتحدة (-١,٣%) إلى مرحلة الركود في حين ستشهد الولايات المتحدة نمواً (+١,٧%) من دون المستوى المعهود.
وكان الاقتصاد العالمي قد شهد نمواً قوياً خلال عام ٢٠١٠، حيث سجل ٤,٣% قبل أن يمر بمرحلة نمو معتدل في العام الماضي وصل إلى حوالي ٣,٠%. كما يتوقع بنك «ستاندرد تشارترد» تباطؤاً كبيراً في النصف الأول من العام الجاري بسبب الأزمة في الغرب، حيث سيتباطأ النمو العالمي ليصل إلى ٢,٢% لكامل العام.
وقال كبير الاقتصاديين والرئيس العالمي للابحاث في بنك ستاندرد تشارترد جيرارد لايونز «سنشهد استمراراً في وجود اقتصاد ذي سرعتين في العالم، حيث يتناقض الوضع الاقتصادي الهش في الغرب مع المرونة التي ستشهدها دول الشرق. ويظهر ذلك اقتصاداً عالمياً منقسماً وغير مترابط يواجه معضلات سياسية كبرى. ولا يبدو حتى الآن أن هناك انعزالا تاما لمنطقة ما عن الأحداث الجارية في أماكن أخرى. وفي حين ستؤثر المشاكل في أوروبا والغرب خلال النصف الأول من العام الجاري على النمو الاقتصادي العالمي فإن النصف الثاني من العام سيشهد نمواً أقوى في الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة، ما سيسهم بدوره في إحداث نشاط حول العالم، حيث سيبدأ التعافي الاقتصادي في الشرق لينعكس صداه على الدول الغربية. ويأتي ذلك خير دليل على التحول في القوى من الغرب إلى الشرق».
ويتوقع البنك في تقريره السنوي جلوبال فوكوس (Global Focus) أن يشهد إجمالي الناتج المحلي لآسيا انخفاضاً إلى مستوى لا يزال قوياً وبنسبة ٦,٥% خلال العام الجاري مقارنة بـ ٧,٣% في العام الماضي. ويتوقع أن تحقق الصين معدل نمو معتدلا في الأشهر الأولى من العام قبل أن تحقق انتعاشاً بفضل تحسين سياستها الاقتصادية. ونتيجة لذلك، سيتباطأ النمو في الصين من ٩,٢% إلى ٨,١% خلال عام ٢٠١٢.
أما النمو في الهند، التي تعد ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاًً معتدلاً يصل إلى ٧,٤% خلال السنة المالية التي تبدأ في ١ إبريل صعوداً من ٧,٠% في السنة المالية ٢٠١١. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد في أندونيسيا، التي تعتبر أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، تباطؤاً في نموها يصل إلى ٥,٨% نزولاً من ٦,٥%.
ويبدو أن هناك قدرا كبيرا من محركات النمو الكامنة في الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك التنامي السريع للطبقة الوسطى وارتفاع حجم الاستثمار في البنية التحتية وتنامي العلاقات التجارية على طول الطرق التجارية الجديدة التي تربط آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. وستصبح هذه العوامل أكثر وضوحاً في ظل انكماش الاقتصاد الأوروبي وخفض الديون الاستهلاكية في الولايات المتحدة.
كما يرى البنك حالة من المرونة المماثلة في أفريقيا، حيث من المرجح أن يشهد النمو في أكبر اقتصادين وهما جنوب إفريقيا ونيجيريا، تباطؤاً بنسب ٣,١% و٦,٩% على التوالي خلال العام الجاري نزولاً من ٣,٢% و٧,٢% خلال العام الماضي. أما في أمريكا اللاتينية، فمن المرجح أن يتباطأ النمو في البرازيل بنسبة ٢,٥% نزولاً من ٣,٠%.
ويبقى التمايز هو الأساسي في الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن تشهد الاقتصادات الغنية بالموارد الطبيعية مرونة مع تباطؤ معتدل في النمو خلال العام الجاري، حيث إن فقاعات الأصول في المنطقة قد تبددت وطفرات الائتمان غير المستدامة ولت، مما يوفر قاعدة مستقرة للنمو. أما أسعار النفط المرتفعة فستدعم الموارد المالية الحكومية، الأمر الذي سيمكن السلطات من تبني سياسات مالية لمواجهة التقلبات المحتملة بهدف تحفيز النمو في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد في الغرب.
وأضاف ليونز: «تعتمد التوقعات على التفاعل بين العوامل الأساسية والسياسات المتبعة والثقة، حيث ستكون التحديات في مجال السياسة المعتمدة أكثر وضوحاً خلال العام الجاري. وستعتمد الاقتصادات الناشئة سياسة مالية ونقدية لتعزيز النمو خلال النصف الأول من العام الجاري.
ولكن بحلول النصف الثاني من العام، فإنه من الممكن أن يتسبب مزيج من التيسير الكمي في الغرب، بالإضافة إلى ثبات أسعار السلع في حدوث مخاطر تضخم ستظهر خلال النصف الأخير من السنة. ومن وجهة نظر استثمارية، يثير ذلك أيضاً احتمال العودة إلى معايير التحوط الكلي، بما في ذلك تطبيق ضوابط أكثر صرامة على رأس المال.
أما بالنسبة إلى أسواق تداول العملات الأجنبية، فيشير ذلك إلى قوة الدولار الأمريكي على المدى القريب، حيث تؤدي العملة الأمريكية أداءً جيداً في بيئة تعتمد تجنب المخاطر. إلا أنه وعلى المدى البعيد يمكن أن يعني ذلك إضعافاً لقوة الدولار، ما يعكس عبء الديون الكبيرة لاقتصاد الولايات المتحدة الامريكية والتنوع المتواصل والتدريجي لسلة العملات بعيداً عن الدولار التي تعتمدها الحكومات وغيرها من المستثمرين الدوليين. كما أنه من المتوقع أن تضعف قوة اليورو بشكل كبير خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث سيدخل في اتجاه هبوطي طويل الأمد في ظل فشل السلطات في منطقة اليورو في اعتماد استراتيجية منسقة وموثوقة لحل مشاكل المنطقة. وتشير التوقعات الطويلة الأمد لأكبر احتياطيين للعملات في العالم إلى استمرار التحول متعدد السنوات إلى اقتصادات وعملات الأسواق الناشئة، ما يعكس دورها المتنامي سواء في الاقتصاد العالمي أو التجارة العالمية. وفي ظل توجه أوسع للاستثمار في السيولة، من المتوقع أن يتواصل الاستثمار في عملات الأسواق الناشئة.
أما بالنسبة الى أسواق السلع، فعلى الرغم من الخلفية الهشة للاقتصاد العالمي والتي يمكن أن تكون مماثلة لتلك التي حدثت في أوائل عام ٢٠٠٩، فإنه من المرجح أن يؤدي ضعف العرض في العديد من مواد الخام نتيجة الانخفاض الحاد في الاستثمار في مشاريع جديدة خلال عام الأزمة المالية في ٢٠٠٨، إلى التأسيس لأرضية ثابتة لأسعار السلع حتى لو شهد الطلب العالمي انخفاضاً كبيراً خلال الربع الأول من العام الجاري.
البحرين:
بدأ الاقتصاد البحريني يتعافى من آثار التباطؤ المفاجئ في وتيرة نموه خلال النصف الأول من العام الماضي. وانتعش الاقتصاد تدريجيا محققا نموا سنويأ قدره ١,١% في الربع الثاني من العام و٢,٤% في الربع الثالث.
وباعتباره اقتصادا قائما على النفط، نتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لمملكة البحرين من ١,٩% في العام الماضي إلى ٣,٥% في عام ٢٠١٢. وسيكون النمو في العام الجاري مدفوعا بزيادة إنتاج النفط وانخفاض معدل التضخم نتيجة لتحسن الأثر الأساسي. ويدفع قطاع النفط والغاز عجلة النمو في البحرين، بينما شهد القطاع غير النفطي انكماشا في الربع الثالث من العام الماضي.
وتتمتع البحرين بوجود قطاع مصرفي كبير هو الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة إلى حجم النشاط الاقتصادي (أصول وموجودات بنوك التجزئة تساوي ٣٠٠% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تعادل أصول وموجودات مصارف الجملة ٧٠٠% من الناتج المحلي الإجمالي). وإنكمش نظام مصارف قطاع الجملة بنسبة ١٤% في الربع الأول من العام الماضي، لكنه حافظ على استقراره بشكل عام في الربعين الثاني والثالث.
السعودية:
شهدت المملكة العربية السعودية ازدهارا في اقتصادها خلال العام ٢٠١١ مع زيادة إنتاج الهيدروكربونات للتعويض عن الخسائر في إنتاج ليبيا، فضلاً عن ارتفاع الإنفاق الحكومي عقب اعلان حزمات الإنفاق الاجتماعي الجديدة في الربع الأول من العام. ومن المتوقع أن يعتدل هذا النمو في العام الجديد بوتيرة أقل ولكن بقوة بنسبة تصل إلى ٢,٩ بالمائة، في حين تبقى قوة تدفق الإنفاق الحكومي الحافز الرئيسي وراء هذا النمو. غير أن الانخفاض في إنتاج النفط خلال العام ٢٠١٢ سيسهم في تعديل النمو. ومن جهة أخرى، سيستمر الالتزام بإنفاق ما يقارب ١٢٨ مليار دولار على الإعانات المالية الاجتماعية (مثل تعزيز الضمان الاجتماعي) والمشاريع المتمثلة في بناء ٥٠٠ ألف وحدة سكنية، في المساهمة في دفع عجلة النمو في عام ٢٠١٢ وكذلك العام التالي له. أضف إلى ذلك التزامات الإنفاق المقررة لعام ٢٠١٢ والمتوقع أن تواصل تقدمها على خطى الميزانيات السعودية المتينة منذ عام ٢٠٠٨. ومما لا شك فيه، سيشكل المعروض في سوق الإسكان تحدياً كبيراً لصناع القرار في العام الحالي وقدماً، مع العلم أنهم سبق وبدأوا باتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة هذا التحدي. وإن السعودية على أتم استعداد للتعامل مع أي انقطاع بالنفط في السوق، على غرار ما قامت به في عام ٢٠١١ حين رفعت نسبة الإنتاج للتعويض عن النقص بإنتاج ليبيا.
ووفقاً لإحصائياتنا، لقد وصل معدل إنتاج النفط في السعودية خلال عام ٢٠١١ إلى ٩,٢ ملايين برميل يومياً، محققاً ارتفاعا بنسبة ١١ بالمائة مقارنة بـ ٨,٢٨ ملايين برميل يومياً في عام ٢٠١٠. ومن المقدر أن ينخفض هذا المعدل في العام الجديد إلى ٨,٤٢ ملايين برميل يومياً مع عودة ليبيا تدريجياً ورفع انتاجها من ٠,٤٥ مليون برميل يومياً في عام ٢٠١١ إلى ١,٠٦ مليون برميل. وسيبقى الإنفاق الحكومي محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي خلال هذا العام، حيث نتوقع أن يتم تولي مشاريع بقيمة ١٥٩ مليار دولار أمريكي من قبل الحكومة وإلى حد أقل القطاع الخاص، لا بل سيهيمن القطاعان الإنشائي والبنى التحتية على زمام المنافسة في مشاريع تصل قيمتها إلى ٣٩ مليار دولار و٤٤,٦ مليار دولار على التوالي. وتعتزم السعودية أيضاً تولي مشاريع بقيمة ٦٧ مليار دولار تقريباً لبناء ٥٠٠ ألف وحدة سكنية، والتي تأتي في إطار حزمة الإنفاق الاجتماعي المعلنه في العام المنصرم والبالغة قيمتها ١٢٨ مليار دولار.
.