في رحاب مجلس خليفة بن سلمان (٩)
القدرة على الإنصات لنبض الشارع
 تاريخ النشر : السبت ١٠ مارس ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
من الخصائص المميزة لنجاح أي حكم في العالم بالإضافة إلى الإدارة الحكومية الناجحة والكفؤة وجود البعد الاجتماعي الإنساني في القيادة الذي يجعل العلاقة بين الحاكم والمحكوم مندرجة في الروح الاجتماعية للبلد، وضمن القيم الناظمة لحياة الناس بما يجعل التواصل هو السمة التي تحكم هذه العلاقة وصمام الأمان بالنسبة للقائد لاستشعار الوضع الحقيقي للمجتمع من أفواه الناس وعيونهم وردود أفعالهم وتطلعاتهم.
وهذا في الحقيقة ما استشعره شخصيا في صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وأول مظاهر التميز هو مجلسه المفتوح لجمهور المواطنين بمختلف فئاتهم وأعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية وأجناسهم وطوائفهم، فهذا المجلس العامر يعكس طبيعة العلاقة التي تربط الحاكم بالمحكوم في هذا البلد الطيب بما يجعل المجلس مدرسة حقيقية للتواصل الاجتماعي والسياسي يستوي فيه الجميع ويتحدثون بقلب مفتوح من دون قيود باستثناء القيم الناظمة لحياة هذا المجتمع الذي يكن التقدير والاحترام لهذا البلد وقيادته.
المظهر الثاني لهذا التواصل الذي يعزز نسيج العلاقة بين السلطة والشعب حرص سموه الكريم الدائم على إعطاء البعد الإنساني الاجتماعي مكانة رفيعة فهو لا يتأخر عن تهنئة أو عن تعزية ولا عن مواساة من يحتاج إلى المواساة والوقوف مع من يحتاج إلى الوقوف بما يجعل خليفة بن سلمان حاضرا باستمرار في كل مناسبات هذا المجتمع يزور العائلات والمجالس ويعلم كل العلم أن هذه الزيارات بلسم يداوي الجراح وتعزيز لأواصر العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأذكر بكل اعتزاز في هذا السياق تفضل سموه بزيارة عائلة العسومي عندما تشرفنا بحضوره زفاف ابن أخي، فلم تكن زيارته مفاجئة ضمن التقاليد التي درج سموه على غرسها وتعزيزها، ولكن المفاجئ حقيقة وأثلجت صدورنا وطيبت قلوبنا وزادت فرحتنا هي أن سموه أطال زيارته لأنه كان حريصا على أن يلتقي هذا الجمع الكبير والمتنوع من المواطنين الذين جاءوا للتهنئة، فكان حريصا على أن يسأل هذا ويتحدث مع الكبير والصغير ويشد من عضد هذا ويوجه ويستمع إلى أصوات المواطنين ورؤاهم الاجتماعية والسياسية، فأعطى لتلك المناسبة قيمة ومعنى نادرا ما يوجد في بلدان العالم هذا النوع من التواضع والمحبة المتبادلة والتواصل بين الحاكم والمحكوم.
أما المظهر الثالث لهذا التواصل فيتمثل في استشعار خليفة بن سلمان سواء من خلال مجلسه أو من خلال ردود الحكومة على مقترحات نواب الشعب وملاحظاتهم لما يدور في نفوس المواطنين وفي المجالس البلدية من طموح، ولذلك لا يخلو أسبوع من توجيه أو قرار يصب في مصلحة المواطن في مجال الخدمات الأساسية أو المكاسب الإضافية التي ترفع من شأن المواطن وتعزز مكانته ومستوى معيشته والمساحة في هذا السياق لا تسمح باستعراض النماذج العديدة من هذه القرارات والمكتسبات التي تبين في أصلها ما يتحسسه سموه الكريم من احتياجات المواطنين وما يوجه إليه الوزراء من ضرورة النزول إلى الشارع والاستماع إلى نبضه والاستجابة لرغبات المواطنين وطموحاتهم المشروعة في الارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم بفضل ما يصل إلى سموه من حقائق عبر السلطة الرابعة التي يحترمها سموه ويقدر أصحابها حق تقدير وهذا الموضوع وحده يحتاج إلى مقال آخر.
إن سر حب الناس لخليفة بن سلمان وسر نجاح إدارته الحكومية الفاعلة بالإضافة إلى الكفاءة في الإدارة الحكومية هو قدرة سموه على التواصل الاجتماعي والسياسي مع المجتمع، وقدرته على الإنصات إلى نبض الشارع وإلى هموم المواطنين وتطلعاتهم سواء في تحسين أوضاعهم أو في إدارة الوزارات الحكومية قاطبة فهذا التواصل هو الذي أعطى خليفة بن سلمان القدرة على أن يكون في كل لحظة موجودا وحاضرا وملما بما يحدث وعارفا بما يحتاج إليه الناس، فكثيرا ما رأينا سموه وهو يفاجئ المواطنين بزياراته لمتابعة أحوال الناس والاطمئنان على المشاريع الإسكانية وزيارة المستشفيات والحدائق الحكومية وذلك للاطلاع على كثب على حقائق الأمور وعدم الاكتفاء بما يرفع من تقارير كان يمكن الاكتفاء بها.
إن خليفة بن سلمان فكر ورؤية وتاريخ في هذا البلد يجب أن نستثمره ونستفيد منه جيلا بعد جيل ونتمنى على الأجيال الجديدة أن تستثمر هذه الرؤية للتواصل وتجديدها لتكون البحرين دائما مثلما كانت وكما عهدناها بلد المحبة بل الأسرة الواحدة.
.