شيوخ.. انتهت تواريخ صلاحياتهم!
 تاريخ النشر : الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢
بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح
حملة شرسة ومسعورة يقودها بعض المشايخ، نذر هؤلاء الشيوخ وفي مقدمتهم شيخان معروفان للنيل من سيدنا معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه)، وهما بهذا الفعل القبيح يقدمان لأعداء الصحابة الكرام وشانئيهم الفرصة للنيل منهم على طبق من ذهب بحجة أن أهل السنة يشتركون معهم في شتم الصحابة والتبرؤ منهم.
وهؤلاء الشيوخ لم يسعهم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي قال: (اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم) رواه عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الصغرى، صفحة رقم ٣٤٥، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، وقال إسناده صحيح.
ولا شك أن لسيدنا معاوية محاسن كثيرة في خدمة الإسلام، ونشره في آفاق المعمورة.
وبعد أن صار سيدنا معاوية (رضي الله عنه) خليفة على المسلمين استآنف الفتوحات الإسلامية، فاتسعت في عهده رقعة بلاد المسلمين جهة بلاد الروم، وبلاد السند، وكابل والأحواز، وبلاد ما وراء النهر، وشمال إفريقيا حتى وصلت إلى أكبر اتساع لدولة في تاريخ الإسلام.
وفيما يتعلق بتأمين حدود الدولة الإسلامية، فقد أنشأ سيدنا معاوية (رضي الله عنه) أول اسطول حربي في تاريخ الإسلام فتح به جزيرة قبرص وصقلية ومناطق وجزرا في البحر الأبيض المتوسط.
واستطاع رضي الله عنه أن يضيق الخناق على الدولة البيزنطية من حدود دولته بالحملات المستمرة على جزر رودس وأرواد، وقد كان لجزيرة أرواد على الساحل الشامي في سوريا أهمية وخاصة لقربها من القسطنطينية حيث اتخذ منها الأسطول الإسلامي في حصاره الثاني للمدينة أو حرب السبع سنين. (٥٤-٦٠هـ) قاعدة لعملياته الحربية.
كما آنشأ رضي الله عنه الدواوين المركزية في الدولة الإسلامية مثل: ديوان الرسائل، وديوان البريد، وديوان الخاتم، وديوان الخراج، وديوان الجند، وديوان الشرطة، وديوان القضاء.
كما قام بتوطين الأمن في الدولة الإسلامية، فاتخذ الحجاب، والحرس، والشرطة، وكان يحسن اختيار الرجال والأعوان، وكان يتبع في سياسته الشدة واللين، وهو صاحب المقولة المشهورة« لوكان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت إذا شدوها أرخيت، وإذا أرخوها شددت».
وهو رضي اله عنه من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصهره، ومن كتاب الوحي (راجع جوجل).
نقول لهؤلاء الذين ينالون من سيدنا معاوية (رضي الله عنه) ألا يسعكم ما قاله سيدنا الإمام علي (رضي الله عنه) لبعض أنصاره حين استأذنوه في أخذ نساء سيدنا معاوية (رضي الله عنه) سبايا، وأمواله غنائم؟ فأنكر عليهم سيدنا علي (رضي الله عنه) ذلك، وقال لهم: (هم إخوة لنا بغوا علينا) وكأنه رضي الله تعالى عنه يسترشد ويستضيئ بقوله تعالى: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فآصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (٩) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون(١٠)الحجرات. ولسيدنا معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) فضائل كثيرة يجب ألا نغمطه إياها، ونبدي فقط مساويه، ولا نلتزم بأدب الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما ورد في الحديث المتقدم، ونقول لهؤلاء الشيوخ الذين أسرفوا على أنفسهم، وأساؤوا إلى صحابي من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا يسعكم قول عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه) للخوارج عندما طلبوا منه أن يلعن من سبقه من الخلفاء لما رأوا استنكاره لما فعلوه، قال لهم: كم مرة لعن الله تعالى إبليس والظالمين في القرآن الكريم؟ قالوا: كثير. قال لهم: كم مرة تلعنون من لعنهم الله تعالى؟ قالوا: ولا مرة واحدة. قال لهم: ما دام وسعكم ألا تلعنوا من لعنه الله تعالى في القرآن ألا يسعني ألا ألعن آبائي وأجدادي، وأقول: أنهم قد أفضوا إلى ما قدموا إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، كما قال عيسى بن مريم. (عليه السلام): « إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم»المائدة/.١١٨
وقال لهم: إن الله تعالى قد طهر أيدينا من دمائهم، فلنطهر ألسنتنا من الخوض في سيرتهم.
كلمات نفيسة تكتب بماء الذهب الخالص.هذه هي أخلاق الإسلام الذي علمنا إياها رسول الله نذكر محاسن موتانا ونكف عن مساويهم، فما بالكم إذا كان هؤلاء الأموات هم من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذين رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه، وليس هذا فحسب بل هم ممن صاهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان يستأمنهم على وحيه.
هؤلاء الشيوخ الذين يطلقون ألسنتهم بالسوء في صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا يسعهم ما وسع عامة المسلمين الذين يبجلون ويحترمون صحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويذكرون محاسنهم ويكفون ألسنتهم عن مساويهم طاعة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولكن شاء الله تعالى أن تتجلى بعض آياته في أمثال هؤلاء في قوله تعالى:« والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً إن الله عليم قدير» النحل/.٧٠
ويبدو والله أعلم أن للشيوخ كما لغيرهم تاريخ صلاحية فإذا انتهى هذا التاريخ انتهت صلاحيتهم، فأصبحوا لا فائدة من ورائهم، وصاروا مصدرا للفتنة، وسبيلاً إلى تمزيق الأمة، وتفريق كلمتها.
نحن لا نرى مبرراً لفتح سجلات الماضي البعيد في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى لمّ الشمل، وتوحيد الصف للوقوف أمام أعداء الآمة الذين يتربصون بها الدوائر.
إن التركيز على أخطاء الصحابة ودفن محاسنهم يكشف عن سوء نية مبيتة يحملها هؤلاء الشيوخ في سويداء قلوبهم.
حقاً لقد انتهت تواريخ صلاحية هؤلاء الشيوخ وما عادوا ينشرون الخير والسلام بين الناس، بل آصبحوا رؤوساً للفتنة حين شغلوا آنفسهم بذكر مساوي هؤلاء الأماجد من الصحابة الكرام.
ونقول: إن هؤلاء الشيوخ الذين يتزعمون الحملة المسعورة ضد صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتبوا بخط أيديهم شهادة وفاتهم كعلماء وشيوخ دين وهم أحياء بين الناس، وسوف ينفض الناس عنهم ويشطبون أسماءهم من ذاكرتهم، ويكون باطن الأرض خيراً لهم من ظهرها.
أيها الشيوخ كونوا أحياءً بين الأموات، ولا تكونوا أمواتاً بين الأحياء.
.