في رحاب مجلس خليفة بن سلمان (٢)
الوحدة الوطنية ملاذنا الوحيد
 تاريخ النشر : السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
من ضمن التوجهات الحكيمة التي استمعت إليها - وأنا أتشرف بحضور مجلس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر - التأكيد أن وحدتنا الوطنية هي ملاذنا الوحيد والأول والأخير، وهي الضامن للحمة مجتمعنا واستمراره وقوته، بل هي الضامن لأي حل لقضايانا السياسية وغير السياسية، فمملكة البحرين كانت - مثلما قال سموه يحفظه الله - وستظل مظلتنا جميعا التي نستظل بها من كل المذاهب والطوائف وهذا أمر ليس وليد اليوم أو البارحة بل وليد قرون من الزمان حيث عاش أجدادنا وآباؤنا في ظل هذه الوحدة الشماء بالرغم من اختلافاتهم المذهبية أو العرقية، فالبحرين كانت ولاتزال وستظل وطنا للجميع ويضم الجميع في محبة وولاء، والوحدة الوطنية هي الضامن للاستقرار والتقدم نحو المستقبل لتحقيق آمال وطموحات مجتمعنا بألوانه كافة والمطلوب من الجميع أن يلتقوا عند كلمة سواء لتجاوز أي خلاف مهما كان كبيرا حتى نمضي قدما نحو مواصلة بناء وطننا بتكاتف الجميع وزيادة الالتزام الوطني لتحقيق الأهداف التي أعلنها جلالة الملك المفدى منذ انطلاقة مشروعنا الإصلاحي، ولأن عملية الإصلاح لا تتوقف عند حد معين ولم يقل أحد إنها مغلقة أو نهائية بل أكدت القيادة في أكثر من مناسبة أن الإصلاح مفتوح ووتيرته تزداد سرعتها بما يحقق آمال وطموحات الشعب البحريني بمختلف طوائفه.
وعندما أشار سموه الكريم في مجلسه العامر إلى ثوابت الوحدة الوطنية البحرينية استشهد بالتاريخ البعيد والقريب الذي جعل شعب البحرين سنة وشيعة يدا واحدة في السراء والضراء في بناء الدولة الحديثة من دون أن تؤثر في عضدهم أزمة أو كارثة أو تدخل أجنبي منذ أيام الغوص والزراعة إلى أيام النفط والصناعة والازدهار الاقتصادي، مستشهدا سموه بالعديد من الأمثلة والمناسبات والقضايا التي مرت بها البحرين، فهذا الشعب واحد موحد والذين راهنوا على قسمته والاستفادة من الفوارق الطائفية فإن قسمتهم خاسرة وإن نجحوا مؤقتا، ولكنهم لن ينجحوا أبدا في التأثير في تماسك هذا الشعب، وعندما أكد سموه الكريم هذه الحقيقة كان يدرك تماما أن لا مستقبل إلا بالوحدة ولم الشمل ضمن القيم التي تجمع هذا المجتمع الصغير بمساحته الكبير بأبنائه وهي قيم التعايش والتضامن الوطني وتقديم المصلحة العامة على المصالح الضيقة.
والحقيقة المؤسفة هنا أن ما يسمى المعارضة قد راهنت منذ البداية على أسوأ خيار وهو تقسيم المجتمع بالرغم من الأكاذيب التي تذيعها هذه المعارضة في الإعلام لذر الرماد في العيون من خلال شعارات ظاهرها خير وباطنها لا شيء مثل «اخوان سنة وشيعة»، فهذا شعار تناقضه التصرفات الطائفية وتناقضه التحالفات الطائفية ويناقضه الحفر اليومي لخنادق تفصل بين أبناء الوطن الواحد وتناقضه أعمال التعدي اليومية التي أصبحت تبذر بذور الشك والخوف بين الناس، وإذا كانت هذه المعارضة قد نجحت في شيء فإنها نجحت للأسف الشديد فقط في تقسيم المجتمع تقسيما طائفيا وزيادة الفجوة بين مكونات هذا المجتمع حتى أصبح المواطن البحريني يخشى أن ينتقل من منطقته إلى منطقة أخرى تسيطر عليها غوغائية المعارضة وهذا أمر لا يخدم المصلحة العامة ولا الوحدة الوطنية التي يتغنون بها.
خليفة بن سلمان هذا الرجل الذي أحب الوطن وأخلص له وخدمه أكثر من خمسين عاما متواصلة يدرك أن هذه الزوبعة ليست إلا سحابة صيف لأن أصالة شعب البحرين وعراقته ووطنية أهله وثقافتهم ترفض الطائفية وترفض العنف وترفض الغوغائية التي تمارسها المعارضة حاليا لابتزاز الحكومة والمجتمع.
نعم تبقى التناقضات المتعددة موجودة في كل المجتمعات البشرية وسيظل تضارب المصالح بين الفئات والطبقات، ولكن لحل هذه التناقضات والصراعات لا يمكن اللجوء إلى شريعة الغاب والابتزاز واحتلال الشوارع وإشاعة الفوضى والسيطرة على الناس وعقولهم، فالقوة والعنف والغوغائية لا تصنع الحق ولا العدل ولا تبني الديمقراطية، بل عبر القانون والدستور لأن ساحة القانون هي ما تضمن استقرار المجتمع، والديمقراطية في جوهرها احترام القانون الذي يكون الناس جميعا سواسية أمامه، واحترام القانون في الأنظمة الديمقراطية لا يلغي الصراعات ولا يحد من الأفكار المختلفة في شئون السياسة والاقتصاد ولكن يقلل من سلبيات هذه الصراعات.
إنها مدرسة خليفة بن سلمان التي تؤمن بالديمقراطية سلوكا وقيمة وثقافة، وتدريب المواطنين على سلوك أخلاقيات الديمقراطية لضمان استقرارهم واستمرار التنمية التي هي أساس حياة جميع المواطنين ومن دونها ومن دون الأمن لا معنى للديمقراطية أصلا.
.