الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨١ - الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الإعلام العربي في مواجهة الصدمة

هموم الإعلام والسياسة في منتدى دبي





شاركت مؤخرا في الدورة الحادية عشرة لمنتدى الإعلام العربي في دبي، الذي ينظمه نادي الصحافة في دبي.

دورة هذا العام عقدت تحت عنوان عام هو «الاعلام العربي: الانكشاف والتحول». وتحت هذا العنوان العام، طرحت عديد من القضايا للنقاش في ورش العمل وفي الجلسات العامة للمنتدى. ورش العمل والجلسات حملت عناوين: «نجوم تويتر وصدى التغريدات» و«الشباب العربي.. أما آن أوان ربيعهم الاعلامي؟» و«جيل الاعلام الالكتروني: صحفيون بالفطرة» و«الاعلام العربي وصدمة التغيير» و«الثورات تعيد رسم خريطة النخب» و«الناطق الرسمي الأجنبي، دور متزايد وتأثير ملتبس» و«قنوات يوتيوب، منابر فردية تنافس الفضائيات» و«القنوات الاخبارية والثورات العربية، اسئلة حول التغطية والاداء» و«الانتاج التلفزيوني، أين الابتكار؟» و«الخطاب الاعلامي الديني والدور المنتظر» و«اعلام حر ومصارعة حرة»، كما نرى، هذه العناوين تثير عشرات القضايا والتساؤلات. وقد حرصت على حضور كل جلسات المؤتمر لأعرف الآراء المختلفة والمتباينة التي عبر عنها الاعلاميون إزاء كل هذه القضايا، ومن المستحيل بالطبع تسجيل كل الآراء.

لهذا، اخترت عددا من القضايا التي أظنها محورية، وسأقدم لك عزيزي القارئ، وباختصار شديد في الحقيقة، اهم ما طرح ازاءها من افكار.

على وجه التحديد سأتوقف عند اهم ما طرح بخصوص قضايا اربع اظن ان لها اهمية خاصة:

١ - الشباب والاعلام الجيد.

٢ - الاعلام وصدمة التغيير الذي تشهده الدول العربية، وكيف تعامل معه.

٣ - صراع او خلاف الاجيال في الاعلام والسياسة.

٤ -الخطاب الديني في الاعلام في الوقت الحاضر.

* * *

اضطراب.. تغيير.. وترقب

بداية نشير إلى ان مريم بن فهد، المديرة التنفيذية لنادي دبي للصحافة

في الكلمة التي ألقتها في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، لخصت حال الاعلام العربي اليوم، واهم القضايا المطروحة في المنتدى في عبارات قليلة معبرة.

قالت: «اضطراب.. فوضى.. تغيير.. ترقب، هذه الكلمات تصف حال العالم العربي الآن وخلال السنين الماضية. ومن الطبيعي ان ينسحب هذا الوصف على المشهد الاعلامي العربي، بل ان يكون أكثر وضوحا في هذا المشهد. فالاعلام ليس مرآة للواقع والاحداث فحسب، بل هو موجود في قلب الاحداث وشريك في صنعها، وخاصة في زمن الشبكات الاجتماعية وصحافة المواطن وتكاثر الفضائيات ومواقع الاخبار والمدونات. لذلك لم تكن دورة المنتدى هذا العام لتخرج عن السياق العربي العام، سياق التغيير والانكشاف.. فقد كانت السنة الماضية سنة كاشفة بامتياز.. كشفت حقائق الواقع كما هي وفي اكثر من بلد عربي. لقد دفعت الاحداث الاعلام دفعا إلى كشف الحقائق بما في ذلك حقائق الكثير من مؤسسات الاعلام ورسائله. ولهذا، تركز حوارات هذه الدورة على قضايا تؤثر في مستقبل صناعة الاعلام. فمن اللغة المستخدمة في التعبير عن الرأي والحوار، مرورا بدور الخطاب الديني في الاعلام الفضائي والشبكي إلى نظرة في المنتج التلفزيوني وتحديات الابتكار امام المنابر الفردية الالكترونية ودور الناطقين الاعلاميين الرسميين، مع نظرة استشرافية على جيل الفطرة الالكتروني الذي ولد في عصر الانترنت ودور الشباب في هذه المرحلة، ومدى قدرة وسائل الاعلام كافة على الاستفادة من الدروس والتجارب».

* * *

الشباب والاعلام

من الأمور التي تحسب للمنتدى انه افسح مجالا كبيرا للشباب للمشاركة في اعماله. المنظمون للمنتدى حرصوا بداية على دعوة عدد كبير من طالبات وطلبة كليات الاعلام في الامارات للمشاركة في المنتدى. وتم تخصيص ثلاث ورش عمل تناقش مختلف القضايا المتعلقة بالشباب والاعلام، وكان المتحدثون فيها هم من الشباب انفسهم، بالاضافة إلى مشاركتهم في جلسات العمل العامة.

وقد حرصت على المشاركة في احدى ورش العمل هذه كي اتابع عن قرب كيف يفكر الشباب في قضايا الاعلام.

كان الموضوع المطروح للنقاش هو موقف الشباب من الاعلام التقليدي والاعلام الجديد، والمتحدثون كانوا جميعا من الشباب طالبات وطلبة الاعلام.

كل المتحدثين شنوا هجوما عنيفا على الاعلام التقليدي، وشديدو الحماس بالطبع للاعلام الجديد عبر الانترنت.

التبريرات التي قدموها ليس فيها جديد ومعروفة من قبل، وهي تتلخص اساسا في امور ثلاثة:

الأول: ان الاعلام التقليدي بشكل عام لم يستطع التعبير عن الهموم والقضايا العامة، ويغلب عليه الطابع الحكومي او الرسمي، كما انه لم يستطع ان يعبر عن جيل الشباب، ولم يتح امامهم المجال للتعبير عن انفسهم وعن افكارهم ورؤاهم.

والثاني: ان الاعلام الجديد عبر الانترنت هو الذي أتاح المجال واسعا امام الشباب للتعبير عن أنفسهم بمختلف السبل. ليس هذا فحسب، بل ان هذا الاعلام الجديد هو الذي أعطى الفرصة لجيل الشباب كي يتفاعل مع الاحداث والتطورات العامة ويشارك فيها.

والثالث: ان الاعلام الجديد بالمقارنة بالاعلام التقليدي اكثر تعبيرا عن التعددية في الافكار وفي المواقف. وبالاضافة إلى هذا، فهو أكثر مواكبة للأحداث والتطورات لحظة بلحظة.

دخلت في حوار مطول مع الشباب المتحدثين حول موقفهم الذي عبروا عنه من الاعلام الجديد والتقليدي.

ملخص الرأي الذي طرحته عليهم هو ان الاعلام الجديد مع كل ما اتاحه من تعدد ومن فرص للتعبير عن الرأي بالمقارنة مع الاعلام التقليدي، الا انه في نهاية المطاف اعلام غير منضبط، وليست له مصداقية كبيرة. فعلى عكس اجهزة الاعلام التقليدية، فان هذا الاعلام الجديد لا يدقق ولا يسعى لتحري الدقة في المعلومات التي يقدمها.

وبالاضافة إلى هذا، قلت ان هذا الاعلام الجديد هو في احيان كثيرة اعلام منفلت لا يستشعر المسئولية العامة، ولذلك فهو في احيان كثيرة يلعب ادوارا في منتهى الخطورة على المجتمعات، من قبيل التحريض على الفتنة الطائفية او التحريض على العنف.

وسألت الشباب عن رأيهم في هذه الجوانب السلبية في الاعلام الجديد، وما اذا كانت لديهم أي افكار حول كيف يمكن ضبط هذا الاعلام، واحتواء هذه الادوار الشديدة السلبية التي يلعبها.

الأمر العجيب ان ما قلته لم يعجب المتحدثين من الشباب اطلاقا. وفي تعليقاتهم على ما قلت، وان كانوا قد قبلوا على مضض بحقيقة ان الاعلام التقليدي اكثر مصداقية وتدقيقا من الاعلام الجديد، فانهم ردوا على ما اثرت بالقول إن الاعلام الجديد ليس هو الذي خلق المشاكل في المجتمعات العربية كالفتنة الطائفية او العنف. ورفضوا رفضا مطلقا فكرة ان تكون هناك أي محاولة لضبط هذا الاعلام الجديد او وضع قيود عليه. والحل الذي طرحوه هنا هو فقط محاولة نشر الوعي العام في المجتمع.

الحقيقة هذا النقاش يلخص جوهر المشكلة التي نواجهها مع هذا الاعلام الجديد. من جانب، نحن ازاء شباب متحمس لهذا الاعلام الجديد ولديه طاقة كبيرة يعبر عنها. هذا في حد ذاته امر ايجابي. لكن الذي ليس ايجابيا انه لا احد يعرف حتى الآن كيف يمكن ان يضبط هذا الاعلام الجديد ويرشد استخدام هؤلاء الشباب له، ويجبنبنا السلبيات الكثيرة المرتبطة به.

* * *

الاعلام وصدمة التغيير

كانت هذه من اكبر الموضوعات التي ناقشها المنتدى، وعبر اكثر من جلسة ومن زوايا مختلفة.

تساؤلات كثيرة كانت مطروحة هنا من قبيل: كيف نقيّم الدور الذي لعبه الاعلام وخصوصا الفضائيات ازاء صدمة التغيير التي عصفت بالعالم العربي؟ هل كان الاعلام محرضا على الثورات؟ هل كانت التغطيات الاعلامية لما يجري في الدول العربية موضوعية؟ هل لعبت هذه التغطية دورا سلبيا؟ إلى آخر مثل هذه التساؤلات المعروفة والمثارة بالفعل منذ فترة.

وعلى الرغم من كثرة من ادلوا برأيهم في هذه القضايا، لا استطيع ان اقول انني سمعت شيئا جديدا لا نعرفه.

وعلى اية حال، استطيع ان الخص الآراء التي طرحت بهذا الصدد في الجوانب التالية:

١- ان الاعلام، مثله مثل الكل في العالم العربي، قد فوجئ بما جرى وبانفجار الوضع في عديد من الدول العربية واندلاع ثورات على النحو الذي حدث. واجهزة الاعلام المختلفة، وخصوصا الفضائيات، لم تكن مهيأة للتعامل مع هذا الوضع. لكنها بشكل عام حاولت الاجتهاد، وبالطبع ارتكبت الكثير من الاخطاء لكنها ايضا لعبت ادوارا ايجابية.

٢- انه لا يجوز تحميل الاعلام مسئولية كل الاخطاء والمشاكل التي تعاني منها الدول العربية والتي ارتبطت بمرحلة التغيير التي نمر بها.

لا يجوز مثلا اعتبار ان بعض اجهزة الاعلام هي المسئولة عن التحريض على التمرد والثورة وما شابه ذلك.

احد المتحدثين قال بهذا الصدد «ان وسائل الاعلام لم تكن مسئولة عما يحدث. فقد كانت تنقل الخبر والحدث للمشاهد. وسائل الاعلام لم تدفع البوعزيزي لحرق نفسه، ولم تدعو البلطجية في مصر إلى القتل، كذلك لم تكن وراء ارسال الدبابات إلى حي بابا عمرو في سوريا».

٣- انه بشكل عام لا يوجد شيء اسمه الحيادية في الاعلام وفي التغطية الاعلامية. وسائل الاعلام هي بالضرورة منحازة بغض النظر عن طبيعة انحيازها.

بعض المتحدثين اصروا هنا على انه في وقت التغيير الذي يجتاح العالم العربي، فان المطلوب من اجهزة الاعلام ان تكون منحازة للحق وللمظلومين والا تتخلى عن هذا الدور بدعوى الحياد.

كثير من المتحدثين اكدوا انه على الرغم منه لا يوجد حياد، لكن المطلوب اساسا من اجهزة الاعلام تحرى الموضوعية والدقة قدر الامكان.

٤ - ان الدول العربية بشكل عام تمر بفترة انتقالية صعبة وغير واضحة المعالم. وفي هذه الفترة من المفترض ان تتحلى اجهزة الاعلام بشكل عام باقصى درجات الاحساس بالمسئولية والانضباط.

٥- وكي يقوم الاعلام بهذا الدور المنتظر في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها العالم العربي، أكد كثير من المتحدثين جانبين جوهريين:

اكدوا من جانب قضية، المهنية، بمعنى ان العاملين في الاعلام يجب ان يكونوا على اعلى درجات التأهيل المهني من جانب، وضرورة الالتزام بالمعايير المهنية في العمل الاعلامي من جانب ثان.

وبعض المتحدثين اكدوا من جانب آخر الحاجة إلى صياغة ميثاق شرف اعلامي يضعه الاعلاميون انفسهم يلتزمون به.

متحدثون آخرون تحدثوا عن الحاجة إلى ما اسموه بـ «عقد اعلامي جديد» في العالم العربي.

هذه باختصار شديد اهم الافكار التي طرحت في المنتدى فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالاعلام العربي وصدمة التغيير التي يعيشها العالم العربي.

* * *

الاعلام والخطاب الديني

هذه من القضايا المهمة التي ناقشها المنتدى.

الفكرة هنا انه مع تسارع وتيرة الحراك السياسي والاجتماعي في الوطن العربي، لعب الخطاب الإعلامي الديني دوراً كبيراً في التأثير في الجمهور العربي، في الوقت الذي تؤكد فيه الإحصائيات أن المحتوى الديني يحتل مراتب متقدمة في المتابعة إلى جانب المحتوى الترفيهي والسياسي، في ظل وجود ٥١ فضائية دينية عربية في عام .٢٠١١

ويمكن تلخيص اهم الافكار التي طرحها المتحدثون بهذا الصدد على النحو التالي:

الدكتور حسن حنفي اعتبر ان الخطاب الديني أهم الخطابات المؤثرة، فهو أهم من الخطاب السياسي والثقافي وذلك لقدرته على التأثير في الناس. فبعد الثورات العربية الأخيرة، بدأت الجماعات الدينية بتشجيع الثورات وبانتقاد النظم السابقة، وتساءل: لكن أين كانت هذه الجماعات في الأعوام السابقة؟

الشيخ خالد الجندي قال: لقد تورط الإعلام الحالي في وضع الفتوى بدل الحكم، والحكم بدل الفتوى، مما أدّى إلى كارثة حقيقية بين الجمهور العربي والإسلامي، وخاصةً بعد أن تحول العالم إلى قرية صغيرة. يجب أن يتمتع كل من يتكلم في الدين بعدد من الصفات الأساسية مثل العلم، والثقافة، والشخصية المناسبة، والموهبة في التحدث وذلك لحساسية المواضيع الدينية وأهميتها. قال إن خلط الدين مع السياسة هو أكبر كارثة في زمننا الحالي ممّا أثر بشكل سلبي على كليهما.

ولفت المتحدثون النظر إلى ظاهرة خطيرة هي تحول بعض وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة إلى ساحة للتعصب يسودها العنف اللفظي والتكفير والتخوين، وترافق هذا التحول مع أصوات تنادي بضرورة تجديد الخطاب الديني ومقابلة الفكر بالفكر في التعاطي مع الاضطرابات .

وقال المطران عطا الله حنا: إن علاقة المسلمين والمسيحيين في الوطن العربي هي ليست علاقة حوار وتلاق فحسب، إنّما هي قومية وحضارة عربية واحدة، إن الخطاب الديني المتطرف الذي لا يقبل ولا يحترم الآخر يصبّ في مصلحة الاستعمار القديم والجديد وخاصةً في فلسطين.

وقال اننا نتمنى على دعاة الدين أن يكون خطابهم خطابا دينيا حقيقيا لأن الخطاب الذي يكفّر ويسيء للآخرين ليس خطاباً دينياً. إذا اردنا أن نواجه الاحتلال في فلسطين فعلينا أن نتوحّد مسلمين ومسيحيين في مواجهة هذه الخطابات المتطرفة التي يطمح إليها الاحتلال.

* * *

صراع أجيال ونخب

بعض جلسات المنتدى كشفت عن وجود خلاف او بالاحرى صراع بين اجيال ونخب عربية، وخصوصا فيما يتعلق بادوار الاجيال المختلفة في التغيير الذي يشهده العالم العربي.

اثير الحديث عن هذا الخلاف او الصراع في جلسات المنتدى في مناسبتين.

كانت المناسبة الاولى، حين تحدث الدكتور فاروق الباز العالِم العربي المعروف الذي القى الخطاب الافتتاحي في المؤتمر.

الدكتور الباز وفي معرض اشادته بالشباب العربي اليوم والدور الذي قام به في عملية التغيير التي تشهدها الدول العربية قال إن جيلنا، ويقصد جيل الخمسينيات والستينيات في العالم العربي فشل فشلا ذريعا.

وبرر ذلك بالقول بأن هذا الجيل فشل في تحقيق كل الآمال التي قال انه يسعى إلى تحقيقها، وهي توحيد الامة العربية وتحرير فلسطين وتطبيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة.

بعد ان تحدث الدكتورالباز هب محيي الدين عميمور السياسي الجزائري المعروف غاضبا، ورفض ما قاله الباز تماما، وقال «أرفض رفضا مطلقا القول بان جيلنا فشل في تحقيق امانيه» وتحدث عن حركة النمو في العالم العربي والتقدم الذي حدث في مختلف المجالات: التعليم والعمران.. الخ منذ ستينيات القرن الماضي حتى اليوم.

اما المناسبة الثانية التي اثيرت فيها القضية، فقد كانت الجلسة التي ناقشت النخب العربية ودورها اليوم.

في هذه الجلسة ظهر تياران:

تيار عبر عنه بعض المتحدثين ويرى انه من الظلم الشديد القول بان النخب العربية القديمة، أي التي ليست شابة لم يكن لها دور في الثورات والتغيير الذي يشهده العالم العربي. هذه النخب فيها مفكرون ابدعوا وناضلوا وهم الذين مهدوا الطريق إلى هذا التغيير.

وتيار آخر عبر عنه احد المتحدثين الشباب، وطرح وجهة نظر مؤداها ان الجيل العربي الشاب الذي فجر هذه الثورات ابدع في الفكر وفي التنظيم، وقدم نظريات جديدة في التنظيم السياس والاجتماعي لم تخطر ببال النخب القديمة ولم تبشر به.

هذه في الحقيقة قضية يطول الحديث فيها ويمكن ان أعود لمناقشتها لكن أردت فقط ان أعرض لأهم ما أثير بشأنها في المنتدى.

* * *

ملاحظات ختامية

الحقيقة أن ما عرضت له هو كما ذكرت مجرد تسجيل لما اعتبر انها أهم الافكار التي طرحت في منتدى الاعلام العربي في دبي.

يبقى ان لي عددا من الملاحظات اظنها مهمة أود تسجيلها، وهي على النحو التالي:

١ - الحقيقة ان طريقة تنظيم مثل هذه المنتديات الاعلامية، التي كثرت في العالم العربي، لا تتيح المجال للتعمق في بحث أي قضية من القضايا المطروحة.

الحادث أن في هذه المنتديات يبدي المتحدثون ملاحظات عامة سريعة، وفي الغالب الاعم من دون إعداد مسبق.

كما ان العدد الكبير من الذين تتم دعوتهم لا يتيح المجال لأي نقاش موسع لي قضية او فكرة يتم طرحها.

٢ - وفي هذا السياق اندهشت لأمر معين. بمناسبة عقد المنتدى، أصدر نادي دبي للصحافة المنظم للمنتدى تقريا مطولا مهما عنوانه «نظرة على الاعلام العربي » يتضمن تحليلات ودراسات مهمة عن حال الاعلام العربي.

الامر الغريب انه لم تخصص جلسة مثلا لمناقشة ما طرحه التقرير وتقييمه، ولم تكن حتى المعلومات المهمة التي يتضمنها حاضرة في النقاشات التي شهدتها جلسات المنتدى.

٣- المشكلة الكبرى في لقاءت الاعلاميين في منتدى دبي وفي منتديات اخرى على نحو ما أتابع ان الكثير جدا من الاسئلة يتم طرحها، ولكن من دون إجابات واضحة.

اعني ان النقاشات التي شهدها المنتدى كما رأينا فجرت عديدا من المشاكل والازمات المتعلقة بالاعلام العربي وادائه، لكن من دون تقديم حلول او اقتراحات بحلول لهذه المشاكل والازمات.

وعلى اية حال، هذه الملاحظات لا تقلل من حقيقة ان منتدى دبي للاعلام العربي استطاع ان يكرس مكانته كأحد اهم ملتقيات الاعلام العربي على الاطلاق. ومجرد ان يلتقي هذا العدد الكبير من الاعلاميين ويناقشوا قضاياهم وقضايا المجتمعات العربية هو في حد ذاته امر له اهمية كبيرة. والجهد الهائل الذي يبذله القائمون على تنظيم المتدى وكلهم شباب متحمس هو ولا شك جهد يستحق التقدير الكبير.







.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة