الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٤ - الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٦ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


التقنية الصديقة للبيئة





مر الإنسان بثلاث مراحل مع البيئة، الأولى: كان الإنسان يعيش في الطبيعة، تشرق الشمس عليه فيستيقظ ليخرج ليجمع الثمار ويصطاد فريسته ويعود ليعيش لحظاته، وكانت البشرية آنذاك قبائل صغيرة متفرقة في الكرة الأرضية. الثانية: تفجر الصناعة في الأرض وانتشرت المصانع وانبعثت الأدخنة في كل مكان، صاحبها انتشار العديد من الأمراض التي لم تكن موجودة في السابق، فاعتبر ذلك العهد عهد الصناعة.

وفي المرحلة الثالثة: وعى الإنسان ان المصانع يجب أن تحكم وتروض، فتفتق فكره عن فكرة «التنمية المستدامة» التي تدعو إلى الاعتدال والتوازن بين الصناعة والحياة والصحة، فأنشأ ما أنشأ من مصانع ولكن يجب أن تقام وفق منهجية بيئية تحترم هذه المنظومة التي تعيش فيها، وذلك حتى لا تسبب الأمراض التي يعجز عنها الطب والإنسان.

بعد تلك المرحلة وجد الإنسان نفسه يعيش مرحلة رابعة من علاقته بالبيئة، هي مرحلة سيطرة التكنولوجيا أو التقنية على حياته، حيث دخلت وسائل التقنية في كل مفاصل حياته، فالحواسيب بشتى صورها وأجهزة الهاتف الذكية والأنواع المختلفة من الشاشات وكل تلك الأجهزة أصبحت اليوم جزءا من حياة الإنسان شاء ذلك أم أبى.

هذه التقنيات أسهمت بصورة كبيرة في التخفيف من حدة انبعاث الملوثات وأمكن التحكم فيها، فقد وضعت في السيارات أجهزة تخفف من حدة انبعاث الغازات، ووضعت أجهزة أخرى عند فوهات مداخن المصانع لتقتنص تلك الكميات الهائلة من الغازات ليتحول بعض ذلك باستخدام تقنيات أخرى إلى مواد مفيدة يمكن استخدامها مرة أخرى، ليس ذلك فحسب وإنما ظهرت في الشوارع سيارات تسير من غير انبعاثات غازية ضارة لأنها تسير باستخدام أنواع أخرى من الوقود مثل الكهرباء أو الطاقة الشمسية أو حتى السيارات الهجينة التي تسير على خليط من الوقود، حتى البطاريات التي كانت ذات يوم تعد مشكلة بيئية أوجدت التقنية الحديثة وسائل أخرى أو بدائل لتلك البطاريات لتصبح صديقة للبيئة، ولم تهتم التكنولوجيا بالصناعة والمصانع وإنما دخلت البيوت من أوسع أبوابها فأمامنا كل تلك التلفزيونات والحواسيب والأفران الميكروويف وعشرات من تلك الأجهزة التي يصعب علينا هنا أن نعدها.

في المقابل أيضًا ظهرت تحديات جديدة تواجه الإنسان، هي ذلك الكم الهائل من المخلفات الإلكترونية التي غدت اليوم من المشاكل التي تحتاج إلى حلول سريعة سواء من حيث القوانين أو من حيث الأساليب الأمثل للتخلص منها.

والبحرين اليوم تتجه مثل غيرها نحو التقنيات الصديقة للبيئة، فهذا معرض التقنيات الصديقة للبيئة الأول، وغدًا سوف نرى الثاني والثالث، وفي المقابل نرى أن العديد من المصانع تنفق ملايين الدنانير حتى تستعيض أجهزتها القديمة بأجهزة حديثة تتوافق مع المنظومة البيئية.

ونحن من هنا نقدم أيدينا ونمدها للجهات - أيا كانت - التي تحاول أن تستفيد من التقنيات الخضراء الصديقة للبيئة لتخفف عن كاهل الإنسان هذا العناء الذي عاشه خلال العقود الماضية ودفع ضريبته من صحته وصحة أولاده.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة