سؤال إلى الإدارة الأمريكية: كيف يكون ضبط النفس من فضلكم؟
 تاريخ النشر : الجمعة ٤ مايو ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
أغرب تصريح قرأته خلال الأيام القليلة الماضية هو ذلك الصادر عن أصدقائنا الأمريكان وملخصه أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تطالب حكومة مملكة البحرين بأقصى درجات ضبط النفس مع المتظاهرين.
الحقيقة أن هذا التصريح كان يجب أن يتم تعديله ليصبح على النحو التالي: المطلوب من حكومة مملكة البحرين تجريد رجال الأمن حتى من زيهم العسكري وأن يواجهوا المجرمين من حملة المولوتوف والأسياخ والزجاجات الحارقة عراة أو (عزل)، بل كان سيكون التصريح أقوى لو أنهم طالبوا حكومة مملكة البحرين بالإبقاء على رجال الأمن في مراكزهم بلا حراك حتى يأتي المجرمون ويلقوا بزجاجات المولوتوف على هذه المراكز وتأتي بعد ذلك سيارات الاسعاف لنقل الضحايا إلى المستشفيات وبهذه الطريقة تكون حكومة مملكة البحرين قد ضبطت نفسها عدل!
لا أدري ماذا أقول أمام مثل هذا التصريح السياسي الذي لا يمكن أن يؤول أو يسفر إلا على محملين لا ثالث لهما:
المحمل الأول أن تكون هذه الإدارة الأمريكية جاهلة بما يحدث على الأرض من جرائم واعتداءات وفوضى يتسبب فيها الخارجون عن القانون من الذين مات ضميرهم الإنساني وضاعت قيمهم الأخلاقية والدينية إلى درجة أنهم أصبحوا يعتدون على عابري الطريق بسياراتهم بإلقاء الزجاجات الحارقة عليهم والاعتداء على ٧ أو ٨ مدارس خلال العطلة الاسبوعية إلى درجة أن هذه الاعتداءات فاقت ٧٠ اعتداء خلال أقل من ٧ أشهر أو بتنصيب القنابل المخصصة أمام سيارات الشرطة أو يلقون السلندرات المتفجرة على المنازل أو يتعمدون حرق بيوت بالكامل بعد نهبها وبعد ذلك يعودون إلى بيوتهم سالمين غانمين وفي مقابل هذه الحقيقة المؤلمة أصبح رجال الأمن في الواقع مجردين من أي نوع من السلاح غير ملابسهم وقنابل المسيل للدموع، فإذا كانت الإدارة الأمريكية وسفارتها في المنامة يجهلان هذا الأمر فتلك مصيبة وإن كانتا عالمتين بذلك فالمصيبة أعظم.
المحمل الثاني: هو أن تكون الإدارة الأمريكية وسفارتها في المنامة متجاهلتين لهذا الواقع وإذا كانتا كذلك فلا يعني هذا الأمر إلا أنهما في اطار المؤامرة على أمننا الوطني ومشاركتان بطريقة سياسية في التغطية على الإجرام والإرهاب الذين يمارسه هؤلاء المتعصبون المدعون بالديمقراطية ديمقراطية المولوتوف وديمقراطية الأسياخ والحرق وسكب الزيوت في الشوارع وديمقراطية «اسحقوه» التي لم تسمح بها أي ديمقراطية في العالم، في هذه الحالة فإننا نطالب الإدارة الأمريكية ومن وراءها توضيحا صريحا ومعلنا بهذا الخصوص ولا نريد ردا إنشائيا( لا يودي ولا يجيب ) نريد منها أن تشرح لنا كيف يكون ضبط النفس أمام الإجرام والإرهاب والقتل المتعمد والاعتداء على سلامة الناس والممتلكات، فلتشرح لنا السفارة والإدارة معا كيف يكون ضبط النفس وبهذه المناسبة نود أن نطرح عليهما سلسلة أسئلة وهي أسئلة من صديق إلى صديق:
١ - هل إن إنفاذ القانون وأحكامه على من تجاوزه يعتبر خروجا عن منطق ضبط النفس؟
٢ - هل إن من حق رجل الأمن كأي مواطن بل كأي مقيم بل كأي بشر أن يدافع عن نفسه عندما يعتدى عليه بأي وسيلة من الوسائل؟
أليس من حق المواطن أن يمتلك سلاحا ليدافع به عن نفسه ضد أي اعتداء؟
هل كل ما قامت به حكومة مملكة البحرين من مبادرات وخطوات لإصلاح النظام القضائي والأمني وتوسيع دائرة الحريات والسماح بحرية التظاهر السلمي وحراسته وحمايته؟ هذا التظاهر الذي أصبح ظاهرة يومية في شوارع البحرين هل كل هذه الإجراءات لا تعني لكم شيئا؟
نعلم علم اليقين أن هذه اللعبة مكشوفة ومعلومة لدى الجميع اليوم فالأمريكان كانوا ومازالوا طرفا في دعم الخارجين عن القانون بغطاء سياسي وإعلامي مباشر عن طريق التصريحات الرسمية وغير مباشر عن طريق تنظيماتها ومنظماتها المسماة غير حكومية التي هي في النهاية أوكار للتجسس وممارسة التجييش والتحريض ضد الدولة وسلامتها السياسية والأمنية والجغرافية.
هذه الحقيقة أصبح يعلمها كل الناس وأول هؤلاء الناس هم أصدقاء الأمريكان من الخارجين عن القانون والذين يعتمدون اعتمادا كليا أو شبه كلي على الدعم السياسي والإعلامي والمالي، هذا الدعم الذي يأتيهم من وراء البحار.
إننا بقدر ما نشعر بالأسف والأسى والألم لخيانة الصديق صديقه ولمثل هذه المواقف المائعة التي لا تعبر عن أي دعم للشرعية وأي دعم حقيقي للإصلاحات السياسية ولتعزيز مجالها وأفقها بقدر ما نأسف أيضا أن قسما من أبناء هذا الوطن قد جرهم الطمع وحب السلطة إلى أن يكونوا خدما للأجنبي وأن يكونوا جزءا من التآمر الخارجي على وطنهم فالذين يمدون أياديهم للمال الأجنبي وينقلون بكل تفصيل ما يخص حياتهم له ويلتقون ليلا نهار الأجنبي لا يمكن إلا أن يصنفوا تحت لافتة واحدة وهي لافتة العملاء ويعلم الجميع أن المكان الطبيعي للعملاء في أي بلاد أو أي مرحلة من تاريخ البحرين هو مزبلة التاريخ.
.