احذر.. معلوماتك على الإنترنت قد تستعمل ضدك
 تاريخ النشر : الاثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢
القاهرة: أمير عكاشة
مع تكاثر المواقع الاجتماعية على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، وكثرة عدد المشتركين الذين بلغوا الملايين، تزايدت الحوادث بسبب عدم الحذر عند استخدام الإنترنت عند التعامل مع الآخرين، بل إن كثيرا من المعلومات التي تنشر عبر الإنترنت قد تتخذ ضد صاحبها، ويصبح متهما في نظر القانون، ويدل هذا الأمر على خطورة معلوماتنا المتاحة على الشبكة العنكبوتية مقارنة بالمعلومات التي نعطيها لشخص ما، ففي هذه الأحوال يمكن بسهولة التخلص من الرسالة أو حذفها أو إنكار صحتها، لكن مع ظهور الإنترنت بما فيه من شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت المشكلة أكثر تعقيدا، حيث أصبحت الشبكة العنكبوتية بيئة تفاعل وعمل متكاملة وعلاقتنا بها لم تعد علاقة مستخدم بشري بآلة، بل علاقة مستخدم بمستخدم آخر، من خلال استخدام الكمبيوتر كأداة لهذا التواصل الإنساني.
وفي هذا السياق، يقول الطبيب النفسي الكندي «اندرو فيلدمر»، إنه يمارس مهنة الطب منذ ثمانية وثلاثين عاماً، ودائماً ما يتوجه إلى أمريكا لزيارة بعض أبنائه إلا أنه في إحدى رحلاته تم توقيفه في المطار بسبب مقال نشره في دورية علمية خاصة بالطب النفسي عن بعض الأدوية النفسية المحظورة، أكد خلاله أنه أجرى بعض التجارب على نفسه في الستينيات من القرن الماضي، وعلى الرغم من أن المقال المنشور باسمه على شبكة الإنترنت مضى عليه خمس سنوات، فإن المسئولين بالمطار اتهموه بأنه يتعاطى عقاقير مخالفة لأنظمة البلاد وأمر بالمغادرة.
ويؤكد محمد السيد مصري، الأستاذ الزائر بإحدى الجامعات الأمريكية، أنه حين سافر من أمريكا إلى كندا احتجز ثلاثة أيام في المطار من قبل السلطات الكندية للاشتباه في علاقته بالإرهاب. أما السبب، فقد اتضح لاحقا أن مخربا يختلف معه في أحد الآراء الأكاديمية البحثية المنشورة في الدوريات العلمية قام بوضع معلومات خاطئة عنه على الإنترنت تربطه بالإرهاب.
ومن هنا يتبين أن كل ما يطلق على الشبكة أو يطلقه الآخرون عليها سيطاردك بقية حياتك سلبا أو إيجابا، وهذا ما يكشف عن مدى الظلم الذي لحق ويلحق ببعض الأفراد مادامت سلطات الهجرة في بعض البلدان تستخدم محرك جوجل لتتحكم بحرية الأشخاص في السفر، والأمر نفسه ينطبق على المواقع والشبكات الاجتماعية.
فيسبوك
ويلقى موقع «فيسبوك» رواجا كبيرا بين الشبان والشابات في بلادنا العربية، وهو من تصميم شاب أمريكي يدعى «مارك جوكربيرج»، كان طالبا في جامعة هارفارد، والآن يعد من أغنياء العالم إذ تقدر ثروته بأكثر من مليار ونصف مليار دولار أمريكي.
وفكرة «فيسبوك» بسيطة جدا، وخلاقة جدا، فهي عبارة عن موقع لشبكة من العلاقات الاجتماعية التي تربط طلاب الجامعات في المقام الأول بعضهم ببعض، وتتيح لهم مشاهدة زملائهم وأصدقائهم بصورهم، وأخبارهم، ونشاطهم، وتبقيهم على اتصال حتى بعد أن يتخرجوا، وقد كان هذا الموقع في البداية متاحا فقط لطلاب جامعة هارفارد، ثم أصبح متاحا لطلبة الجامعات في أمريكا وحول العالم لينفتح لاحقا على العالم وليصبح متاحا للجميع.
وعندما تشترك في «فيسبوك» يصبح لديك ملف خاص أو صفحة تتضمن صورتك ومعلومات أخرى عنك، كما تحتوي على جدار يترك لك أصدقاؤك عليه رسائلهم وهناك ألبومات صور وملفات فيديو وموسيقى وأمور أخرى، ويتزايد عدد المستخدمين لهذا الموقع من فئة الشباب بشكل خاص يوما بعد يوم بل ساعة بعد أخرى. ومميزات شبكات التواصل الاجتماعي لا تخلو من العيوب؛ فعلى الرغم من أنه يمكن إزالة تلك المعلومات لاحقا فإنه قد يكون من سوء الحظ أن تكون تلك المعلومة السيئة موجودة لدى بعض دوائر الأمن.
فلنتخيل أن أحدهم قرر أن ينشئ صفحة كاملة عنك ضدك على «فيسبوك» ويضع فيها صورا وبيانات لا تمت لك بصلة، فمن سيكون قادرا على تكذيب ذلك؟ وإذا كان ما حصل في قضية طبيب النفس الكندي كشفت بالفعل أن آثار أقدامنا لا تمحى، فإن حوادث عديدة تشير الى أن الآثار قد لا تكون أصلا لنا، لذلك يركز الخبراء في أنه مع الجيل الجديد من الويب فإن هويات الناس على الشبكة يجب ألا تؤخذ كمسلمات.
وبعد إدراك مخاطر الشبكة الاجتماعية على خصوصيات مستخدميها، وأمنهم الشخصي في العالم الرقمي بشكل عام، فإننا لا شك لانزال نرغب استخدامها، إذ إن لها أيضا فوائد، فهي تمنح الفرصة للمشاركة في نقاشات واجتماعات مختلفة، فمؤخراً نجح شباب من الجنسين في مدينة جدة مثلاً في تسخير إمكانات الشبكة للترويج للفعاليات وأوجه النشاطات الاجتماعية والثقافة والدينية والإنسانية. فما الحل الذي يتيح لنا الاستفادة من هذه المواقع من دون التعرض لمشكلاتها الأمنية؟ لا أحد يستطيع أن ينكر أن «فيسبوك» مثلا فكرة إبداعية، والحل لا يكمن في مقاطعتها من قبل الشركات والأفراد، وإنما في أخذ بعض الاحتياطات وإجراءات الأمن والسلامة البسيطة، وفي عدم تخلينا عن حدسنا الفطري بالأخطار لأننا في عالم افتراضي.
وهناك حقيقة يجدر تذكرها حين التعامل مع هذه الشبكات الاجتماعية، وهي أنها لم تخترع لتجعل حياة الناس في تواصل فقط، بل إنها تدر أموالا طائلة للمعلنين وغيرهم لذلك ليس من المستبعد أن يبيع بعض الشركات معلومات مشتركيها في سبيل ذلك، قد لا يعد ذلك بالضرورة شيئا سيئا، فهناك من يعتبر أن قدرة المعلن أو صاحب الخدمة على أن يقوم بتخصيص الإعلانات التي تصل إليه وفقا لهواياته هي أمر جيد، لكن في الوقت نفسه احذر إن كنت ترى أن أي تسريب لمعلومات شخصية، على تفاهاتها هي انتهاك شديد للخصوصية.
.