الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٦ - الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


التهديد بالقتل





على الرغم من أننا قد ولجنا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي من المفروض أن يرتقي الإنسان بفكره وسلوكه فيرفع من درجة تحمله للآخرين وللرأي الآخر، ويُقدر كُل مِنا ما نختلف عليه، فإن ما أشاهده هو عكس ذلك.

فكلما اختلف الإنسان مع أخيه الإنسان في المعتقد والفكر والرأي، تَلقى تهديدات بالقتل والتصفية الجسدية له ولأسرته، أو في الأقل تشويه سمعته وإعلان الحرب الكلامية والنفسية عليه، وليس هذا في المجالين الديني والسياسي فحسب، وإنما بلغ هذا الأسلوب في التعامل المجال البيئي والعلمي على حد سواء.

فأحد علماء تغير المناخ الأمريكيين الذي يدافع بحرارة عن رأيه وإيمانه الراسخ بدور أنشطة الإنسان ومساهمته الفاعلة في رفع درجة حرارة الأرض وإحداث التغير المناخي، يقع هذا العالم ضحية للإرهاب الذي يمارس ضده، ويتلقى مكالمات تهدد سلامة حياته وحياة أسرته، ويتعرض لأبشع أنواع الحملات الإعلامية ضد مواقفه العلمية، وتَصل إليه بين الحين والآخر رسائل الحقد والكراهية، بل مُورست عليه حرب اقتصادية تمثلت في قطع المعونات التي يحصل عليها لإجراء الأبحاث والدراسات المناخية. وعلاوة على ذلك كله فقد تلقى في أحد الأيام ظرفا بريديا يحمل بداخله مسحوقاً مجهول الهوية، مما اضطره إلى الاتصال بمكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) لفتح الظرف والتحقق من المسحوق الموجود فيه.

هذا العالِم هو مايكل مان )nnaM .E leahciM( الذي أكد مصداقية كل التهديدات والمضايقات المستمرة التي يتعرض لها وذلك من خلال مقابلة صحفية أُجريتْ معه في جريدة الجاردان في ٣ مارس ٢٠١٢، حيث قال إن أبحاثه التي أثبت فيها ارتفاع درجة حرارة الأرض، لم تعجب بعض الفئات المعارضة للتغير المناخي التي تنكر مساهمة أنشطة الإنسان في رفع درجة حرارة الأرض، فتحول إلى فريسة لهم يريدون التهامها وهدف لحملاتهم الإعلامية.

هذا العالم هو صاحب نظرية مضرب أو عصا الهوكي، وألف كتاباً ليثبت آراءه ومعتقداته تحت عنوان: «عصا الهوكي وحروب المناخ» )sraW etamilC eht dna kcitS yekcoH ehT(، حيث بين فيه المضايقات والتهديدات التي يلقاها العالم الذي يبحث عن الحقيقة العلمية فيقدمها للمجتمع البشري من دون مجاملة أو محاباة لأحد أو تحوير النتائج لتتوافق مع السياسات، سواء للحكومات أو للأحزاب. كما يقول هذا العالم في كتابه انه من بين الأساليب المُشينة وغير الأخلاقية التي استخدمت ضده هي سرقة بعض الرسائل الإلكترونية ومحاولة تحويرها ونشرها عبر وسائل الإعلام، وبالتحديد قبيل مؤتمرات الأمم المتحدة حول التغير المناخي، وذلك من أجل تغيير آراء واتجاهات الحكومات حول التغير المناخي وصدها عن الوصول إلى اتفاقيات دولية ملزمة، ويصف العالم هذا العمل بأنه: «جريمة ضد الإنسانية، جريمة ضد كوكبنا».

الجدير بالذكر أن هناك سياسيين وشركات صناعية كبرى كشركات النفط والفحم وإنتاج الكهرباء التي تقف ضد كل عالِمٍ يُثبت دور المصانع وأنشطة الإنسان المختلفة في رفع درجة حرارة الأرض، وهذه الشركات تدفع بسخاء إلى كل من يقوم بأبحاث مضادة تثبت عكس ذلك، كما تُنظم المؤتمرات والاجتماعات العامة بهدف زعزعة ثقة الناس بواقعية التغير المناخي. إضافة إلى ذلك، تقوم هذه الشركات بدعم بعض المؤسسات العلمية للعمل على إثارة الشكوك حول دور الإنسان في رفع درجة حرارة الأرض، وقد قام مؤخراً معهد هارتلند الأمريكي )etutitsnI dnaltraeH( المعروف بإنكاره للتغير المناخي وبشكلٍ سري بتخصيص زهاء ١٤ مليون دولار لتصميم مناهج دراسية موجهة للتلاميذ، تهدف إلى زرع الشكوك في نفوس النشء والأجيال القادمة، وترسيخ الرأي عند عامة الناس بعدم وجود دورٍ مشهود للإنسان في التغير المناخي.

وهكذا نجد أن الشركات الكبرى في كل مكان لا يهمها إلا الربح الكثير والسريع وعلى حساب كل شيء، وقد يلجأون في تحقيق ذلك إلى استخدام العنف والاغتيال إذا لزم الأمر.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة


التالي><السابق
الأحدالاثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930