الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٤ - السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


«أرض الدم والعسل».. أنجلينا جولي خلف الكاميرا





عرض فيلم «أرض الدم والعسل» ، وهو من بطولة مجموعة ممثلين من يوغوسلافيا السابقة ويظهرون لسرد قصة عن الصراع البوسني الصربي في عام ١٩٩٢. يطرح العمل نظرة عميقة أو حتى نادرة عن الحياة خلال زمن الحرب وأكثر مشاهدها السخيفة والصادمة والحقيقية، ولا تنحصر تلك المشاهد في إطار الأعمال الوحشية مثل الاغتصاب والتحرش الجنسي وجرائم القتل العشوائية. ويعرض وضعاً مشابهاً عن الشلل الجماعي في وجه أعمال عنف لا يتصورها العقل. تقول جولي: «تنبثق القصة من استيائي الشخصي بسبب عدم التدخل لتصحيح الوضع. لقد أمضيتُ وقتاً طويلاً مع الناس في فترة ما بعد الحروب وتمنيتُ حينها أن أتمكن من العودة بالزمن إلى الوراء، إلى ما قبل وقوع تلك الأهوال التي تركت جروحاً عميقة في نفوسهم وقبل تكبد تلك الخسائر المروّعة». هي تريد أن يختبر الجمهور مشاعرها الخاصة بطريقة مباشرة: «عند مشاهدة الفيلم، أريد أن يفكر المشاهد: هل يمكن أن يوقف أحد ما يحصل؟ الوضع يزداد سوءاً، أريد الخروج من المسرح… كل ما أريده هو الخروج من هنا!». تريد جولي في المقام الأول أن يحضر الجمهور إلى دور السينما، لكنّ المهمة ليست سهلة لأن الفيلم عبارة عن دراما مترجمة في اللغة البوسنية والصربية والكرواتية، ويتناول حرباً وقعت في مكان بعيد وزمن مختلف، ناهيك بأن الأبطال ممثلون غير معروفين بالنسبة إلى الجمهور الأميركي. هكذا، بعدما كانت هذه النجمة تتجنب استغلال شهرتها، ها هي الآن تفرض وجودها في منافسة تسويق الأفلام، فهي تحضر احتفالات توزيع الجوائز وتجري المقابلات وتتواجد في معظم المناسبات المهمة. تضيف جولي: «لم أصنع هذا الفيلم لأنني أريد أن أصبح مخرجة أو أن أجرّب الإخراج. حتى إنني لم أكن أنوي تولي الإخراج بنفسي عندما كتبتُ النص. كنت وبراد نمزح بهذا الشأن، إذ كان يستحيل في نظرنا أن أكتب نصاً يمكن أن يتحول إلى فيلم. قررنا أن نرسل النص إلى أشخاص كانوا جزءاً من الصراع ومن دون ذكر اسمي. إذا وافقوا على العمل، كنا سنفكر في إنتاج الفيلم. وإذا رفضوا، فسنرميه جانباً. بذلتُ قصارى جهدي في هذا العمل وأشعر بأنه يعبّر عن هويتي. يتعلق معظم الأفلام التي أشارك فيها بشخصيات أستمتع بأدائها، لكنها لا تعبّر عن شخصي وعن ما أؤمن به». قد يتفاجأ البعض حين يعلمون أن أول فيلم لأنجلينا جولي سيكون عملاً درامياً مترجماً يتناول حرباً معقدة سياسياً بدل أن تنتج فيلماً فخماً وراقياً لكنّ هذا العمل متوقع جداً بالنسبة إلى كل من تابع مسيرة جولي. بعدما كانت هذه الممثلة (٣٦ عاماً) تُعتبر كائناً غريباً من هوليوود، ترفّعت خلال العقد الماضي لتصبح شخصية عالمية معروفة بأعمالها الخيرية. وكأنّ بدايتها في عالم الإخراج لا تتعارض بما يكفي مع شخصيتها الراقية على السجادة الحمراء، بل إن هذا الفيلم يتناول واحداً من فصول الماضي القريب والمنسيّ والمعقد والمجهول بالنسبة إلى الكثيرين. إنها قصة عن إخفاقات قبلية وتاريخية وسياسية هائلة ويمكن أن يضرّ هذا العمل بأكثر السيدات نفوذاً في العالم. من خلال هذا الفيلم، لا تقوم جولي بنقلة نوعية على المستوى الفني فحسب، بل إنها تجازف أيضاً بمخزون المصداقية الذي جمعته منذ أن أصبحت سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في عام ٢٠٠١. خلال عرض لفيلم «أرض الدم والعسل» في واشنطن، رحب ممثل عن «مجموعة أنديفور» بمجموعة من النساء البوسنيات لمعرفة آرائهن «كي تعلم أنجلينا رد فعل الناس تجاه الفيلم والطريقة التي يجب أن تعتمدها لمناقشة القصة». بعد شرح السبب الذي دفع جولي إلى صناعة هذا الفيلم، قال الممثل عن المجموعة: «هذا الفيلم ليس وثائقياً بل إنه تحفة فنية ونأمل أن يتذكر الجميع هذا الأمر. تشعر جولي بالقلق من ردة فعل الناس وتريد أن تعلم ما إذا كانوا سيفهمون السبب الذي جعلها تنتجه أصلاً». تعترف جولي بأنها تشعر بالتوتر فعلاً: «يعكس طاقم الممثلين هذا الجزء من العالم. حين شاهدوه للمرة الأولى، كنت متوترة جداً. لكنهم دعموني كثيراً». نشأ غوران كوستيك الذي يؤدي دور جندي صربي متردد في فيلم «أرض الدم والعسل» في ساراييفو. يتذكر هذا الشاب أن جولي كانت تقترب منه من وقت إلى آخر خلال التصوير لتقول: «هل أسيء إلى أحد في هذا المشهد؟». فكان يجيبها: «أنجي، في البلقان يغضب الجميع بغض النظر عما نفعله. بالتالي، من الأفضل أن تثيري غضب الجميع!». تابع كوستيك قائلاً: «أظن أن أصحاب النوايا الحسنة الذين يتحلون بنسبة كافية من الموضوعية، في صربيا والبوسنة وكرواتيا، سيقدّرون قيمة جميع المسائل المطروحة. بالنسبة إلينا، إنها قصة شخصية. بالنسبة إلى أنجلينا، إنها قصة عالمية». حتى لو أثار فيلم «أرض الدم والعسل» غضب البعض، حرصت جولي على تحصين نفسها ضد أي جدل، تقول جولي: «لا أحد يريد أن يُساء فهم أعماله ونواياه الحسنة أو أن يتسبب العمل بتأجيج الوضع. لكن يحتاج كثر إلى التعبير عن أنفسهم ويريدون التناقش مع غيرهم، وأشعر أن الأصوات التي ستعترض على الفيلم ستكون أعلى. أنا سعيدة بذلك، فحتى لو كانوا يخالفونني الرأي، سيحصلون على منصة للنقاش ويمكننا التجادل حولها.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة