الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٧ - الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

نادي البيئيين الصغار

أبعاد سحيقة وضغوط هائلة





إذا القينا في الماء كرة من الحديد وزنها رطل واحد فستصل إلى قاع المحيط الباسيفيكي بعد مرور ٦٣ دقيقة، وتكون قد قطعت فيها مسافة قدرها ١١ كيلومترا تقريبًا، وتلك الهوة تعتبر حتى الآن اعمق اخدود واسع في ذلك المحيط، ويتراوح متوسط عمق البحار والمحيطات ما بين ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ متر، وهو عمق بعيد ورهيب، مما يجعل الضغط في قاعه يبلغ ما بين ثلث ونصف طن عن كل سنتيمتر مربع.

وهنا نتساءل: ترى كيف تتحمل الضغط تلك الكائنات التي تعيش في هذه الأعماق؟ قد تتخيل أن لتلك الكائنات جسدا قويا وعظاما صلبة لتتحمل ذلك الضغط، ولكن الحقيقة ليست كذلك، بل هي كائنات حية رقيقة وطرية، وقد لا يكون لها هيكل عظمي، ومع هذا فإنها تعيش من دون أي مشاكل وكأن كل شيء طبيعي فما هو السبب؟

السبب أنها في الواقع لا تشعر بتلك الضغوط، بل تحس إن كل شيء من حولها على ما يرام، تمامًا كما يحس الانسان على سطح الأرض، على الرغم من أنه يتعرض لضغوط رهيبة من المحيط الهوائي الذي يحيط به من كل جانب، ولكي نوضح الأمر نذكر لك مثلاً أن الهواء يضغط على رؤوسنا بما يعادل الضغط الناتج عن ربع طن، وأكتافنا وحدها تتحمل ضغط يساوي نحو نصف طن، أما الجسم فيتحمل ضغطًا يبلغ عدة اطنان، ولكننا مع ذلك لا نشعر بشيء غير عادي لأننا نشأنا وتكيفنا مع ضغوط المحيط الهوائي، ثم اننا نستنشق الهواء بضغوطه فيتخلل بكل وعاء دموي ونسيج وخلية، وهكذا يتساوى الضغط في داخلنا مع الضغط الكائن خارجنا.

وكذلك تفعل الكائنات في الأعماق، فلقد نشأت وتكيفت بضغوط الماء الرهيبة، فالماء بضغوطه يتخلل أوعيتها وأنسجتها وخلاياها، فيساوي بذلك الضغوط الخارجية والداخلية أو يتعادلان، ولو تركت تلك الكائنات التي في الأعماق واتجهت نحو الأعلى فإنها تنزف وتتفتت وتنهار وتموت. فسبحان الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة