الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٣ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


وانتصرت إرادة جمعية الصحفيين البحرينية





وانتصرت إرادة «جمعية الصحفيين البحرينية» بشموخ إذ تألقت هذه «الإرادة» في وجدان المثقفين والصحفيين.. بعد أن انتهى «مجلس النواب» أخيراً من اعداد قانون الصحافة يوم ١١ يناير ٢٠١٢م، بعد عملية مخاض عسيرة، تخللتها الحوارات الساخنة والمناقشات الحادة والمداولات المتجذرة.. بقدر ما اكتنفتها عمليات الشد والجذب ما بين النواب، ما بين مؤيدين ومعارضين لهذا القانون تحت قبة البرلمان امتدت إلى فترة ثمانية أعوام مضت.

لقد تم اعداد (قانون الصحافة).. بعد ان اتفق النواب، خلال الفصل التشريعي الثالث، على تعديل بعض احكام المرسوم بقانون رقم (٤٧) لسنة (٢٠٠٢) بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر المرافق للمرسوم الملكي رقم (٢٦) لسنة (٢٠٠٨) على «إلغاء عقوبة حبس الصحفيين سواء بشكل احتياطي أو على ذمة التحقيق».

في ضوء ذلك فإن النواب اتخذوا خطواتهم الأخيرة بحسم مفصلي بتحويل هذا القانون (قانون الصحافة) للمجلس من أجل إقراره وتمريره في أقرب وقت ممكن.. وفي ذات السياق يمكن القول ان اقرار (قانون الصحافة) الذي تخلو أنظمته من حبس الصحفيين والكتاب والمثقفين، ومن ثم تمريره من أجل العمل بـ «أنظمته ومواده ولوائحه الداخلية».. هو هدف (جمعية الصحفيين البحرينية) الذي وضعته نصب أعينها والمنشود بسمو القيم الصحفية وارتقاء المبادئ الادبية والثقافية والفكرية المقرونة بتعشم (جمعية الصحفيين البحرينية) بأن تلك الصفحة الصفراء من الحوارات والمداولات تحت قبة البرلمان، إزاء انسحاب قانون العقوبات على قانون الصحافة، قد انطوت من دون رجعة.. عبر وضع الحد الفاصل لتلك المساعي والمحاولات التي اتخذها وتبناها باستماتة أولئك النواب الاسلاميون السابقون، ضد اعداد (قانون عصري للصحافة) خلال الفصلين التشريعيين السابقين (الأول والثاني) الذين فشلوا في انتخابات الفصل التشريعي الثالث.. أولئك النواب - لشديد الأسف - قد أقدموا على كسر العظم في خاصرة فئة الإنتلجنسيا الوطنية والمستنيرة، محاولة من هؤلاء النواب الاسلاميين المتشددين، تكميم أفواه الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأي والضمير، وكسر اقلامهم ومصادرة آرائهم.. وهو حينما اتخذوا الموقف العدائي بمحاربة الصحافة وحبس الصحفيين، كان ذلك من خلال لجنة الخدمات التي كانوا يشرفون عليها بمجلس النواب آنذاك، حين زجهم المادة الـ (٦٩) في تقرير اللجنة التي تقضي بحبس الصحفيين، ومحاولاتهم الفاشلة انسحاب قانون العقوبات على قانون الصحافة والطباعة والنشر.. وبمساعيهم إلى تكريس الرقابة وترسيخ مقص الرقيب.

لكن على الصعيد ذاته نستطيع القول إن دوام الحال ليس من المحال لطالما عكس أولئك النواب الوطنيون من التكتل الوطني الديمقراطي (الموقف الوطني) الذين عارضوا من خلاله حبس الصحفيين، خلال (الفصل التشريعي الأول).. وطالبوا «بتشريع قانون ديمقراطي عصري للصحافة والطباعة والنشر يخلو من عقوبة السجن للصحفيين».

ولكون عجلة التاريخ المتطورة تسير نحو الامام مواكبة الإصلاحات العامة في مملكة البحرين وبما ينسجم والمادة الـ (٢٣) من الدستور التي تكفل حرية الرأي والتعبير.. فإن (جمعية الصحفيين البحرينية) قد انتصرت على دعوات نواب وقوى تيار الإسلام السياسي المناوئة للكلمة الحرة والصحافة المستنيرة.. وذلك عبر إصرار (الجمعية) ورغبتها الأكيدة في مواصلة جهودها بحمل لواء رسالتها التنويرية وقدسية مهماتها التوعوية، وجسامة مسئولياتها الرقابية (كسلطة رابعة) على السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).

كما ان هذه (السلطة الرابعة) تجسد تجسيدا مفصليا، نشر الوعي الثقافي والوعي السياسي والوعي الاجتماعي، والسعي إلى بلورة هذا الوعي لدى الأجيال المتعاقبة، مما يؤهلها لتحمل مسئولياتها الوطنية وأمانة مهماتها التاريخية إزاء المشاركة السياسية، وفعاليات الأنشطة الثقافية والادبية والمجتمعية.

أضف إلى ذلك أن (السلطة الرابعة) هي النبراس المشع من المعرفة والثقافة ورافد البناء للنسيج المجتمعي، ومرتكز لصياغة الشخصية الانسانية في صميم المجتمع بأساليب التربية الوطنية، وبمفاهيم المواطنة وروح التسامح والتآلف وتجسيد الوحدة الوطنية.. وحسبما تمثل مهمة هذه (السلطة الرابعة) تهيئة المجتمع بأبنائه ورجالاته وأجياله (ثقافيا وفكريا وسياسيا وأدبيا).. فإن هذه (السلطة الرابعة) تظل محوراً لرفع سقف الحريات العامة وتوسيع رقعة الديمقراطية وترسيخ مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.

في نهاية المطاف نستطيع القول: ان اقرار وتمرير (قانون الصحافة والطباعة والنشر) بسمته الديمقراطية والعصرية.. وبالتالي ابرازه الى حيز الوجود وفي دائرة الضوء.. فإن هذا (القانون العصري) سيمثل المدافع المفصلي عن الصحفيين والمفكرين والكتاب والمثقفين، بصون كرامتهم والذود عن أقلامهم، ورفع الرقابة عن آرائهم وأفكارهم، وإبعادهم عن ضيم الحبس وعسف التوقيف.. حسبما يمثل هذا القانون الحضاري للصحافة.. الحصن الحصين لـ (السلطة الرابعة) بمسؤولياتها الوطنية والمجتمعية ومهامها الادبية والثقافية والفكرية التي تحمل لواءها، أمام التحديات والصعاب والعثرات كافة التي تواجهها سواء من المتعجرفين والمتشددين والطائفيين والمذهبيين، أو القوى الطفيلية من المتنفذين والمفسدين والمتجاوزين والمتسلقين.. ذلك من خلال كلمة النقد الايجابية البناءة (النقد السياسي) و(النقد الاجتماعي) و(النقد الاعلامي) على حد سواء.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة


التالي><السابق
الأحدالاثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930