الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٦ - الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


أفكار فولتيـر ومنتجات الكيمياء الحديثة





لعله فولتيـر الكاتب الفرنسي الساخر (١٦٩٤ -١٧٧٨) الذي صرح ذات يوم بأن «المرأة الجميلة هي أحد منتجات الكيمياء الحديثة».

كانت صناعة منتجات التجميل ومستحضرات الزينة النسائية قد بلغت أوجها زمن فولتير في القرن الثامن عشر في ظل رعاية ملوك فرنسا الذين صار بلاطهم نموذجا للأناقة والأزياء الرائعة والذوق الرفيع والمتعة. لاحظ فولتير أن العطور الفرنسية ومحسنات البشرة والأصباغ المبتكرة قد جعلت نساء فرنسا أكثر أناقة وجاذبية وفتنة، واستنتج أن جهود خبراء التجميل والزينة قد لعبت دورا حاسما في كسب معركة الذوق الرفيع على الجبهة الفرنسية بينما ربح هو ورفاقه من الكتاب والمفكرين والشعراء معارك الفن والفكر والشعر والأدب.

جرت بخاطري تلك الذكريات حين علمت بفوز نادي شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات )CIPG( بالجائزة البلاتينية عن أفضل مشروع سياحي ترفيهي خلال السوق العربية للسفر والسياحة التي عقدت في إمارة دبي خلال الفترة ( من ٣٠ ابريل حتى ٢ مايو ٢٠١٢). عجبت لإختلاف دورة الزمان حيث كانت الكيمياء زمن فولتير تزيد من حسن النساء إلا أن السياحة اليوم - نقيض الكيمياء - وهي صناعة شديدة الحساسية والرقة قد قدمت واحدة من أفضل جوائزها TCUDORP MSIRUOT TSEB إلى شركة متخصصة في إنتاج البتروكيماويات ومشتقاتها الصناعية التي طالما استفدنا من مزاياها التي لا تحصى بالرغم من تحذير البعض من تداعيات صناعة البتروكيماويات حين لا يتم إحكام الرقابة عليها والتأكد من أنها تعمل لصالح المجتمع والبيئة والموارد البشرية الوطنية على نطاق أوسع.

لابد من تهنئة السيد عبدالرحمن الجواهري رئيس الشركة بالفوز بتلك الجائزة المرموقة التي حصل عليها نادي الشركة نتيجة لاستفتاء إلكتروني شارك فيه رواد النادي من العاملين بالشركة وضيوفهم من الزوار، وكذلك الوفود الرسمية التي تزور مملكة البحرين. لقد واكب الحصول على الجائزة نشر التقرير السنوي للتنمية البشرية الذي تصدره الأمم المتحدة وقد احتلت فيه مملكة البحرين المرتبة الـ (٤٢)، وهو موقع متقدم بالنسبة إلى دول العالم والعديد من الدول العربية. من المؤكد أن جهود شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات بالإضافة إلى جهود القلاع الصناعية الرائدة في مملكة البحرين مثل (بابكو) وشركة (ألبا) قد اسهمت في تعزيز عناصر التنمية البشرية التي يلخصها ذلك التقرير السنوي الدولي المرموق، فالجهود الجمعية تأتي ثمارها الطيبة في كل حين.

فهناك دول أكثر ثراء من مملكة البحرين وتتمتع بموارد طبيعية هائلة على المستويين الدولي والإقليمي لكنها لم تحتل المرتبة المتميزة التي سجلتها مملكة البحرين في تقرير الأمم المتحدة السنوي للتنمية البشرية.

فصناعة الخدمات على المستوى الدولي لم تعد تعتمد على سلاسل الفنادق الفخمة والمطارات العملاقة والسفن التي تبدو كالمدن العائمة والطائرات العابرة القارات الأسرع من الصوت لتبرر الحاجة إلى خدماتها ومرافقها، فعلى العكس من ذلك تماما أصبحت تلك المرافق والمنشآت الباهظة الكُلف عبئا على التنمية والبيئة والحياة الفطرية حتى أسلوب الحياة التقليدي الذي ننشده جميعا، فمثلا تدعو الدول الصناعية اليوم إلى فرض ضرائب استهلاك على شركات الطيران الدولية بدعوى أن الطائرات النفاثة تسهم في تلوث البيئة والهواء النقي من جراء انبعاث العوادم ومخلفات الوقود الملوثة للبيئة خلال الرحلات الجوية، حتى ان الفنادق التي تعد مواقع الاستجمام والراحة تتهم اليوم بالاستهلاك المفرط للطاقة (تكييفا وتدفئة)، وكذلك الإسراف في استخدام المياه والمخلفات العضوية الناتجة عن استهلاك الأطعمة والمشروبات بالإضافة إلى عبوات البلاستيك التي تهدد الحياة الفطرية في البحار والمحيطات، حتى ان البعض يدعو إلى الحد من استهلاك وجبات الهامبورجر التي تعتمد على اللحم البقري الذي يلوث البيئة من جراء تناول الأعلاف الخضراء بسبب غاز الميثان الذي يمهد لاتساع ثقب الأوزون وما يجلبه من مخاطر الانبعاث الحراري في الكون

GNIMRAW LABOLG & ENAHTEM التي تضاعف من ارتفاع منسوب المياه فتهدد الجزر الآهلة بالسكان والمدن الساحلية المطلة على الأنهار والبحار والمحيطات والمواقع السياحية التراثية النادرة مثل مدينة البندقية وجزر المحيط الهادي.

لابد من الإشادة بالدور الإيجابي الذي تلعبه شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات لحماية البيئة عن طريق إنشاء أحواض ومزارع أسماك للحياة البحرية تتغذى على مياه الصرف الصناعي التي تتم معالجتها حتى انها أصبحت متعة للناظرين والزوار وطلاب المدارس.

لقد أعرب زوار الشركة عن إعجابهم الشديد بالمروج الخضراء والمتنزهات الترفيهية التي تضم حدائق النباتات وأنواع الطيور التي أثارت إعجاب ملكة هولندا خلال زيارتها لمقر الشركة في عام .٢٠١١ ولا تقتصر جهود الشركة التي تأسست عام ١٩٧٨ على دعم البيئة والحياة الفطرية بل تتعداها إلى دعم الجهود المجتمعية مثل جمعيات المرأة والطفل من خلال المعسكر الصيفي الشهير إلى جانب الاستثمار في التنمية البشرية مع تحقيق أعلى مستويات الجودة العالمية بالنسبة إلى منتجاتها وكفاءة أنظمتها الإدارية، كما تشهد بذلك الجوائز المرموقة وشهادات التميز التي تحصل عليها منذ ثلاثة عقود خلت.

ويأتي فوز شركة (جيبك) بهذا الإنجاز المشرف تتويجا للجهود المبذولة من قبل رئيس الشركة والإدارة التنفيذية والعاملين لتوفير الخدمات الترفيهية والارتقاء بالعمل الجماعي وتطوير الأهداف لصالح المؤسسة والفرد والمجتمع على نطاق أوسع، وكما يؤكد خبراء الإدارة أمثال (دراكر) و(بورتر) فان النجاح يقود إلى نجاح والإنجاز المحدود يؤدي إلى إنجازات غير مألوفة على مستوى الفرد والجماعة، كما أن اللياقة الذهنية للعامل ضرورية تماما مثل لياقة الرياضي المحترف وهذا ما قامت به الشركة على خير وجه، بل انها وفرت البيئة المثالية لعائلات العاملين لممارسة الرياضة والتمتع بمباهج الحياة الفطرية من طيور فريدة وحدائق نباتية خلابة وحياة بحرية رائعة تسهم في تنمية مدارك الأطفال واكتساب مهارات الذوق الرفيع والحفاظ على دعائم البيئة.

لقد ضخت شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات ما يربو على مليار دولار في اقتصاد مملكة البحرين منذ تاريخ إنشائها، بالإضافة إلى عوائد مجزية تقدر سنويا بمبلغ ١٠٠ مليون دولار مساهمة ودعما للاقتصاد الوطني، بالرغم من مناخ الركود الاقتصادي والأزمة المالية العالمية الطاحنة التي نواجهها اليوم، كما أن برنامج الشركة لتدريب أبناء البحرين وتأهيلهم للعمل بالشركة الوطنية يبعث على التحدي والأمل، إلى جانب جهودها المتواصلة لدعم البيئة المحلية والحد من أضرار التلوث التي تهدد الإنسان.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة