الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٣ - السبت ٧ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٥ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بريد القراء


أهمية الاتحاد





ان المتابع للأحداث التي تعيشها المنطقة اليوم يصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الأمة تواجه تهديدات وهجمة شرسة وتحيط بها عواصف الفتن والاختلافات، ولا يوجد ماهو أدق في التعبير عنها من قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)، الرسول صلى الله عليه وسلم وصف داءنا وحالنا.

الخليج العربي يمر بمرحلة عصيبة فقد تكالبت عليه قوى الشر طمعا في ثرواته وخيراته، وأيدي الأعداء تتصافح في الخفاء وهناك تحالف شرير بين إيران ودول الغرب لاحتلال الخليج ومحو هويته ورسم خريطة جديدة له، والذئب الفارسي الذي يريد أن يلتهمنا يشكل أكبر تحد وهو شوكة في حنجرة الخليج، يتدخل بشكل سافر ويهدد بعظائم الأمور وهو لا يخفي مطامعه وطموحه وقد صرح قادته عدة مرات بأن كل بلاد الخليج تشكل تاريخيا جزءا من الأراضي الإيرانية، هذا الذئب الشرس الذي يعتقد نفسه حاكما ووصيا على الشعوب الخليجية يقدم الدعم لأعمال التمرد في البحرين والسعودية والكويت ويقدم نفسه للعالم على أنه النظام القادر على مواجهة الشيطان الأكبر وفق التسمية الإيرانية فقام باستعراض قوته وعضلاته العسكرية على جيرانه، والمحاولات على قدم وساق لجرّنا الى ساحات معارك طائفية وحرب أهلية ونشر العنف والفوضى بدعم من دول الغرب والمنظمات الإرهابية التي تسمي نفسها منظمات حقوق الإنسان.

لقد تداعوا علينا يوزعوننا على أنفسهم كأننا وليمة أو إرث، ومهما أخبرتنا الولايات المتحدة وانجلترا من أكاذيب حول الديمقراطية والإصلاح لكن كلنا يعلم أنهما غطاء لإخفاء مطامعهم الحقيقية وهي السيطرة على النفط ولا غيره، والعهود والمواثيق معهم تتساقط حسب المصالح، مواقفهم متناقضة ومحبطة وهم الذين مكنوا إيران من رقبة العراق ولن يترددوا في فعلها لدول الخليج. ومما زاد الطين بِلة دس فئة منحرفة من شياطين الإنس والجواسيس والخونة والعملاء في بلادنا وارتماء المعارضين في أحضان إيران وأمريكا وهناك فئة ولاؤها خارجي وأهدافها ومطامعها كبيرة لا تقف عند حدود.

وبالرغم من كل التحديات واستمرار الدسائس والمكايد والابتلاءات التي يتعرض لها الخليج، للأسف مازال في حالة صمت وبطء ومواقفه لا ترقى لمستوى الخطر الذي يحدق به، كل دول العالم تتحد وتتكاتف بغض النظر عن اختلافاتهم وتوجهاتهم وثقافاتهم وبيئاتهم ودياناتهم كالاتحاد الأوروبي، فما بالك بأمة دينها واحد وقرآنها واحد ولغتها واحدة نراها تتشتت وتنقسم؟ الإسلام يدعو إلى التكاتف والوحدة والاتحاد حتى تكون للأمة مهابة وكرامة أمام غيرها من الأمم، ففي هذا العالم لا مكان للضعفاء والبقاء للأقوى.

نحن أولى بالاتحاد فديننا واحد وثقافتنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا متشابهة، فلماذا يتشتت الخليجيون ويتوحد غيرهم؟ ان صمام الأمان لبقائنا هو الله سبحانه وتعالى ومن ثم اتحادنا وتكاتفنا، وفي هذه الظروف العصيبة لا مناص من تحقيق الاتحاد وبأسرع وقت، ففيه منافع عديدة وفوائد كثيرة، وهو سبيل القوة والنصر وليكون درعا واقية وحصنا منيعا في مواجهة التحديات ولكي يصل المجتمع إلى الأمن والأمان، كما أنه الضمان لبقائنا ويبعدنا عن مخاطر الاستعانة بالغرب في مواجهة إيران، ولوقف المد الإيراني وردع طموحه، ولنكن دولا قوية متكاتفة. كل مواطن محب للخير وولاؤه لوطنه ينبع من قلبه وروحه روح وطنية يرحب بالاتحاد، والفئة التي ترفض الاتحاد وتقف حجر عثرة أمامه وتقوم بتثبيط دول الخليج عن قيام الاتحاد ووأد المحاولات للانتقال إليه فئة تريد تنفيذ أجندات خارجية والقوى الخارجية لا تريد لنا التكامل والوحدة وكل عمل خير للخليج يواجهه الأعداء من الداخل والخارج بالسوء والرفض.

الخطر قادم لا محالة والسيوف مصلتة في وجه أهل الخليج، نحن لدينا أعداء يعملون بقوة والطابور الخامس يسكن معنا في دارنا ولا يهدأ ولن يهدأ أبدا حتى ينفذ أهدافه وأجنداته وكل ما يلبي طموح الأعداء وغدرهم لن يتوقف. إن لم نأخذ موقفا حازما وموحدا فإن النتائج سوف تكون وخيمة وسوف يتم احتلالنا آجلا أو عاجلا.

ان ضعفنا وغفلتنا هما سببا تداعي الأمم علينا. لقد عرف التاريخ شعوبا لم تدرك أهمية الاتحاد فانقرضت وتم محوها من على خريطة العالم، في التاريخ عبر ومواعظ كثيرة وفي الأحداث الأخيرة التي عشناها عبر أكثر فلنتعظ منها ولنتفاد الأخطاء السابقة، حتى نتجاوز الأخطار المحيطة بنا والغفلة التي نعيشها ونعمل على تحصيل مصادر القوة والاتحاد وهما ضروريان وسياجان حافظان لبقائنا، ففي السياسة لا يوجد أصدقاء ولا مواثيق ولا عهود، بل هي مصالح فقط، فلنعتمد على أنفسنا ولنكن أكثر قوة في مواجهة التحديات والأزمات والخروج من المحن.

نسأل الله العلي القدير أن يعجل في إقرار الاتحاد وأن يستيقظ العرب والمسلمون من سباتهم ويكونوا سدا منيعا أمام الأخطار المتربصة بهم.

عائشة البستكي



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة