الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٣ - السبت ٢٨ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


رفض التعديلات الدستورية تفضيل للخيار الانقلابي





استهانت ما تسمى المعارضة بالتعديلات الدستورية التي تفضل بها جلالة الملك كاقتراح للتقدم خطوة جديدة نحو الديمقراطية، واعتبرتها محدودة وجزئية وغير جوهرية، وبذلك تكون قد اختارت طريق الرفض وطريق التعامل عن طريق الشارع بدلا من التعامل عن طريق المؤسسات، والتعامل عن طريق الفوضى بدلا من التعامل عن طريق الحوار الوطني المخلص المؤدي إلى المزيد من الحرية والديمقراطية، يحدث ذلك في الوقت الذي مثلت فيه التعديلات الدستورية تحولا نوعيا ومهما في تكريس الإرادة الشعبية والإصلاح، وقد يكون عدم فهم المعارضة بجد مغزى هذه التعديلات وراء هذا الموقف السلبي، بل قد يكون ذلك في الحقيقة انسجاما مع خيارها الانقلابي.

الحقيقة أن هذه التعديلات تأتي في إطار ما استقر عليه حوار التوافق الوطني، فقد حرصت التعديلات الدستورية على إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيدا من التوازن بينهما.

ولقد تضمنت التعديلات إضافة ضمانات جديدة تطبق عند استخدام الملك المفدى حقه في حل مجلس النواب وتعيين أعضاء مجلس الشورى، وتعزيز دور السلطة التشريعية في منح الثقة للحكومة التي يختارها جلالة الملك، وإضافة ضمانات جديدة لتحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعا عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء، وتفعيل دور مجلس النواب في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وتحديد فترة زمنية لإبداء الحكومة أسباب تعذر الأخذ بالرغبات التي يبديها مجلس النواب، ومنح مجلس النواب حق طلب المناقشة العامة، وزيادة المدة المقررة للمجلس الوطني بجناحيه الشورى والنواب للبت في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية إذا طلبت الحكومة نظرها بصفة مستعجلة، وتفعيل دور الجهة المختصة بمهام الإفتاء القانوني وإعداد التشريعات لوضع اقتراحات التعديلات الدستورية واقتراح القوانين في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع القانون وتحديد مدة زمنية لإحالة هذه المشروعات إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح، ووضع قواعد خاصة لإعداد الميزانية من المجلسين بما يمكن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين.

كما حرصت هذه التعديلات المقترحة على إعادة تنظيم مجلسي الشورى والنواب بما يؤدي إلى انفراد مجلس النواب بالرقابة على السلطة التنفيذية، وتعطى الأولوية لرئيس مجلس النواب في رئاسة المجلس الوطني وإحالة مشروعات القوانين التي تمت الموافقة عليها من المجلسين إلى الحكومة لاتخاذ إجراءات إصدارها، ويحقق الاختيار الأمثل لأعضاء كل من مجلسي الشورى والنواب، واتفاقا مع ما انتهى إليه حوار التوافق الوطني اتجهت هذه التعديلات الدستورية إلى تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب بما يؤدي إلى قيام المجلس بهذا الدور منفردا، فإذا كان مجلس النواب في ظل الدستور القائم هو الذي يختص بمفرده بالغالبية العظمى من وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية كالاستجواب وسحب الثقة من الوزراء وتشكيل لجان التحقيق، فإن التعديلات الدستورية قد اتجهت إلى انفراد هذا المجلس بحق تقدير عدم إمكانية التعاون مع الحكومة وحق مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب عقب أدائها اليمين الدستورية وإقرار هذا البرنامج أو عدم إقراره، وفي حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت ثقة المجلس، وحق طرح موضوع عام للمناقشة.

تلك بعض أهم التعديلات وملامحها وهي في النهاية تصب في خانة التقدم نحو المزيد من الديمقراطية، فهل يعقل أن تتم مواجهة مثل هذا التوجه الايجابي بموقف سلبي ينم عن الرغبة المعلنة في المواجهة والتصعيد؟ وقد تزامن هذا الرفض مع ما صرح به علي سلمان إلى مرآة البحرين بأنه مستعد لينتظر سنة وسنتين و٣ سنوات حتى أربع سنوات - مهما تكن مؤلمة -ولعله يقصد انها مؤلمة للمواطنين وليس له ولجماعته من المرفهين الذين يدرسون أبناءهم في لندن وأمريكا.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة