الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٠ - الاثنين ١٤ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


ورطة التصنيف الائتماني السيادي (١)





القضية: تعاني اليونان حاليا أزمات ائتمانية وهزات اقتصادية تبعث القشعريرة في بدن القارة العجوز حتى تداعت من خلفها هزات أخرى تتعرض لها اسبانيا وإيطاليا وفرنسا عوضا عما أصاب جمهوريات أيرلندا والبرتغال.

لقد راجت عمليات التصنيف الائتماني مؤخرا حتى أنها أصبحت جزءا من نشرة الأنباء الاقتصادية على مدار الساعة. وكلما وردت انباء عن تصنيف ائتماني تولد تيار من الاحتجاج والقلق والتوتر والإثارة والتحدي ورفض ما ورد من أنباء. لقد مر العديد من الدول بتجربة التصنيف الائتماني كالولايات المتحدة واليونان واسبانيا. أما إيطاليا وفرنسا فهي من الدول التي تعيش بين اليأس والرجاء. لا يخفى على احد أن التصنيف الائتماني يمثل أهمية قصوى للحكومات ورجال الاقتصاد وقطاع الأعمال وحتى الأفراد. كما يؤثر التصنيف أيضا على مؤشرات السياسة الاقتصادية مثل معدلات الفائدة والقدرة على الاقتراض والسداد.

فالتصنيف السيادي يعكس الروابط النسبية للعديد من العناصر والمتغيرات. وهذا المقال هو محاولة لاكتشاف تلك المتغيرات ومحاولة رصدها وقياسها فنقطة البداية هي تحليل معدلات الائتمان السيادي التي تطبقها كبرى وكالات التصنيف الإئتماني الأمريكية يلي ذلك فحص البدائل التي تطرحها مؤسسة (دجونج) الصينية للتصنيف الإئتماني. يلي ذلك اقتراح إطار جديد يمكنه تجاوز الوهن القائم في أسلوب مؤسسات التصنيف الأمريكية وتطبيق أسلوب مبتكر أبدعته (دجونج) بحيث يمكن سد ثغرات النظام القائم. يقوم نظام (دجونج) على مدخلات ونتائج عمليات تفاعل ومراقبة وأخيرا المناخ المصاحب. لقد تمت مراجعة بيانات المقال من خلال جهود بحثية ومقالات منشورة بالإضافة إلى مصادر بيانات تنشرها مؤسسات التصنيف الائتماني.

١- المنهج: من الجلي أن عمليات التقييم السيادي ما هي إلا تقديرات لاحتمالات توقف المدين (الحكومة أو الدولة في هذه الحالة) عن تسديد التزاماتها المالية. فهي ببساطة عملية لتقدير المخاطر تقوم بها وكالات التصنيف الائتماني لتحديد قدرات الحكومة بهذا الصدد. تعتمد عملية التصنيف على تحليل شامل لقدرة الدولة وقياس استقرار اقتصادها ومؤسساتها السياسية. تعد عملية التصنيف السيادي مهمة محورية لقدرة الدولة على الاقتراض وكذلك كُلفة عملية الإقراض.

بالنسبة إلى اتفاقية (بازل ٣) وهي الهيئة المنظمة على مستوى العالم لقدرات بنوك التمويل فهي تحث على فحص العمليات والتأكد من حيوية السوق استجابة للقصور في تنظيم عمليات التمويل التي كشفت عنها الأزمة المالية عام ٢٠٠٨ والتي أثرت في عمليات التصنيف الائتماني إلى حد جعل تلك المؤشرات جزءا أساسيا من عمليات التصنيف الائتماني السيادي. ومن المعروف أن ثلاثة مؤسسات أمريكية تقوم باحتكار عمليات التصنيف الائتماني.

تقوم عملية التصنيف حاليا وفقا لمبدأ «الدواء السحري الذي يشفي كل مريض» الذي التزمت به وروجت له الوكالات الأمريكية التي تتزعم سوق التصنيف الائتماني. تقوم عملية التصنيف بناء على عدة معايير أو مقاييس تشمل تلك المعايير مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي مثل نمو إجمالي الدخل المحلي والميزان المالي والسياسة النقدية ومستوى الدين الخارجي. يقوم التصنيف أيضا بتغطية النواحي السياسية والاقتصادية مع مراجعة الماضي وترقب المستقبل وهو تصنيف يعتمد على المؤشرات الكمية والكيفية في الوقت نفسه.

٢- بالنسبة إلى وكالة (فيتش) مثلا فهي تغطي سياسات الاقتصاد الكلي الإداء الاقتصادي وتوقعات المستقبل مع فحص الدعائم الهيكلية للاقتصاد والتمويل العام والدين الخارجى. أما وكالة (مودي) فتعتمد على متانة الاقتصاد وقوة المؤسسات والقدرة المالية للحكومة مع قياس احتمالات التعرض للمخاطر. أما وكالة (ستاندروبور) فتشمل المخاطر السياسية والهيكل الاقتصادي وتوقعات النمو والمرونة المالية وحجم الدين العام الحكومي وكذلك الالتزامات المالية الخارجية واحتياطي المخاطر إلى جانب المرونة النقدية وسيولة النقد الأجنبي وحجم الدين الخارجي (فيتش ٢٠١٠ ومودي ٢٠٠٨ وستاندر وبور ٢٠٠٨).

وما القدرة الائتمانية لأي دولة سوى محصلة العناصر التالية:

متوسط دخل الفــرد: كلما ارتفع متوسط دخل الفرد زادت الضرائب والقدرة على تسديدها ويمكن اللجوء لمستوى دخل الفرد كمؤشر للاستقرار السياسي في بلد ما.

نمو إجمالي الدخل المحلي: كلما زادت معدلات النمو الإقتصادي تيسرت عمليات تسديد الدين مستقبلا.

التضخــم: تشير الزيادة في معدلات التضخم إلى مشاكل هيكلية في سياسات الحكومة بالنسبة للاقتصاد الكلي وتمويله.

الميزان المالي: قد يؤدي العجز الهائل في ميزانية الحكومة إلى تقويض الادخار المحلي ويعكس عجز الحكومة أو لجوءها لفرض ضرائب كوسيلة لزيادة الدخل وتسديد الدين.

الميزان الخارجي:

يمثل العجز الهائل في الحساب الجاري اعتماد القطاعين العام والخاص على الاقتراض الخارجي أما العجز الدائم في الحساب الجاري فيعكس رغبة ملحة في الاستدانة.

٣- الديــن الخارجـي:

يعكس تضخم الدين الخارجي احتمالات التوقف عن السداد. كلما تضخم حجم الدين بالعملة الأجنبية بالنسبة لإيرادات العملة الأجنبية (الصادرات) ، زاد حجم العبء.

التنمية الاقتصادية: حين تبلغ الدولة مستوى معينا من التنمية يصعب عليها التوقف عن سداد التزاماتها.

سجل الالتزام بسـداد الديون: عادة ما يتم التحذير من الدول التي توقفت عن سداد التزاماتها فهي عرضة لمخاطر الوقوع في الدين من جديد.

فالاعتبارات النظرية لقدرة الدولة على تسديد الدين السيادي (إيتون ١٩٩٦) والدليل المادي الملموس يشير إلى أن الدول التي توقفت عن السداد قد تعاني هزة شديدة في ثقة الدائنين على دعمها من جديد.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة