الأرض تغلي والعالم حائر
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢
«نزاع بين الدول الغنية والفقيرة بشان خطة جديدة لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض والتلوث الكربوني الناجم عن الأنشطة الإنسانية»
تهدد خطة جديدة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بإثارة نزاع بين الدول الغنية والفقيرة وقد يواجه تنفيذها صعوبات فيما يتجادل مفاوضون بشان مصير بروتوكول كيوتو. ويغطي بروتوكول كيوتو الصادر عام ١٩٩٧ الانبعاثات من الدول الغنية فقط وتمثل أقل من ثلث التلوث الكربوني الناجم عن الانشطة الإنسانية ومن المقرر ان تنتهي المرحلة الأولى من البروتوكول بحلول نهاية .٢٠١٢
وتريد الدول الأفقر مد العمل به بينما يقول عدد كبير من الدول الغنية ان ثمة حاجة لاتفاق أوسع نطاقا يشمل جميع الدول الأكثر تلويثا للبيئة.
واقترحت استراليا والنرويج اجراء مفاوضات بشأن التوصل لاتفاق جديد ولكنها تقول ان من غير الواقعي ان يكون معدا بحلول عام .٢٠١٣ وحددا موعدا مستهدفا بعد عامين في .٢٠١٥ وقال مفاوض بارز من دولة متقدمة رفض نشر اسمه لحساسية المحادثات عن الاقتراح الاسترالي النرويجي «انه السبيل الوحيد للمضي قدما. ما من سبيل آخر سوى الفشل».
وتصر الدول النامية على مد العمل ببروتوكول كيوتو لإلزام الدول المتقدمة بخفض اكبر لانبعاثات الكربون وتقاوم بشدة اي محاولة لتنحية الاتفاق جانبا وهو ما يعني ان الخطة الاسترالية النرويجية ستواجه صعوبات. وقد يقود الفشل في ابرام اتفاق جديد للمناخ إلى اكتفاء الدول بالالتزام بخطوات طوعية من المستبعد ان توقف التغيرات المناخية. مما يهدد بمزيد من موجات الجفاف الشديد والفيضانات والاعاصير وتلف المحاصيل. كما تضعف جهود وضع سياسات صارمة للترويج لوقود انظف وطاقة صديقة للبيئة.
ويدعو الاقتراح الاقتصاديات الكبرى لسرعة تعزيز خطوات لخفض الانبعاثات والاتفاق على سبيل لوضع معايير للتحرك ونظام للمقارنة مع ما يطبقه الاخرون والتحقق منه.
وفشلت محادثات مناخية استمرت طويلا قادتها الأمم المتحدة في التوصل لاتفاق في الموعد المحدد في ٢٠٠٩ على ان يبدأ تطبيقه في ٢٠١٣ ويواجه مؤتمر في دربان بجنوب إفريقيا ضغوطا لمباشرة التفاوض بشان اتفاقية جديدة. وفيما يتجادل المفاوضون تشير بيانات إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مع استمرار تنامي الانبعاثات ولاسيما من الدول النامية الكبيرة نتيجة حرق كميات أكبر من الفحم والوقود والغاز.
ويتوقع علماء أن تصير فيضانات مماثلة لتلك التي شردت الملايين في باكستان العام الماضي واجتاحت مناطق في استراليا أكثر شيوعا إلى جانب اعاصير اعنف فوق الاطلسي وحرائق.
وذكرت خدمة الارصاد الجوية الوطنية الامريكية في منتصف اغسطس ٢٠١١ ان خسائر الولايات المتحدة بلغت مليارات الدولارات بالفعل بسبب الكوارث الجوية مثلما حدث في سنوات سابقة وقدرت الفاتورة الاجمالية للفيضانات والاعاصير وموجات الحر العام الحالي عند ٣٥ مليار دولار. ولا يشمل المبلغ مليارات الدولارات من خسائر وللإغاثة من الكوارث تكبدتها الولايات المتحدة من الاعصار ايرين الذي ضرب البلاد في اواخر اغسطس.
ويسلط كل ذلك الضوء على خفض الانبعاثات في أكبر الاقتصاديات في العالم وحقيقة انها غير كافية. وحين جرى الاتفاق على بروتوكول كيوتو كانت انبعاثات الدول الافقر اقل بكثير ولكن الانبعاثات في الدول المتقدمة تتضاءل امامها الآن. على الاقل ينبغي ان تعيد المحادثات الثقة بان بوسع الدول بذل المزيد من الجهد لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقال مفاوض بارز «ينبغي ان نبتعد عن هذه الدورة السنوية لما سنقوم بتحقيقه والاتجاه لاطار زمني أكثر واقعية لتوقيت التوصل لاتفاق جديد. اشعر ان جميع المفاوضين يوافقون على ذلك، وهذا واضح».
وسيكوم الاقتراح الاسترالي النرويجي محور محادثات ترأسها الأمم المتحدة في بنما وهي اخر جولة قبل مؤتمر دربان، وقال الاتحاد الأوروبي انه يقرّ الاقتراح إلى حد بعيد.
وقال ارتر رونج ميتزجر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ متحدثا عن الاقتراح «يحاول دفع مفاوضات المناخ العالمية خلال السنوات المقبلة نعتقد انه جدول زمني يبدو قابلا للتنفيذ». وأضاف أن من المهم ان يقر اجتماع دربان إطار عمل جديدا بشان المناخ لجميع الدول مشيرا للولايات المتحدة والاقتصاديات النامية الكبرى بصفة خاصة.
وينبعث نحو ربع حجم الانبعاثات الغازية الملوثة للجو من الصين وهي الدولة الكبرى على مستوى العالم في هذا الصدد. وتتحدث الحكومة عن خطوات مثل تحسين كفاءة الطاقة ومواصفات وقود السيارات ولكنها جميعا طوعية. ومن شأن الاقتراح ان يثير انقساما بين الدول النامية.
وتريد الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية مثل الجزر المنخفضة عن مستوى سطح البحر المعرضة لخطر ارتفاع منسوب مياه البحار والفيضانات وانكماش امدادات المياه العذبة تحركا اسرع من كبريات الدول المسببة للتلوث وتشعر بأن كيوتو هي السبيل. وقال ايان فري كبير مفاوضي المناخ من جزيرة توفالو في المحيط الهادي لرويترز «انه (الاقتراح) يرجىء التحرك الفعلي لمعالجة تغيرات المناخ ولن يعجب الدول المهددة. انه هدية للولايات المتحدة». كما تقاوم الهند ثالث أكبر دولة تطلق انبعاثات كربونية الاقتراح.
وقال مسئول هندي على دراية بالمفاوضات العالمية رفض نشر اسمه «مثل هذه الخطة تستبعد كيوتو وتعيد رسم اسس التفاوض. لماذا ينبغي ان توافق الدول النامية؟».
ولم تصدق الولايات المتحدة ثاني أكبر دولة تسبب تلوث الجو على بروتوكول كيوتو قط ووصفته بانه معيب لأنه لا يلزم الدول النامية الكبرى بتحقيق مستويات خفض للانبعاثات ملزمة قانونا.
وقال تود ستيرن كبير مفاوضي المناخ الأمريكيين في تصريحات لوسائل الاعلام في الآونة الأخيرة «ينبغي ان يطبق اتفاق قانوني بنفس القوة القانونية على الدول النامية الكبرى على الاقل وهذا يعني الصين والهند والبرازيل وغيرها» وأضاف أن هذا يعني عدم وجود ثغرات او شروط لتنفيذ هذه التعهدات.
.