الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٠ - الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء

في ذكرى الميثاق..

جلالة الملك.. ونهجه في استمرارية الإصلاح





نعيش في هذا الشهر أفراح ذكرى عزيزة علينا، ذكرى ميثاق العمل الوطني، الذي انطلق كباكورة لتدشين مشروع جلالة الملك المفدى للإصلاح والتغيير، الذي حظي بإجماع شعبي عارم، إبان التصويت عليه، والذي أسس لمرحلةٍ جديدة من العمل الوطني العام، والذي ضم في طياته إصلاحات سياسية، ودستورية، وحقوقية، إلى جانب قيام المؤسسات الدستورية، والنقابات، والمحاكم الدستورية، وغيرها من ضروب العملية الإصلاحية الشاملة، التي عشناها طوال سنوات المشروع الإصلاحي الكبير.

هذه المشاريع الإصلاحية، لم تكن فجأة، أو تزامنت مع تولي جلالته مقاليد الحكم، ولكنها نابعة من إيمان جلالته بفكرة عملية الإصلاح والتغيير الشامل، التي لا يحيد عنها مطلقاً، فجلالته يملك هذه العزيمة القوية، وهذا الحس الكبير، مما يجعل ذلك إيماناً راسخاً بمبدأ التطوير والإصلاح لما هو أفضل وأحسن.

جلالته قد قاد مشروعه الإصلاحي الكبير، طوال السنين الماضية، بكل اقتدار وجدارة، وهو يمضي في تنفيذه بكل إيمان وعزيمة راسخة، وحيوية ونشاط، طالما ذلك يصب في مصلحة الوطن والمواطنين والشعب بأسره.

جلالته كان سباقاً، فقد سبق الجميع، في أخذ زمام المبادرة، لتدشين نهضة تنموية إصلاحية كبيرة، قد شملت جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والحياتية، تجلت ثمار ذلك، في ارتفاع مستوى معيشة الأفراد، وصون حقوق الإنسان، وازدهار الحياة الطيبة الكريمة، وارتفاع سقف الحريات العامة، وشيوع المؤسسات الحقوقية والسياسية، وضمان حريات التعبير، بما في ذلك حق التظاهر والاعتصام، وتنامي مستوى دخل الأفراد، وحالة الزيادات العامة التي شملت معظم الكوادر الوظيفية، وظهور مؤسسات جديدة، قد كفلت - المرة الأولى - الأيتام والأرامل والعُوَز، وغيرها وغيرها، من وجوه التغيير والإصلاح.

إن هذه النهضة الحضارية الإصلاحية، ليست بمستغربة على جلالته، فكان دوماً- جلالته - رائد الإصلاح الأول، فقد قاد عملية تأسيس وإنشاء قوة دفاع البحرين في أواخر ستينيات القرن الميلادي المنصرم، وعمل طوال سني تلك الفترة، كقائد عام قوة دفاع البحرين، مع ولايته للعهد، على تسليح هذه القوة الفتية بالأسلحة المتطورة، إلى جانب عملية توسيع نطاق القوات لتشمل القوات البحرية والجوية والبرية، وسلاح الجو، وسلاح المدرعات، وأحدث جلالته نقلات نوعية متطورة، لهذه القوة، وأنشأ كلية عسكرية لإعداد الضباط، وتبعت ذلك كلية للقيادة والأركان، كلية متطورة متخصصة بإعداد القادة، إلى جانب إدخال الطائرات الحربية المقاتلة المتطورة، إلى منظومة سلاح الجو الملكي البحريني، وإدخال السفن الحربية المقاتلة المتطورة إلى سلاح البحرية الملكية البحريني، لينشأ عن ذلك التحديث المتطور للتسليح الشامل لهذه القوة العسكرية.

لقد أضحت قوة دفاع البحرين اليوم، بفضل مجهودات جلالته في عملية الإصلاح والارتقاء بهذه المنظومة الدفاعية، قوة عسكرية نظامية مرموقة يشار إليها بالبنان، وإلى أهميتها، وإلى ما وصلت إليه من مستوى راقٍ، فكانت مشاركتها العربية والدولية، في حماية الحدود الإقليمية الدولية، فضلا عن مشاركتها الكبيرة في حرب تحرير الكويت مع قوات التحالف العربي والدولي.

إن هذه المكانة السامية، لم تأت إلا بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل جهود جلالته الحثيثة طوال العقود والسنين الماضية، من أجل الارتقاء بدرع الوطن الواقية، والحصن الحصين.

ونعود مجدداً إلى محور حديثنا، فإن وتيرة الإصلاح، لم ولن تتوقف، هذا ما أعلنه جلالته، أكثر من مرة، وأكثر من مناسبة، وهذا يأتي ليقين منه، بهذا المبدأ، الذي لا رجعة فيه.

ونستدل على ذلك، بعدة أمور لا بأس من ذكرها على عجالة:

(فمنها): أمر جلالته إلى سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بإجراء حوار وطني شامل وذلك في فبراير من عام ٢٠١١م.

وكان فرصة سانحة للجميع لمزيد من الإصلاح وللتطوير، ولكن للأسف فإنه لم يبادر البعض إلى اقتناص هذه المبادرة، مما فوّت على الكثيرين، هذه الفرصة الثمينة.

(ومنها): أمر جلالته بتبني حوار التوافق الوطني، الذي ضم في طياته المكونات السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والنخبوية والشبابية، تحت مظلة حوار توافقي، الذي خرج بمرئيات كثيرة: سياسية ودستورية وحقوقية وغيرها.

(ومنها): أمر جلالته بإنشاء اللجنة البحرينية الملكية المستقلة لتقصي الحقائق في الحوادث والوقائع التي جرت في شهري فبراير ومارس من عام ٢٠١١م، برئاسة القاضي البروفيسور محمد شريف بسيوني، التي تمخض عملها عن إعداد تقرير شامل ومفصل لتلك التداعيات والأحداث بحيادية تامة، ونزاهة، ومصداقية، وشفافية، إلى جانب جملة من التوصيات التي تذهب إلى مزيد من الإصلاح، والوقوف على مكامن الخطأ، وإعطاء كل ذي حق حقه.

(ومنها): أمر جلالته، بتشكيل اللجنة الوطنية لتنفيذ التوصيات التي خرجت عن تقرير بسيوني، والتي ضمت في جعبتها شخصيات مرموقة، يشهد لها بوطنيتها، ورجاحة عقلها، وبتغليب المصلحة الوطنية العليا، وقد عملت اللجنة طوال فترتها بكل جهد، لتنفيذ التوصيات، كما ورد في تقرير اللجنة.

مما سبق عرضه، يتضح لنا أن مسيرة الإصلاح ماضية تشق طريقها، ولن تتوقف لأي ظرف كان، بعون الله وتوفيقه.

وإننا فيما يحدث في وطننا الحبيب، من أوضاع لا تسر القريب ولا البعيد، فإننا بحاجة إلى لقاء وطني عام للمصارحة والمصالحة الوطنيتين، على أن يُدعى إليه كبار علماء الدين، وقادة الجمعيات السياسية، السياسيون المستقلون، رجال الفكر والأدب، الأكاديميون ذوو الاختصاص، الحقوقيون والجمعيات الحقوقية، ممثلو منظمات المجتمع المدني، الوجهاء والأعيان والشخصيات المرموقة المستقلة.

وفي الوقت نفسه، فإن بيان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الموقر، بشأن ما تشهده البلاد من أحداث، جاء ذلك في وقته المناسب، وما ذهب إليه، من وجوب أن يتحلى الخطاب بالاعتدال والوسطية جامعاً لا مفرقاً، وان يحث على المحبة والسلام، وينبذ التفرق والعصبية، لنأمل من العلماء والخطباء وشيوخ الدين الكرام، أن يعملوا لكل ما من شأنه خدمة الإسلام وإشاعة أجواء المحبة والتآلف، وتعزيز الوحدة الوطنية، وجمع الشتات، وتشجيع سبل التقارب بين المسلمين، وأن يناشدوا الجميع، تغليب صوت العقل والحكمة، والمصلحة الوطنية العليا، وما فيه مصلحة البحرين.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة