البحرين والأمن الاقتصادي
 تاريخ النشر : الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٢
بقلم: عدنان أحمد يوسف
في ظل التطورات والأحداث الإقليمية والعالمية المتلاحقة، بات من الضروري للدول العربية إعادة النظر في مسألة الأمن الاقتصادي، ودراسة المصادر المختلفة التي تهدد هذا الأمن، وهو الموضوع الذي ركز عليه المؤتمر المصرفي العربي الذي نظمه اتحاد المصارف العربية نهاية الأسبوع الماضي في أبو ظبي.
إن تحقيق الأمن الاقتصادي كان ولم يزل في مقدمة أهداف الحكومات والأفراد والمجتمعات على حد سواء، ولذا تعددت تعريفاته تبعا لشخص وغايات المعرف ومجال تطبيق المفهوم، وأبرز التعريفات للأمن الاقتصادي العربي هو جميع وسائل وسياسات وإجراءات الحماية من الاختلالات التي قد تصيب الاقتصاد الوطني وتهز أسسه وتنعكس سلبا على مواطنيه.
وإذا أخذنا البحرين كمثال في تعاملها مع أمنها الاقتصادي، نلاحظ أنها نجحت بدرجة جيدة في التعامل مع كثير من مصادر تهديد هذا الأمن. فمن المتعارف عليه أن أبرز هذه المصادر هو نسب البطالة المتزايدة وخاصة في صفوف الشباب مع زيادة أعداد العمالة الأجنبية، حيث تراوحت هذه النسب بين ١٠% و٢٠% في معظم الدول العربية، بينما نلاحظ أن هذه النسبة تنخفض إلى نحو ٤% في البحرين مع وجود برامج خاصة لتوظيف الخريجين، وتقديم الدعم المالي المباشر للمنشآت والشركات التي توظفهم، علاوة على رفع رسوم استقدام العمالة الأجنبية بهدف تخفيض الفروق بين رواتب البحرينيين والأجانب.
ومن مصادر تهديد الأمن الاقتصادي أيضا عدم توافر شبكات رسمية للحماية الاجتماعية، إلا أن البحرين كما هو معروف عملت طوال العقود الأربعة الماضية على تقوية وتعزيز شبكة الضمان الاجتماعي من خلال زيادة مزايا المتقاعدين ووضع حد أدنى لأجورهم، بالإضافة إلى استحداث علاوة خاصة للعاطلين عن العمل، ومنح مخصصات لطالبي خدمات الإسكان، وتقديم علاوة اجتماعية للأسر المحتاجة، إلى جانب دعم الكثير من السلع الأساسية المقدمة للمواطنين.
كما عملت البحرين على توفير مناخ جاذب للاستثمار، وزيادة معدلات الإنتاجية، وتنويع مصادر الدخل، ما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، حيث عملت الجهات المالية والرقابية على استقرار السياسات الاقتصادية الكلية ووجود منظومة قوانين وأنظمة اقتصادية فعالة وكفوءة، وتبسيط الإجراءات الإدارية في جميع المؤسسات، وتكثيف الجانب الرقابي لتعزيز الثقة بالبيئة الاستثمارية، وضرورة محاربة الفساد وسوء الإدارة، وتقوية لوائح الحكومة، والشفافية والمسئولية الاجتماعية.
وفي مجال تكافؤ الفرص، عملت البحرين على وضع سياسات تعمل على الاستثمار في التنمية البشرية من خلال زيادة قاعدة فرص العمل المتوافرة للمواطنين، وتوسيع نطاق القدرة على الحصول على خدمات جيدة النوعية في مجالي الرعاية الصحية والتعليم، وإتاحة شبكات الأمان للفئات الضعيفة. وقد درجت البحرين على الحصول على مراكز متقدمة في التنمية البشرية طوال السنوات السابقة.
كما تعمل البحرين في الوقت الحاضر على تطوير استراتيجيات طويلة المدى لتمكين الشباب اقتصاديا، والتي يفترض أن تهتم برواد الأعمال الشباب وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومساندتها، حيث تولد المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر غالبية فرص العمل الجديدة.
وأخيرا، أصبح التحدي الرئيسي للأمن الاقتصادي العربي يتمثل في فجوات الموارد المعرفية والتكنولوجية والبشرية، وهذا ما استدعى من القائمين على صناعة القرار الاقتصادي في البحرين تأكيد أهمية البعد الإنساني في الأمن الاقتصادي، إذ انه على درجة وعي المواطن ومستوى تأهيله وقدرته على الانطلاق والابتكار يتحقق الأمن الاقتصادي، الأمر الذي يحتم أن يكون هناك تشابك بين المجتمع من جهة وقطاعاته الاقتصادية المتعددة من جهة أخرى لمواكبة هذا التطور، والعمل على توطين حلقات منظومة اقتصاد المعرفة التي يتوقع أنها ستكون وقود وطاقة المستقبل المنظور ومحرك التنمية ومعيار التقدم، وذلك بدءاً بإعداد وتأهيل الموارد البشرية، ومرورا بتشريع الأنظمة والقوانين وإنشاء أنماط جديدة من المؤسسات الراعية والمحفزة مثل مدن وحاضنات التكنولوجيا وحدائق المعرفة، وصولا إلى إرساء البنى التحتية المادية الضرورية لاقتصاد المعرفة، ونرى في ذلك وسيلة البحرين الحتمية لتحقيق الأمن الاقتصادي المستدام القائم على تنوع مصادر الدخل، والعادل والمتكافئ في توزيعه بين شرائح المجتمع.
رئيس اتحادا لمصارف العربية
.