مجلس النواب ودوره في التنمية والإصلاح
 تاريخ النشر : الجمعة ٤ مايو ٢٠١٢
بقلم: السيد حيدر رضي
لعله قد أصبح الآن انه لم تعد سلطات التشريع في أكثر البلدان، منوط بها المهام الرئيسية بحسب الاختصاصات الموكلة إليها، وهي تحديداً: التشريع وأعمال الرقابتين الإدارية والمالية، بل إن ثمّة توجهات عامة في هذا الحقل، ينبغي للسلطات التشريعية أن تعيها جيداً، وبخاصة هنا، ما يعنينا في هذا المقام، إعمال الجهود المبذولة، للدفع بوتيرة التنمية الشاملة، وسبل الإصلاح الشامل، وبخاصة الاقتصادي منه، والسياسي والاجتماعي.
صحيح أنه دستورياً مكلَّف بالتشريع والرقابة، كما قلنا، ولكن لا يمنع تداول ما يُحقق أوجه الخير والإصلاح والتنمية. وقد عشنا سنوات، ساد فيها الركود الاقتصادي، وتعطلت بعض المشاريع التنموية، ومازالت أزمة بعض الملفات الكبيرة قائمة، كالأزمة السكانية والعاطلين عن العمل ومشاريع الطرق والجسور وأزمة الاختناقات المرورية ومشكلات قصور منظومة التعليم ومواكبته لمتطلبات سوق العمل، وأزمات التخطيط المستقبلي لأوجه التنمية المستدامة، وغيرها من القضايا والمشكلات، التي تحتاج إلى دفع إلى الأمام، للرقي بهذا البلد وتقدمه وازدهاره.
لقد انشغل (مجلس النواب)، منذ تدشينه، في عام ٢٠٠٢م، مع بدء الحياة الديمقراطية، بحزمة من القضايا الهامشية، أو بمهاترات جانبية أو شخصية، لا تغني ولا تسمن من جوع، أو بصراعات هنا وهناك، لا تفيد البلد، ولا يجني منها المواطن أي منفعة.
وآخر هذه الصراعات، ما حصل من تجاذبات وتراشقات بالألسن، وصراخات تعالت، بين جمع من النواب، ووزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، على خلفية انتقادات وجهت إليها، بسبب إقامة بعض الفعاليات.
وهذه المعضلة، هي ليست حالة بحرينية خالصة، بل من الممكن أن نطلق عليها حالة عامة موجودة في أغلب البرلمانات العربية.خذ مثالاً على ذلك، الحالة الكويتية البرلمانية، وما مرت به من أزمات متعددة، نتيجة التجاذبات والتعصبات والحدية، وما وصلت إليه الأمور من حل (مجلس الأمة) أكثر من مرة، وما النتيجة؟ تعطل مشاريع التنمية، وغياب التخطيط الإنمائي، وقصور العملية التشريعية، وتكدس الملفات العالقة، وتأخر علاج بعض المشكلات والأزمات الراهنة.
دستوريا، قد يكون هناك، ما يوحي إلى الدور التنموي والإصلاحي، لمجمل السلطة التشريعية، ويمكن أن نستمد هذا من بعض الآليات الدستورية، والصلاحيات الموسعة، والإدارات البرلمانية، وبخاصة صلاحية (الاقتراحات برغبة)، و(جواز تداول المجلس لأي مشكلة أو قضية)، و(استجواب الوزير المختص)، وغيرها من الأوجه.
كما أن دور عمل (اللجان الدائمة)، أو (اللجان الطارئة أو المؤقتة)، هو دور جوهري ومحوري في العملية البرلمانية، ينبغي أن يأخذ أبعاداً كثيرة، في المجالات التنموية، وبخاصة في تناولها القضايا والمشاريع التي تعود بالبلاد بالنفع، وعلى المواطنين بالخير العميم.
إننا أمام مفترق طرق، علينا أن ننظر إلى الأمام، إلى المستقبل بخطى ثابتة، واجبنا أن ننهض بالحاضر إلى ما هو أفضل، نشجع مشاريع الاستثمار، نقترح الحلول لأزماتنا، نتفق سوياً، وننهض بمشاريع التنمية الشاملة، ونتحاور معاً، لما هو أنجح، من سبل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
موجات الإصلاح، سادت العالم اليوم، والاعتناء بالإصلاح، هو ديدن الحكم الرشيد، وضالة الحكام والقيادات السياسية في كل أرجاء المعمورة.
وقد مثـّل الحوار الوطني نقطة تحول كبيرة للإصلاح الشامل، وتأكيدا لمبدأ استمرارية الإصلاح.
وما التكليف السامي لرئيس مجلس النواب، بقيادة الحوار الوطني، والإشراف عليه، إلا تأكيد لأهمية السلطة التشريعية، في إرساء مبادئ الإصلاح، والانطلاق بمشروع إصلاحي كبير، ودعم مشاريع الإصلاح والتنمية.
وليس بخافٍ على أحد ما تمثله التعديلات الدستورية الأخيرة، من نقلة نوعية كبيرة، في الحراك السياسي الإصلاحي المحض، وهي هذه التعديلات بتقديرنا، مقدمة لنهضة سياسية إصلاحية قادمة إن شاء الله تعالى.
صحيح، إن طموحاتنا بالإصلاح كبيرة، لكن علينا أن نتدرج في ذلك خطوة خطوة لنصل إلى ما نريد.
الأهم في الموضوع، ان قيادتنا السياسية، مقتنعة، ومؤمنة جداً، بمسيرة الإصلاح، وبهذا يحدونا الأمل، بإصلاحات كبيرة قادمة، على الطريق، إن شاء الله تعالى.
.