الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠٠ - الاثنين ٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


هل هذا ما يستحقّه وزير التربية والتعليم؟!





لا أعرف السبب في كل هذه الضجّة المثارة حول موضوع تمديد الدوام المدرسي. لا أعرف لماذا قام مجلس النواب ولم يقعد انتصاراً لإرادة الشعب في التصويت ضدّ قرار التمديد، رغم أنّه تمديد مجاني ووعدت وزارة التربية والتعليم أن يكون له نتائج مثمرة. ولا أعرف لماذا تتصل وليات الأمر بالإذاعة وهنّ يبكين بسبب التمديد وكأن التمديد كارثة حلّت على رؤوسهنّ.

التجربة لم يمرّ عليها سوى أيام معدودات، والصحفيون يعقدون لقاءات مع الطلبة ليعبّروا عن رأيهم في التمديد ونتائجه، والبرامج التلفزيونية تعقد لتبيّن مساوئ التمديد، ومواقع التواصل الاجتماعي تقول إنّ الدولة ستغرق في الوحل إذا تمّ تطبيق التمديد، ونوّابنا الأفاضل ربّما بعد يومين سيطلبون تدخّل مجلس الأمن لوقف التمديد.

أكثر ما ساءني في الموضوع استعراضات النواب في المجلس ضدّ وزير التربية والتعليم وقيامهم باستجوابه ضدّ ما أسموه «تدهور التعليم وضعف المخرجات»، وهو ما يحزن فعلاً ويحزّ في النفس.

لماذا يا سادة لجأتم إلى الاستجواب؟ لأنّ الوزير لم يستجب إلى طلبهم بوقف التمديد أو تأجيله إلى أجل غير مسمّى. المؤسف في الموضوع أنّ الاستجواب سيتمّ بعد عام واحد على مرور أكبر أزمة مرّت في تاريخ البحرين الحديث، وفي مثل هذا الشهر من العام الماضي كان وزير التربية والتعليم رجلاً من رجالات البحرين الذين حافظوا على رباطة جأشهم واستطاعت البلد بفضل الله وبفضلهم وبفضل تلاحم أبناء الشعب تجاوز الأزمة. ما الذي فعله وزير التربية والتعليم في الأزمة؟ أراد «الفوضويون» تعطيل الدراسة. قادوا إضراباً للمعلمين استجاب له أكثر من ٦ آلاف معلم، أي نصف عدد المعلمين في المدارس. وكان هؤلاء الفوضويون يدركون أنّ تعطيل الدراسة لأكثر من شهرين معناه انهيار الحكومة وإجبار الدولة على الاستجابة لطلبات الفوضويين. لأنّ تعطيل الدراسة معناه أنّ الطلبة لن يتمكنوا من إكمال الفصل الدراسي الثاني، ومعناه أنّ طلبة التوجيهي لن يستطيعوا التخرّج، وسيفوتهم قطار البعثات ولن تقبلهم الجامعات الخارجية، ومعنى ذلك فوضى عارمة في كلّ مفاصل الدولة.

وهنا انبرى وزير التربية والتعليم بفضل الله وبفضل أهل الخير الذين اقترحوا فتح باب التطوّع. وسرعان ما استجاب الوزير إلى هذا الاقتراح وفتح أبواب الوزارة على مصراعيها لاستقبال المتطوّعين وجنّد موظفي الوزارة لإتمام العملية، وهي عملية إنقاذ حقيقية للدولة، وما هي إلا أيام وإذا بالمدارس تدبّ بها الحياة ويقع الفوضويون في إحراج كبير، جعل الوزير من المستهدفين لسهام نقدهم وسبّهم. وبسبب إحباط وزير التربية والتعليم لمخطط شلّ العملية التعليمية في البلاد، قاد الفوضويون عدّة اعتصامات أمام وزارة التربية والتعليم مطالبين بإقالة الوزير، ووقف هو كالطود الشامخ تجاه هذه الدعوات.

ولله الحمد، سار العام الدراسي على أحسن وجه، واستكمل الطلاب عامهم الدراسي، ولم تنهر الحكومة ولم تتأثّر الدولة، وكان حقّاً على البحرينيين أن يحتفوا بهذا الوزير المقدام.

ومثلما الوزير وعد بأنّ المدارس ستمضي وأن العام الدراسي سينتهي على خير في العام الماضي وأنجز وعده فعلاً من خلال عملية التطوّع التاريخية، وعد الوزير هذا العام بأن يطبّق التمديد وأن يرى الناس نتائج التمديد. ولكن الذي حصل أنّ النواب استجابوا لضغوط جيرانهم ورأوا أنّ التمديد كارثة وأنّ إصرار الوزير عليه سيهدم التعليم ويقوّض أركانه.

بالأمس كان النواب يشكرون الوزير على أنّه أنقذ التعليم في البحرين، واليوم يستجوبون الوزير ويتهمونه بأنّه أساء إلى التعليم. فهل هذا الكلام يليق يا جماعة؟

بسمة أحمد



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة