الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٧ - السبت ١١ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الثقافة الأمنية
تجريم حيازة المولوتوف «وقاية للمجتمع»





اتسم المشرع البحريني بمرونة تواكب التطور الملحوظ في طرق ارتكاب الجريمة وخطورة الآثار المترتبة عليها، وكمثال على ذلك صدور القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠٠٨ بإضافة مادة جديدة برقم ٢٧٧ مكررا إلى قانون العقوبات الصادر بمرسوم قانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦ والذي نص على «يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع عبوات قابلة للاشتعال أو الانفجار بقصد استخدامها لتعريض حياة الناس أو الأموال العامة والخاصة للخطر أو حاز أو أحرز مواد ما صنع منها لذات الغرض».

ئوقد جاء هذا القانون تماشيا مع الحاجة الحقيقية الى وقف أعمال القتل والحرق بالمولوتوف حيث اعتبر المختبر الجنائي زجاجات المولوتوف مواد حارقة وليست من المفرقعات وذلك استدعى تنفيذ المرونة القانونية بتجريم تصنيع وحيازة المولوتوف لسد الفراغ القانوني، ولوقاية المجتمع من الجريمة وهذا هو مبدأ وزارة الداخلية المرتكز على أن الوقاية خير من العلاج ، وفي ظل ذلك باتت إضافة هذا النص التجريمي مطلبا حقيقيا للشارع البحريني في ظل الحوادث المتكررة لهذه الأفعال المستوردة من الخارج. وفي هذا الصدد جرّم المشرع البحريني تصنيع عبوات قابلة للاشتعال أو حيازتها أو إحرازها أو ما يدخل في تصنيعها أي أن الركن المادي لهذه الجريمة هو الحيازة أو الإحراز أو التصنيع والركن المعنوي هو العلم والإرادة بقابلية هذه المواد للاشتعال أو الانفجار. والقصد الخاص لهذه الجريمة هو تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر، ويلاحظ أن التجريم يقع بمجرد الحيازة أو التصنيع لا بالاستخدام لأن الاستخدام له مواد قانونية أخرى تعاقب عليه وسنتناولها بإيجاز.

وبشكل آخر فإن كل شخص يقوم بحيازة المولوتوف بقصد ترويع الناس قد ينال عقوبة الحبس ٣ سنوات حتى وان لم يقم بإشعال المولوتوف، وهذا يستدعي من الجميع وقفة حقيقية ذلك أن مقدار العقوبة على هذا الفعل ليست قليلة بالنسبة والتناسب لعدم وجود مجني عليه شخص محدد بذاته إنما إضافة هذه المادة نابعة من احتياج المجتمع البحريني الى قانون يقيه شر المولوتوف، فهذا القانون يعمل على وقاية المجتمع من خطر الحرق كالقتل، وذلك بوجود مسوّغ قانوني لإلقاء القبض على من تسول له نفسه التحضير والشروع في بث الرعب والفزع بين الآمنين بتصنيع أو حيازة المولوتوف الذي يمكن تصنيعه عن طريق مواد متواجدة وفي متناول يد الجميع بهدف الحرق أو التخريب أو الإتلاف .

قد يثور سؤال في ذهن القارئ كيف يقرر رجال البحث والتحري أن المضبوطات - وهي زجاجات المولوتوف الحارقة - هي بهدف تعريض حياة الناس للخطر؟ إجابة هذا السؤال تتلخص في أنه لا يمكن تصور أن وجود مواد تنظيف (بنزين أو مواد تستخدم في المنازل أو للسيارات) بمثابة زجاجات المولوتوف الحارقة وإنما يتجه المقصد إلى ظروف وملابسات المتهم بحيازة هذه الزجاجات وما إذا كان لديه أسبقيات أو نشاط تخريبي أو حقيقة أفكاره واتجاهاته للعنف والقتل والحرق وتلك كلها مسئوليات تقع على عاتق رجال البحث وسلطة الاتهام وقضاء الموضوع الذي يضع الأسانيد والأساليب القانونية والمنطقية قبل صدور حكم الادانة أي أن جريمة تصنيع أو حيازة المولوتوف لا يمكن أن تكتمل إلا إذا كان القصد الجنائي والباعث على الإحراز هو تعريض حياة أو أموال الناس للخطر .

أما استعمال المولوتوف فقد يختلف من واقع الى آخر، وينقسم قسمين شق جنائي وشق إرهابي، والشق الإرهابي عقوبته تصل إلى الإعدام إذا نتج عنه موت، أما الشق الجنائي فأيضاً عقوبته قد تصل إلى السجن مدى الحياة أو الإعدام إذا نتج عنه موت شخص بسبب استخدام المولوتوف. والقضاء هو الفيصل في هذا الموضوع سواء بتطبيق جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد عن طريق استخدام عبوات قابلة للاشتعال أو الانفجار، وقد تتجه المحكمة إلى تطبيق عقوبة الحريق المفضي إلى موت أما في أفضل أحوال المتهم فقد تأخذ المحكمة بعقوبة السجن الذي قد يصل إلى عشر سنوات في حال أن المتهم قام باستخدام المولوتوف بإشعاله وانفجاره من دون وجود وفيات أو إصابات جسدية.







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة