حتى لو أصبحنا المدينة الفاضلة
 تاريخ النشر : الأربعاء ١ فبراير ٢٠١٢
فوزية رشيد
{ في المؤتمر الوطني الذي دعا اليه «تجمع الوحدة الوطنية» وشارك فيه عشرات من المؤسسات الوطنية والجمعيات السياسية الوطنية، كان الحديث يدور في مداخلات المشاركين عن الاصلاح الوطني لجلالة الملك، وما يقابله من جانب المعارضة المتطرفة من التحريض على العنف والارهاب وتخريب المسار الاصلاحي واعاقته عن عمد.
في ذلك الحوار تداخلت وتداخل آخرون ولفتت نظري عبارة أطلقتها الزميلة «سميرة رجب» وهي توجز بعبارتها الكثير: «اننا حتى لو أصبحنا المدينة الفاضلة فإن هؤلاء لن يتوقفوا عما يفعلون»، ولعل هذا ما يلمسه أي مراقب لأحداث العنف والتخريب والتأزيم المستمرة، مقابل ما قدمته وتقدمه الدولة منذ انتهاء السلامة الوطنية، سواء في الحوار الوطني وتشكيل لجنة لكيفية تنفيذ مرئياتها، أو لجنة تقصي الحقائق وتنفيذ مرئياتها أو التعديلات الدستورية، أو التهدئة الامنية مقابل التصعيد في آليات العنف والارهاب وتهديد رجال الأمن والآمنين، وغير ذلك كثير.
{ وما بين المشروع الاصلاحي الوطني لجلالة الملك، والمطالب التي تنادي بها «معارضة طائفية متطرفة»، لتكون مجرد مرحلة لاسقاط النظام والدولة، وتغيير المسارات جذريا نحو «الدولة الدينية الطائفية»، ما بين هذين المشروعين يحدث اليوم ما يحدث، فكلما تقدمت الدولة خطوة في الاصلاح، تقدم المتطرفون والانقلابيون خطوات نحو مأسسة العنف والتخريب والارهاب.
المشروع الاصلاحي لجلالة الملك يؤكد «التعددية» ومفهوم «المواطنة» و«المدنية» و«الديمقراطية»، و«الاصلاح الاقتصادي»، و«الاصلاح الاجتماعي»، وتقوية المسارات «التنموية» في كل الجوانب ويعمل على تطبيق كل ذلك.
في المقابل تحمل «المعارضة المتطرفة والطائفية» مشروعا مزدوج الهوية ما بين المعلن والمبطن، وفق تبادل وتعدد الادوار المتفقة جميعها على اسقاط النظام و«الاستيلاء على الحكم» طائفيا، وليتستر «حزب الله» البحريني لتحقيق هذا الهدف المضمر المتفق عليه، خلف الشعارات الاصلاحية والديمقراطية والمدنية، فيما هو في الواقع، وكما تطرقنا سابقا اليه، يعمل على افراغ كل تلك المحتويات من مضامينها الحقيقية على أرض الواقع، لنصل بعدها الى «الدولة الدينية الطائفية» والمناقضة لكل الشعارات «التمويهية» التي يتم رفعها من جانب هذا الحزب ولكي يتم نسف كل ما تحقق للمواطن البحريني من انجازات ديمقراطية واصلاحية حقيقية، وما حققته الدولة من مشاريع اقتصادية وتنموية وغيرها.
{ ولأن المشروعين على نقيض، رغم تشدق «المعارضة الطائفية» بأن ما تحمله هو الاصلاح الحقيقي، وان ما تقدمه الدولة هو الاصلاح المزيف، فإن بوادر اصلاحهم الحقيقي بحسب تسميتهم قد اتضحت ملامحه ومعالمه حتى قبل ان نصل الى مرحلة «المحاصصة الطائفية» و«الدولة الدينية الطائفية» التابعة للولي الفقيه، وقبل ان يجد هؤلاء أي شكل من النجاح او الاجماع الوطني على أطروحاتهم الاولية.
والملامح المتضحة حتى الآن جراء محاولة جر البلاد والعباد الى رؤاهم عبر العنف قد توزعت حتى اللحظة ما بين الانقسام الشعبي طائفيا، لأن طرحهم واصطفافهم في الاساس كانا طائفيين، وما بين تهديد السلم الاهلي وتهديد التعايش التاريخي بين أطياف وطوائف البحرين، التي لطالما كانت وقبل خروجهم على السطح بلد المحبة والالفة، وما بين نشر العنف والتخريب والانجرار نحو ارهاب منظم وممنهج بعد ان كانت البحرين قبل محاولاتهم الانقلابية ورؤاهم الطائفية بلد الامن والامان وبلد السلام وبلد يتطور بثبات.
{ اصلاح جلالة الملك هو «اصلاح وطني جامع» لكل المكونات.
وهو اصلاح وضع البحرين في كل المناحي في مصاف الدول المتقدمة، ولا تهمنا هنا تقاريرهم المفبركة او تقارير المنظمات الدولية المشبوهة او ضغوط الدول ذات الاجندات والمصالح القائمة على تشويه وتخريب المنجزات التي خطتها البحرين بثبات.
فماذا فعل المتطرفون تحت اسم المعارضة؟
لقد أسهموا بقوة في تخريب كل شيء، وضرب المصالح الوطنية، ووضع البحرين في مهب رياح التهديدات، مثلما أسهموا في ضرب المصالح الشعبية والامن والاستقرار والسلم الاهلي، ورفضوا كل المبادرات وأساليب الدولة في التهدئة، وانجروا وراء التصعيد الذي يليه تصعيد آخر والاستقواء بالخارج، لتحقيق أجندتهم.
انهم باختصار يحرقون هذا البلد الآمن، ولن يكفوا عن ذلك إن لم يتم ردعهم.
{ هؤلاء حتى لو أصبحت البحرين «المدينة الفاضلة» وحيث لا توجد دولة فاضلة في العالم كله، حتى على مستوى الدول التي تضع نفسها في مصاف الدول المتقدمة، وهي تعاني أزمات اجتماعية واخلاقية وروحية وثقافية طاحنة، نقول افتراضا، حتى لو تحقق المستحيل وأصبحت البحرين المدينة الفاضلة، فان ذلك لن يردعهم ولن يحقق لهم الحلم او الوهم لان الحلم الاصلي الذي يسعون خلفه، وبوهم كبير، هو «الاستيلاء على الحكم طائفيا» وتحقيق الجمهورية الملتحقة بجمهورية الولي الفقيه الأم، ولذلك فإن كل تقدم ونجاح تحققه الدولة على المسارين الاصلاحي والديمقراطي يزيد من أزمتهم، ويخرجهم من أطوارهم، ويدفعهم نحو المزيد من التخبط وضرب المصالح الوطنية والشعبية بكل ما لديهم من أساليب التحريض والعنف والتخريب.
انها المعارضة الطائفية «التي تسوق في الدلال» كطفل يريد لعبة من غرفته بعد ان أحرق البيت بمن فيه، وكلما زاد الحريق اشتعالا زاد بكاؤه وصراخه، مع فارق ان كوادر المعارضة المتطرفة والطائفية وقياداتها هم ليسوا أطفالا، وانما مدربون جيدا لكي يحرقوا الوطن بالاطفال والمراهقين والنساء، مثلما هم مدربون بتعاليم خبيثة على الصراخ والولولة والبكاء، كلما رأوا أنفسهم يبتعدون عن الوهم بتحقيق جمهوريتهم الطوباوية.
.
مقالات أخرى...
- بحكم الدين والعقل: منطق «المجلس العلمائي» أعوج (٢-٢) - (30 يناير 2012)
- بحكم الدين والعقل: منطق المجلس العلمائي أعوج - (29 يناير 2012)
- توحيد الصف خلف الدولة لايزال مسألة مصيرية - (26 يناير 2012)
- البحرين والاتفاقيات الدولية في ظل الانقسام الشعبي (٣ - ٣) - (25 يناير 2012)
- البحرين والاتفاقيات الدولية في ظل الانقسام الشعبي (٢) - (24 يناير 2012)
- البحرين والاتفاقيات الدولية في ظل الانقسام الشعبي - (23 يناير 2012)
- إلى متى المسيرات اليومية والتصعيد؟ - (22 يناير 2012)
- معارضة البحرين لا تشبه أي معارضة في العالم - (19 يناير 2012)
- الديمقراطية ثقافة وممارسة والتزام بحكم القانون - (18 يناير 2012)