العدل والإحسان
 تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢
حقيقة لا شيء أجمع للنفس وأملك للقلب من الأخذ والاستدلال بآيات من الذكر الحكيم الذي يقول الله فيه «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» (سورة النحل)– و«إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها, وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» (سورة النساء) – «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أوفقيرا فالله أولى بهما ,فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا» (سورة النساء) - «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى» (سورة المائدة) - «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» (سورة البقرة)- «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» (سورة البقرة) - «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج»، «جاهدوا في سبيل الله حق جهاده», «هو اجتباكم ما جعل عليكم في الدين من حرج»- «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحطام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» (سورة البقرة)- يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم» (سورة النساء) - «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» (سورة المائدة)- «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, فأولئك هم المفلحون» - «ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده» (سورة الاسراء).
«وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا»– «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه» (سورة البقرة) - «ولا تزر وازرة وزر أخرى» (سورة النجم) - «وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله , إنه لا يحب الظالمين» – «ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل, إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم» - «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا» (سورة الاسراء)- «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» (سورة النساء)- «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا» (سورة النساء).
أخي المسلم وأختي المسلمة لقد جمعت هذه الآيات البينات من كتاب الله تعالى وهي الدالة على العدل والاحسان، وهذا هو الدستور الكريم الذي يطالب به كل مسلم ومسلمة بأن يتم تطبيقة والعمل به ولابد أنهم واصلون إلى طلبهم طال الزمن أم قصر.
ولن يتواطؤوا مع أحد على غير تطبيق أحكام القرآن وسيكشفوا عورة كل من يكذب على الناس مدعيا أنه يعمل بالقرآن ويحكم بما فيه كذبا وبهتانا. وسيكتشف المسلمون كل منقول كذاب ومفتر ونصاب من الذين «يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون»، «ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون» سورة هود – الآية ١٨ – ١٩.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه «جميع ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين».
وقال الله تعالى «ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن، قيل وما المخرج منها؟ قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم, وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم.
وعلى هذا فهل يرضى مؤمن بالقرآن بديلا؟! إن القرآن الكريم المرهم والشفاء لما في الصدور ولا أعدل من التشريع الإسلامي الذي جاء بالعدالة والمساواة في جميع التكاليف والأحكام وفي القضاء والتنفيذ فأحكام الشريعة الإسلامية مبنية على مبدأ المساواة وقد كلف بها الأفراد والجماعات بلا تمييز, وأحكام الإسلام وحدوده وعقوباته لا يستثنى منها غني ولا أمير عريض الجاه ولا خليفة، تدين له الخلائق بالسمع والطاعة والامتثال. فالمسلمون أمام العدالة الالهيه والشريعة الإسلامية سواسية لا فرق بين عربي أو أعجمي ولا بين أبيض وأسود ولا بين حاكم ومحكوم فالكل متساوون في الحقوق والواجبات وفي التكاليف والقوانين والأحكام.
وقد تقرر هذا المبدأ من يوم بزغت شمس الإسلام وسطع النور المحمدي. لقد جاء صاحب الشريعة الاسلامية السمحة المطهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع أصول المعاملات والعدالة والمساواة وأقرها قولا وعملا ودعا أمته إلى حياطتها وعدم التهاون بها ولم يكتف بوضع هذه الأصول القويمة والدعوة اليها والأمر بها وحسب بل انه صلى الله عليه وسلم شرع تطبيقها على نفسه عمليا ليكون في ذلك قدوة حسنة لمن اتبعه ومن خالفة.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه دعا أعرابيا خدشه في وجهه غير متعمد فقال له: «اقتص مني» فقال الأعرابي قد أحللتك بأبي وأمي أنت، ما كنت لأفعل ذلك أبدأ ولو أتيت على نفسي, فدعا له بخير, وقد تقدم مثل هذا في خطبته التي خطبها وهو في مرضه الذي توفي فيه وقد عرض لمن له مظلمة عليه أن يقتص منه ومن ماله وإذا كان هذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكرم مخلوق وأفضل الناس طرأ فمن هو أكرم وأفضل منه حتى يتكبر ويترفع على خلق الله ويشمخ بأنفه إلى السماء وكله مآخذ وعيوب ومطاعن؟ وما لهؤلاء الأدعياء إن كانوا محقين في دعواهم لا يقتدون بسيدي محمد صلى الله عليه وسلم ويعملون بشريعته ويسيرون على سيرته ويتبعون شريعته ومناهجه؟ إن من ادعى شيئا كان عليه بيانه وإلا كذبته شواهد الامتحان.
وقبل أن اختم هذا الموضوع أذكر عناية السادة الأفاضل الذين يقفون مع معارفهم عندما يتورطون في مشكلة ومنها تضيع الحقوق وهذا لمسته من بعض المسؤولين ومن واجبي الوطني أن أبين هذه الحادثة ربما يستفيدون منها وهي بالفعل حادثة تعتبر أروع حادثة: -
وهي حادثة المرأة المخزومية التي سرقت، وذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من بيت مجادة وشرف. فلما أراد رسول الله اقامة الحد عليها عظم ذلك على المهاجرين وقالوا: من يشفع لها عند رسول الله؟ فقالوا: من يشفع إلا أسامة بن زيد حبيب رسول الله, فتكلم أسامة مع رسول الله فغضب وقال له: «أتشفع في حد من حدود الله؟ قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد, والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت, لقطع محمد يدها».
هذا هو العدل بمعناه الصحيح أرأيتموه؟
إبراهيم السندي
.