الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٣ - السبت ٧ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٥ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


مؤتمر قمة بغداد والموقف من الأزمة السورية





حقا ومن دون اي مجاملة اننا اذا القينا نظرة سريعة على ما جرى إبان انعقاد مؤتمر القمة على مستوى الجامعة العربية يوم ٢٩ مارس ٢٠١٢، في بغداد العروبة، بغداد الرشيد، بغداد قلعة الأسود، وهذه اوصاف لا يمكن لأي كان ان يغيرها حتى من يحيطون بها الان لم يستطيعوا ان يدفعوا بها لأنفسهم.

وهناك امر يجب على القادة العرب ان ينتبهوا له وهم بصدد احياء دور الجامعة العربية المنشود، وهذا ما جاء ضمن البنود التسعة في قرارات القمة الاخيرة، يحسن بنا الان ان نتريث انتظارا لما تسفر عنه تلك القرارات للبنود التسعة ولاسيما قضية العرب المركزية (فلسطين) وسوريا التي يغتال فيها نظام الاسد يوميا اعدادا هائلة من الشهداء رجالا ونساء وأطفالا من ابناء الشعب السوري المثابر، ناهيك عن هدم البيوت وسرقة محتوياتها.

لقد كانت المنطقة العربية مهبط الرسالات الالهية، ومنبع الحضارات الاولى التي انارت الطريق للحضارة العظيمة التي تهيمن اليوم على قارات الارض، ان ما يجري في بلداننا العربية بدءا من تونس ومصر وليبيا واليمن والان سوريا، هي احداث غير مسبوقة في الواقع العربي، من هنا لابد ان تعرف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، ان مؤتمر بغداد ذا الثلاث الساعات لم يأت بشيء لافت للنظر سوى ان بغداد ربحت انعقاده في ربوعها بعد سنين عجاف تقارب نحو عقدين ونصف عقد، بعكس ما كان يدعو إليه الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من ضرورة انتظام اللقاءات العربية.

ثمة سؤال يطرح نفسه رغم انعقاد القمة: هل هناك بالتحديد في بغداد توجهات تدفع بهذا وتمنع ذاك؟

قبل ايام هناك ساسة شاركوا في المؤتمر بكلمات اتسمت بالكثير من اسلوب الانشاء وهذا ما كنا نخشاه لانه دليل الهروب من الواقع، وحتى نكون واقعيين الجميع منا يجب ان يضع الحس الوطني امامه لا خلفه حتى لا يفقده في غمار حوادث الساعة.

ان مؤتمر القمة لم يأت بشيء سوى الكلمات وحسن النقل التلفزيوني والديكور، لقد كان ظاهره دعوة إلى الخير وباطنه عكس ذلك ويقولون المخفي أعظم، وفي اعتقادي أن بغداد لم تتخلص من دموعها وأحزانها، فأين لم الشمل والمصالحة العراقية؟ اين روح التضامن العربي؟ اين مصلحة الوطن العربي الكبير؟ أين ما كانت تنتظره بغداد العروبة؟ لا أحد منا يرضى ان تبقى بعيدة عن عمقها العربي في سنين طويلة أخرى. اليوم ومن دون استثناء الكل منا يدعو إلى القومية، ثم ان القومية في معناها ان تغلب مصلحة الوطن الكبير على مصلحة اي فرد فينا، يا مؤتمر بغداد، لقد كنت فعلا سؤالا بلا جواب، هل من المعقول انكم لا ترون هول ما يحدث في سوريا؟ هل ضاعت منكم البصيرة والحكمة الواجبتان كما بدا خلال كلماتكم التي اتسمت فقط بالاسلوب الإنشائي ولا احد منكم استطاع ان يقولها بكل صراحة وقوة ووضوح وهو ان من يحكم سوريا عليه ان يأخذ عصاه ويرحل، لا ان يستمر في ظل الواقع الراهن وهو واقع مر في الدعوة إلى التفاوض؟ ومع من؟ مع حاكم يقتل شعبه، حاكم يدمر البنية التحتية لشعبه، حاكم يذهب ليشاهد بنفسه متفاخرا بما قام به جيشه من هدم، ثم منذ متى نحن العرب وعبر اروقة جامعة الدول العربية (بيت العرب) ندفع بكوفي عنان ممثلا عنا ونتداول هذا الشأن في مؤتمر بغداد الثالث والعشرين المنعقد بتاريخ ٢٩ مارس ٢٠١٢؟

لقد كان فعلا مؤتمر سؤال بلا جواب في نظري ولعلي أكون مخطئا، ان سوريا اليوم أصبحت في نظر الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا يريدونها ساحة لجوء مقصودة لأبنائها المقهورين، سواء أكانوا رجالا ام نساء ام سياسيين ام دينيين لكي تأتي القوى الاستعمارية من سائر ارجاء العالم ليتقاسموا ما بقي منها من خيرات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة