الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢٠ - الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


تعرية مهددات الأمن الخليجي





«في اي صراع فان الحقيقة هي اول الضحايا، ليس هناك حقائق صلبة معظمها سائل، قابل للتحوير» عبارة ذكرها باحث علم الاجتماع السياسي الكويتي الدكتور محمد غانم الرميحي، وترسخت في ذهني، كما ترسخت غيرها من الرؤى والافكار التي طرحها المشاركون في ندوة عروبة وامن الخليج العربي التي نظمتها مؤخرا جمعية الوسط العربي الاسلامي بمملكة البحرين، وشارك فيها حشد من الساسة والمفكرين والاعلاميين العرب.

واوّد ايها القارئ ان اضعك معي في اجواء ذاك النقاش واطلعك على بعض مما دار فيه، وانا اعتبرته خطوة ايجابية في سبيل فهم اعمق لمهددات الامن الخليجي في خضم رياح التغيير التي هبت على العالم العربي، ووسعت بشكل او بآخر من نفوذ واطماع القوى الاقليمية والدولية في المنطقة.

كان مجمل حديث المشاركين في الندوة قد تركز على مناقشة التحديات التي تواجهها منطقة الخليج العربي في ظل الحراك الشعبي، والتدخلات الاقليمية في الخليج، بجانب القضية الاحوازية. الا أن المساحة الكبرى من النقاش قد افردت لتاريخ الحركة الوطنية في مملكة البحرين، ومستقبل هذا الحراك من بعد ازمة ١٤ فبراير.

لقد افاد الدكتور محمد الرميحي بان في القرن العشرين ظلت البحرين تتأثر بما يجري حولها من احداث سياسية واقتصادية، وقد ظل الجوار العربي هو الاكثر تأثيرا في البحرين، إلا ان الجوار الايراني هو اقل تأثيرا لأسباب انشغال إيران بالداخل، وايضا بسبب الموقف السياسي الذي يشير إلى اطماع في البحرين.

واشار إلى ما للتعليم من دور في تهيئة واعداد النخب السياسية في خمسينيات القرن الماضي، مثنيا على النخب الوطنية استيعابها مبكرا ان اية مطالب وطنية لا تستطيع ان تحلق الا بجناحين، يحملان المكونات الاجتماعية. وكان ذلك مكمن قوتها الأساسية، وهذا ما افتقدته الحركة الجديدة التي برزت في فبراير ٢٠١١، إذ قامت على اكتاف طائفة واحدة، وهي بحد ذاتها وصفة الفشل!، مؤكدا ان البحرين ولكل عاقل لا تتحمل، جمهورية اسلامية، كما لا تتحمل ولاية فقيه (سني او شيعي) ولا يتحمل جل شعبها شعار (تغيير النظام) ولكن يتحمل (شعار اصلاح النظام) وهو الممكن.

وعلى ذات السياق نوه الدكتور محمد السعيد ادريس، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري إلى حقائق تاريخية غاية في الاهمية، حين قال إن شاه إيران محمد رضا بهلوي قد ابلغ الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود في سنة ١٩٦٨، ان من شروطه لوقف مطالباته في البحرين، ان لا تدخل هذه الجزيرة الصغيرة في أي اتحاد وتكتل مع جيرانها من دول الخليج، وان يبقي يده على الجزر الإماراتية الثلاث، وقد تمت الاستجابة لشروطه عندما اعلنت البحرين انسحابها من الاتحاد الخليجي الذي دعا اليه الشيخ زايد رحمه الله لتوحيد إمارات الخليج.

وتفسر تلك الواقعة التاريخية ان تظل اسطوانة المطالبات الايرانية في البحرين مستمرة وهي في حالة انعزال!

من هنا تتبين ضرورة الحاجة إلى انضمام البحرين وبقية دول الخليج في تكتل اقليمي مشترك صفته الاتحاد وليس التعاون فقط كما هو الآن، كي يكون قادرا على ردع كل الأخطار المحدقة في المنطقة، ليس من الجانب الإيراني وإنما ايضا من الجانب الغربي، اذا ظلت القوى العابرة للبحار تكرس جهودها لملء الفراغ البريطاني بعد حركات التحرر العربي من الاستعمار.

واذا كان يراد للبحرين ان تكون حجر الدومينو والرهان على سقوطها كبداية لسقوط كل دول الخليج، فإن المحلل السياسي سيد زهرة قد دعا إلى عهد تبشير للعروبة يعزز شعور الانتماء للعمق العربي والبدء بمشروع يقوّي الوحدة الوطنية، فقد اعتبر ان الحراك الشعبي في البحرين الذي افتعل ازمة فبراير لم يفرز الا مزيدا من الانقسامات المجتمعية الخطيرة.

في الحقيقة الندوة حفلت بالكثير من الطروحات والنقاشات، انتهت بتقديم «وثيقة المستقبل السياسي» لمملكة البحرين من قبل الجهة المنظمة جمعية الوسط العربي، وجاء فيها تقديم رؤية لما يجب ان يكون اوله التوافق على النظام الملكي الدستوري القائم باعتباره الأنسب للمجتمع البحريني والإقرار بان الحكومة المنتخبة في الفترة الحالية لن تحمل الحل للانقسام في المجتمع بل على العكس ستعمل على تعميقه، والإبقاء على حالة الحوار المفتوح على جميع القضايا ومن دون سقف بعيدا عن النقطتين السابقتين.

وانا بدوري أود ان أؤكد اهمية تنظيم الملتقيات الفكرية الهادفة لما لها من تأثير في رفع الوعي السياسي والثقافي لدى الشباب ايضا، فما لفت انتباهي وجود الشباب البحريني المستنير والقادر على المحاورة وإبداء الرأي.. هؤلاء وللأسف مغيبون عن الضوء الاعلامي والساحة المحلية، لكن هذه الملتقيات تسهّل مهمة التفتيش عنهم وإحلالهم في صفوف المقدمة.

للتواصل مع الكاتبة على التويتر @wejdanjassim







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة