التقنية تنتج ١٥٠٠ نوع من الرز
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢
هي ليست نباتات معدلة وراثيا ولا إجراء تقليديا للانتقاء عبر عمليات تهجين متتالية، فقد كشف باحثون عن تقنية ثورية تسمح في وقت قياسي، بإنتاج بذور ذات إنتاجية عالية أو مقاومة للتغير المناخي.
ولعل أول المستفيدين المحتملين من هذه التقنية التي أطلق عليها اسم «مات مات» هم مزارعو السواحل اليابانية التي ضربتها موجة تسونامي في مارس ٢٠١١، فهؤلاء سيكونون بحاجة إلى رز مقاوم للملوحة، حتى يتمكنوا من زرع محاصيلهم في حقول الرز التي غمرتها مياه البحر.
وهذه التقنية الجديدة التي نشرت في مجلة «نيتشر بايوتكنولوجي»، تقوم اصطناعيا بتنشيط التحورات في نبتة جذعية بهدف تسهيل عملية اكتشاف متغيرات وراثية تمنحها خصائصها المحددة.
وبمجرد تحديد الجينات التي ترتبط بهذه الخصائص «النمو السريع والإنتاجية ومقاومة الجفاف والأمراض.. إلخ.. ويمكن إعادة إدخالها في النبتة الجذعية»، من خلال عملية تهجين تقليدية. وهذه الطريقة لا تلجأ إلى أي تعديل وراثي من نسق الكائنات المعدلة جينيا، على ما يشرح صفيان كمون من مختبرات ''سينزبوري'' في نوريتش (بريطانيا).
حاليا، تعتبر عملية ابتكار نوع جديد من النبات بخصائص محددة عملية ليست بسهلة تتطلب ما بين خمس وعشر سنوات.
في البداية، يتوجب على المهندسين الزراعيين أن يحددوا الخاصية المطلوبة ومن ثم تطويرها شيئا فشيئا على مدى أجيال حتى تثبت هذه الخاصية لدى كل النباتات المتحدرة من هذه السلالة، على أن يترافق ذلك مع التخلص من أي ميزات غير مرغوب بها، لكن تقنية ''مات مات'' سوف تسمح بتقليص هذه المدة الزمنية إلى نحو عام واحد، على ما يشير مطوروها.
ويوجز البروفيسور كامون في مقابلة هاتفية مع وكالة الصحافة الفرنسية أن «من شأن ذلك أن يسمح بإيجاد الإبرة في كومة من القش، بشكل أسرع».
وبهدف وضع تقنيتهم هذه، عمد الباحثون البريطانيون واليابانيون إلى اختبار تناول نوع جديد من الرز «البري» أطلق عليه اسم «هيتوميبور» شمال اليابان. فبدأوا بـتنشيط قدرة هذه السلالة على التحول عبر تعريضها إلى مركب كيميائي، الأمر الذي أدى إلى إنتاج نحو ١٥٠٠ متغيرة وراثية من الرز نفسه في حين تتمتع كل واحدة منها بخصائص مختلفة. من ثم تم زرع جميع متغيرات رز «هيتوميبور»، ومن بين ١٠ آلاف غرسة تم الحصول عليها، اختار العلماء «الغرسة المحورة» التي كانت تبين إنتاجا وافرا. وكان يشرف على هؤلاء العلماء ريوهيي تيروتشي من مركز الأبحاث حول التكنولوجيات الإحيائية في محافظة إيواته اليابانية.
أما المرحلة الثانية، فقامت على تهجين هذه الغرسة المحورة مع سلالة الرز الأصلية ليتم بعدها زرع هذه المتغيرة في حقول الرز.
بعد ذلك، كان على الباحثين مقارنة جين الفرع المهجن وجين رز «هيتوميبور البري» حتى يتمكنوا من اكتشاف التغيرات الوراثية المسؤولة عن الإنتاجية العالية للغرسة المتحورة.
وفي إطار اختبار هذا النوع من الرز، قام فريق الدكتور تيروتشي بتقفي أثر المؤشرات المعروفة بـ «شبه قزامة» التي تنتج غرسات ذات جذع قصير وقاس بالتالي مقاوم، أما السنبلة فتحتوي على عدد كبير من الحبوب.
وبعد النجاح الأول الذي حققه الباحثون مع «مات مات»، أنتج هؤلاء غرسات مختلفة من «هيتوميبور» متحورة قادرة على مقاومة المياه المالحة جدا.
وتوضح الدراسة أنه «بمجرد أن يتم تحديد الجينات التي تساهم في مقاومة الملوحة، سوف يتمكنون من استخدامها لتطوير نباتات جديدة ذات خصائص محددة من الرز تتكيف وحقول الرز التي تمتد على مساحة ٢٠ ألف هيكتار والتي كانت قد غمرتها موجة التسونامي على طول الساحل الياباني».
بالنسبة إلى البروفيسور كامون، هذه التقنية واعدة جدا لأنها قد تسمح بتحسين سلالات كانت قد تكيفت طبيعيا خلال الزمن مع ظروف محلية خاصة. ولفت إلى أن زراعات أخرى ذات جين بسيط وصغير نسبيا، قد تكون مرشحة ممتازة لتقنية ''مات مات''، لكن القمح والذرة ليسا بهذه السهولة.
.