الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٨ - الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير




البحرين والاتفاقيات الدولية في ظل الانقسام الشعبي





} حين اراد البعض وبخبث، أن يكون الزمن البحريني، هو زمن الفتنة والانقسام الشعبي، وبتخطيط مسبق، تم تنفيذه عبر الاصطفاف الطائفي، أثناء أزمة فبراير، نقول ان هذا البعض وعبر الصدمة قد نجح في تكريس ما اراد، رغم أنه فشل في حصد ثمار الفتنة، وها هو منذ احتواء المخطط الانقلابي وإفشاله يحاول اليوم مجددا إعادة أبجديات الأزمة والفتنة (بدأب تأزيمي خبيث) لا مثيل له، وبدعم طائفي اقليمي ودعم أمريكي، من دون مراعاة مصالح وحقوق وحريات غالبية الشعب البحريني (الرافض) لمخطط «الفئة الخبيثة» التي تستخدم الأطفال والنساء والمراهقين في حراكها، وتدعي عبر توظيفهم التخريبي، أنها معارضة تقود ثورة.

الآن وقد حدث ما حدث، وتحقق للانقلابيين على الأقل شق الصف الوطني وتهديد السلم الأهلي، وأصبح الزمن البحريني الراهن زمن الانقسام الذي بات يغازل بحيثياته الخطرة وعبر مخططات بديلة، حدود الصراع والاحتراب ما بين (وطنيين شرفاء) من كل المكونات، يعملون من أجل حفظ الوطن والدفاع عنه، وما بين (انقلابيين أدوات) كشف حراكهم للأسف عن كل ما يتسبب في تخريب هذا الوطن، بل وضع سيناريوهات بديلة للفتنة، بعد فشل سيناريو فبراير/ مارس، فان البحرين تمر اليوم بالفعل بحالة (استثنائية) تختلف عن كل الحالات الشعبية التي تمر بها دول عربية أخرى، لأنه يراد استنزافها عبر التخريب والعنف من جهة، وعبر النصوص القانونية والحقوقية الدولية، رغم أنها وكحالة استثنائية، لا تنطبق عليها تلك النصوص الاعتيادية سواء في الاتفاقيات الدولية أو في القوانين المحلية المشتقة من تلك الاتفاقيات، التي تم وضعها للاحتكام بها في الصراعات الطبيعية أو العادية ما بين الشعب وأنظمة الحكم الديكتاتورية، وعلى أساس مبادئ الانحياز إلى حراك الشعوب وحقوق الانسان طبعا، وهو ما يحدث في الدول ذات الحراكات الشعبية الحقيقية، التي تعبر عن أطياف وطوائف أو مكونات الشعب كافة، لكي يطلق عليها أنها حراك شعبي أو ثورة شعبية الخ... ولكي تنطبق عليها بنود تلك الاتفاقيات.

} الذي حدث ويحدث في البحرين وكما يعرف الجميع أن «فئة انقلابية» ذات مخططات مسبقة مرتبطة عقديا وسياسيا بالخارج، استغلت أمرين:

الأول: انها أسست نفسها في العلن باعتبارها معارضة وطنية.

والثاني: أنها استغلت تلك الصفة لخلط الأوراق والتلاعب بالقانونين الدولي والمحلي ودور المنظمات الدولية، لتمرير مخططات لا صلة لها لا بالمعارضة ولا بالوطنية ولا بالثورة.

وانما اتخذت من القوانين الدولية التي تحمي حراك الشعوب عبر تلك العناوين، مطية لحراك آخر مشبوه، والعمل بالتالي على جبهتين: جبهة المخطط الباطني الذي أصبح مكشوفا بدوره، وجبهة التحدث بما يروق سماعه في الخارج، عن المعارضة والثورة والديمقراطية والاصلاح والحقوق والحريات، وبالتالي هي تكتسب في ذلك نوعين من الدعم: دعم يقع في فخ ذلك الشرك من الشعارات الزائفة، ودعم آخر يعلم بزيف تلك الشعارات وحقيقة تلك الفئة المرتبطة (ولائيا ومرجعيا وسياسيا) بالخارج ولكن أجندته الخاصة تعمل على الدعم لهذا الحراك المشبوه، لأن ذلك يصب في أجندته أيضا.

} اذا كان القانون الدولي والمنظمات الحقوقية يعملان عبر الاتفاقيات الدولية من أجل الانحياز إلى حراك الشعوب والحقوق والحريات الشعبية، فأين موقع قوانينهما وبنود الاتفاقيات الدولية من حقوق وحريات ورأي غالبية شعبية ترفض رؤية وأهداف فئة شعبية، لا تنتمي وبوضوح لا إلى المصلحة الشعبية العامة ولا إلى المصلحة الوطنية العليا والعادية؟

أليست تلك الغالبية الشعبية أو نصف الشعب ان أردنا التخفيف، هم بشر أيضا، وهم شعب أيضا، ولهم حقوق ورؤية وحق حرية التعبير؟ فأين القانون والاتفاقيات الدولية التي تحاصر الدولة البحرينية اليوم من حق هذه الغالبية الشعبية ومن جميع المكونات ومن حق الدولة في الحفاظ أيضا على حقوق هذه المكونات بدل دفعها إلى الانحياز إلى فئة انقلابية؟

} أين الاتفاقيات الدولية من حق غالبية شعبية لا ترى في الفئة المدعومة خارجيا أنها معارضة صحيحة أو أنها وطنية وحسب الوقائع وحدها؟ أليس لهؤلاء حق أيضا على الدولة البحرينية؟ أين الاتفاقيات الدولية من حق الشعوب، وهنا نتحدث عن غالبية بحرينية تريد الحفاظ على وطنها وعلى أمنها القومي من التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية؟ أليس للدولة حق في الحفاظ على أمنها في تلك الاتفاقيات؟

لماذا تنحاز الاتفاقيات الدولية، التي نراها بحاجة الى (مراجعة استثنائية) كاستثنائية الحالة في البحرين.. لماذا تنحاز جهارا فقط إلى حقوق وحريات الفئة التي تريد الانقلاب على الدولة أو مناوأة السلطة، لمجرد ادعائها أنها معارضة وفي ذات الوقت يتم تجاهل أنها في حقيقة الأمر وفي عرف القانون الدولي انما تنقلب على غالبية الشعب وعلى الدستور وعلى العقد الاجتماعي، بما تحمله تلك الغالبية أيضا من معارضة ولكن معارضتها وطنية تتوافق على النظام السياسي ونظام الحكم؟ فهل يتم اخراجها من بنود الحقوق والحريات بل الانسانية لأنها ليست انقلابية مثلا أو ليست معارضة مناوئة للحكم حسب الطلب الخارجي؟

لماذا يظهر بعض الدول الكبرى التي تقول انها معنية بالحقوق والحريات والديمقراطية، أن القانون الدولي والاتفاقيات الدولية (تحمي فقط وتدعم فقط) جزءا من الشعب رغم أنه يعتدي بوضوح على حقوق وحريات الجزء الأكبر من هذا الشعب؟ وهل لمجرد أن الجزء الانقلابي يقوم تحت مسمى المعارضة، والادعاء بالمطالب الاصلاحية، وادعاء تمثيل الشعب، يقوم بمناوئة النظام والدولة فله كل الحقوق والحريات، فيما لا تحمي الاتفاقيات الدولية ذاتها حقوق وحريات غالبية المكونات الشعبية، لمجرد أنها تريد الحفاظ على النظام السياسي وعلى دستوره وعلى العقد الاجتماعي؟

} هل الأصل هنا في الاتفاقيات الدولية القانونية والحقوقية، هو دعم الغالبية الشعبية ودعم الاصلاح والديمقراطية أم الأصل هو دعم الانقلابات والفئات التخريبية والفوضوية والارهابية لمجرد أنها تقوم بكل ذلك تحت مسمى (المعارضة)؟

لماذا اذاً مطلوب من الدول المستهدفة أن تحافظ على مثل هذه الاتفاقيات الدولية ذات المنطق المقلوب، وذات الانحياز غير القانوني وغير الحقوقي إلى الشعوب، بدليل تجاهل الأطراف الشعبية الأخرى؟ أليست اللعبة مكشوفة ومفضوحة «على الآخر»؟

ألا يحق لدولة كالبحرين (الطعن) في كيفية استخدام بنود تلك الاتفاقيات خارجيا خاصة حين تمر بظروف أمنية حساسة تستهدف الأمن الوطني والاستقرار، وبشكل خطر لا مجال للعب فيه؟

هل فكرت الدولة البحرينية في الطعن في كيفية استخدام الاتفاقيات الدولية المرتبطة بها حين يأتي الاستخدام الدولي خارج اطار الحقيقة ولضرب الأمن الوطني القومي للبحرين؟

وللحديث صلة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة