الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


المُجَنسُون





«الربيان السفاح»، هذا هو الاسم الذي أطلقه علماء بريطانيا اليوم على نوعٍ من الربيان أو الجمبري البحري الذي له شهية لا مثيل لها للأكل، فيتغذى بشراهة على الأسماك الصغيرة والكائنات المائية الدقيقة الأخرى في البحيرات والأنهار والبحار، حتى أصبح الآن يُشكل تهديداً عميقاً على النظام البيئي الذي يغزوه ويستوطن فيه.

فهذا الكائن الصغير في حجمه الكبير في تأثيره، يقضي تماماً على السكان الأصليين في الأنهار والبحيرات، فيلتهمها واحدة تلو الأخرى، ويُكَون مستعمرات كثيفة، تُزيل مع الوقت الكائنات الأخرى من الوجود، فيحل هو محلها، ويشكل خللاً وانكسارا في التوازن البيئي في تلك المناطق المائية.

فقد هاجر هذا الربيان من موطنه الأصلي في البحر الأسود، فانتقل منه عبر الأنهار التي تصب فيه، مثل الدانوب في ألمانيا، حتى وصل إلى أنهار ألمانيا الأخرى كنهر الراين، ثم نهر رون (مَُوز)، مروراً بفرنسا، وأخيراً طاب له المقام في مياه بريطانيا، وبالتحديد في مياه بحيرة جرافهام (ْملافط ٍفونفْا) في مقاطعة كامبرج شاير (مْىوَّمهلىْقٍف)، وفي خليج كاردف (ٌّف ننىلْف) في ويلز.

واكتشاف هذا السفاح الغازي في مياه بريطانيا أدى إلى دق ناقوس الخطر وإعلان حالة الطوارئ، وتحديد خطٍ هاتفي ساخن يعمل على مدار الساعة للتبليغ عنه، كما قامت الجهات المعنية باستنفار جميع القوى البشرية من بحارة محترفين وهواة وتشجيعهم على القبض عليه حيا أو ميتا.

ولذلك نجد أن كائنا صغيرا يلقي الخوف والهلع في قلوب المعنيين بالثروة البحرية، مما يؤكد لنا ضرورة الاهتمام بقضية «الكائنات الغازية». وهذه القضية أقسمها إلى قسمين رئيسين. الأول هو «الكائنات المُجَنَّسة»، أي التي نُدخلها نحن بأيدينا وباختيارنا في بيئة غريبة عليها ولا توجد فيها أصلاً، كما حدث في أمريكا عندما أعطت الجنسية الأمريكية وحق الإقامة الدائمة لسمك الكارب الآسيوي، فقام بغزو البحيرات العظمى وسبب مشكلة بيئية واقتصادية واجتماعية عميقة لأمريكا، حتى أن كُلفة محاربة هذا السمك بلغت قرابة ١٢٥ مليون دولار. والقسم الثاني فهو ؟الكائنات الغازية؟ التي تدخل بطرق غير شرعية إلى بيئات جديدة، فتغزوها وتستوطن فيها دون علم الإنسان في بعض الأحيان، مثل دخولها عن طريق مياه التوازن في البارجات النفطية.

وهذه الظاهرة تؤكد لنا أن الله سبحانه وتعالى خلق كل كائن حي في بيئة تتناسب مع صفاته وتتناسب مع الكائنات الحية الأخرى التي تعيش معه، فيعيش الجميع في أمن وسلام فيما نطلق عليه الآن بـ «النظام البيئي»، حيث يكون هناك توازن دقيق وارتباط مباشر بين كل مكونات هذا النظام، وعندما يدخل كائن آخر غريب في هذه البيئة، يحدث شرخاً في هذا التوازن البيئي الرباني فتقع عندئذ المشكلة البيئية والاقتصادية والاجتماع





bncftpw@batelco.com.bh



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة