الثقافة السياسية
الأمــن الوطـــني
 تاريخ النشر : الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٢
دائماً ما ينظر إلى مفهوم الأمن الوطني على أنه مفهوم يطلق على الأوضاع الأمنية داخل الدولة فقط، ولكنه في الحقيقة مفهوم أشمل من ذلك بكثير، فهو يقصد به كلا الأمن الداخلي والأمن الخارجي. وبالتالي يصبح مجال الأمن الوطني أكثر شمولية، ونطاقه أكثر اتساعاً لأنه يتعلق بحفظ النظام والاستقرار ومواجهة التحديات في الداخل والخارج.
يمكن تقديم تعريف مبسط للأمن الوطني بأنه قدرة الدولة في الحفاظ على أمنها واستقرارها ومكتسباتها الحضارية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. وعليه فإنه لا يقصد بالأمن الوطني مواجهة تهديدات عسكرية مثلاً، أو اللجوء إلى زيادة القوة العسكرية باعتبارها مؤشراً من مؤشرات القوة السياسية وبالتالي تسهم في حفظ الأمن الوطني. وسبب ذلك أن هذا المفهوم يتطلب العديد من الإستراتيجيات والسياسات التي تسهم في النهاية في حفظ الأمن الوطني لأي دولة.
فيما يتعلق بمسؤولية الأمن الوطني فإنها مسؤولية جماعية مشتركة لا تقتصر على جهة حكومية واحدة أو إحدى السلطات الثلاث المعروفة في الدولة (السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية) أو المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإنما تشترك فيها كل الأطراف وتتحمل فيها المسؤولية، بالإضافة إلى المسؤولية الشخصية للمواطنين، وكذلك مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية، ووسائل الإعلام المختلفة.
والمشاركة وتعدد المسؤولية لا تعني أيضاً ألا يكون هناك شكل من أشكال التنظيم في تحمل هذه المسؤولية بين عدة أطراف ومؤسسات بهدف ضمان أقصى درجات حفظ الأمن الوطني وصيانته للدولة. ولهذا فإن هناك العديد من المؤسسات الرسمية التي تتولى هذه المهمة، ومثالها في البحرين قوة الدفاع، ووزارة الداخلية، والحرس الوطني، وجهاز الأمن الوطني، حيث تتشارك هذه المؤسسات في مسؤولية حفظ الأمن الوطني للدولة على النطاقين الداخلي والخارجي من خلال الاختصاصات الممنوحة لها طبقاً لنصوص الدستور والقوانين والأنظمة الوطنية.
من القضايا الهامة المرتبطة بالأمن الوطني؛ التعامل والتكامل الإقليمي، وتقوم الفكرة هنا على أن أمن أي دولة ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الدول المجاورة لها، والمنطقة الجغرافية التي تتواجد بها، وبالتالي تكون هناك حاجة وضرورة لمثل هذا التعاون. ومن أمثلة ذلك التعاون المشترك بين بلدان مجلس التعاون الخليجي عبر العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية المشتركة، وفقاً لمبدأ أمن بلدان مجلس التعاون الخليجي لا يتجزأ، وما يمس كل بلد يمس البلد الآخر. ومن مظاهر هذا التكامل المشترك لتحقيق الأمن الوطني لبلدان مجلس التعاون الخليجي إنشاء قوات درع الجزيرة التي تعد قوات عسكرية مشتركة تمثل كافة بلدان المجلس طبقاً للاتفاقيات المبرمة بينها، ويتم الاستفادة من خبراتها وقدراتها في تعزيز أمن منظومة مجلس التعاون.
الأمن الوطني لمملكة البحرين تم تحديد أطره العامة في ميثاق العمل الوطني الذي أقر في ١٤ فبراير ٢٠٠١، حيث تم تخصيص جزء كامل في الميثاق نفسه بعنوان الأمن الوطني.
وبحسب الميثاق فإن تعريف الأمن الوطني هو «السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة أراضيها ومكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التنمية الشاملة وخاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة».
كما تناول الميثاق أهم ركائز الأمن الوطني، وهي كالآتي:
أولاً: دعم وتعزيز قوة دفاع البحرين لتكون قادرة على أداء مهامها وواجباتها على الوجه الأكمل.
ثانياً: توفير المعدات والمقومات الأساسية لقوات الأمن العام لكفالة أداء واجبها في نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد والسهر على حفظ النظام والأمن العام.
ثالثاً: دعم وتعزيز الحرس الوطني لأداء دوره في إطار منظومة قوة الدفاع والأمن باعتباره عمقاً عسكرياً لقوة دفاع البحرين، ودرعاً أمنياً لقوات الأمن العام في حماية الوطن.
ويلاحظ من أهم ركائز الأمن الوطني التي حددها ميثاق العمل الوطني أنها تقوم على المفهوم الشامل للأمن، بمعنى الأمن الداخلي والخارجي، ولذلك تم التأكيد على أهمية دور قوة الدفاع، وقوات الأمن، بالإضافة إلى الحرس الوطني، أيضاً الميثاق اعتبر قوة دفاع البحرين رمزاً للوحدة الوطنية، وسند للأشقاء، وعون للأمة العربية والإسلامية.
كما حدد الميثاق الإطار العام لتطوير منظومة الأمن الوطني البحريني في العناصر الآتية:
ـ الاعتماد على سياسات إعداد العنصر البشري الكفء.
ـ رعاية شؤون منتسبي قوة الدفاع لتصبح عنصراً لا غنى عنه في تحقيق أمن البحرين وحمايته.
ـ العمل على رفع القدرة القتالية والإدارية والفنية لقوة الدفاع، بالتدريب، والتنظيم، لتصل إلى أرفع مستوى ممكن باعتباره أولوية.
ومن القضايا الاستراتيجية في رؤية ميثاق العمل الوطني للأمن الوطني البحريني ضرورة امتلاك سياسة دفاعية واضحة، مدعومة ببرامج تفصيلية تتوخى تحقيق هذه الأهداف على أن يتم مراجعتها بشكل مستمر من أجل تطوير الرؤية الإستراتيجية، والتكيّف التكنولوجي، وتحديد مصادر الخطر بصفة متواصلة مع التأكيد على أن الحرب الهجومية محرمة وفقا لدستور مملكة البحرين.
في ضوء ذلك ينبغي الخروج بخلاصة أن مملكة البحرين تنتهج مفهوم الأمن الوطني الشامل ببعديه الداخلي والخارجي. وفي الوقت ذاته تعتمد على التكامل الإقليمي لصيانة الأمن الوطني لتحقيق أمن واستقرار منظومة مجلس التعاون الخليجي. ونلاحظ اهتمام النصوص الدستورية في المملكة بقضية الأمن الوطني، فضلاً عن الأولويات الإستراتيجية.
معهد البحرين للتنمية السياسية
للتواصل info@bipd.gov.bh
.